لماذا وإلى أين ؟

غول العهدة الثالثة

محمد بوبكري

‎يؤكد تشبث زعامة الاتحاد الاشتراكي الحالية، بمنح زعيمها إمكانية للترشح لعهدة ثالثة. الثقافة التسلطية البعثية لهذه الزعامة، التي تصر على التمسك بالسلطة في هذا الحزب، ضدا على إرادة المناضلين، الذين بنوا هذا الحزب، وعملوا على استمراره.

لقد تحول اتجاه الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من حزب جماهيري تقوده نخبة مثقفة مستنيرة إلى حزب انتخابي، تتصيد زعامته الفرصة لتغيير جينات الحزب الوطني الكبير، الذي بني بدماء الشهداء، “بوافدين” جدد مهامهم الموسمية، تقتصر في الانتخابات وفي الوفاء الأعمى لذوي الفضل في استقدامهم لحزب لا تربطهم به صلة لا نضالية ولا تنظيمية.

لقد عملت البعثية الجديدة بمنطق “تغول” أفرغ الاتحاد الاشتراكي من النواة الصلبة لوجوده والمتمثلة في التدوال الديمقراطي على المسؤوليات، ولم تكن المهمة شاقة أمام هذا النظام البعثي الجديد، الذي استبعد القابضين على جمر الفكرة الاتحادية، وتحويل الحزب لوكالة استقدام للأثرياء الذين يصلحون للتمويلات والتصفيقات دون غيرها.

‎النتيجة كانت حتمية، في ميلاد نسخة من حزب خال من روح الديمقراطية، ومن قيمها، الأمر الذي قاد إلى
‎تناقص فعاليته السياسية وتراجع دوره من حيث إدماج المواطنين في الحياة السياسية وتقلص دوره في الارتقاء بالممارسة الديمقراطية، وزيادة امتلاك المواطنين لمزيد من مصادر المشاركة السياسية الفعالة.

ونظرا للضعف التنظيمي لهذا الحزب، فقد بات آخر هموم زعامته هي الديمقراطية نفسها، وتطويع النصوص والأنظمة الداخلية خدمة لشغف الاستمرار الذي لن ينتهي إلا بالسلطوية والتسلط، على روح الاتحاد الاشتراكي، الذي حولته سلطوية الزعامة الحالية من حزب لأسرة يسارية كبيرة، لأسرة من المقربين بالدم والولاء الأعمى للمصالح.

لقد كان الاتحاد الاشتراكي بيتا عصي الأبواب والنوافذ، على أثرياء الانتخابات، ولقد كان البيت الاتحادي على خطى النقيض فكريا وثقافيا مع فكر هذه الفئة التي وجدت في الزعامة الحالية ملجأ دافئا يحميها، ولا يمكن أن يقدم هذا الدفء بالمجان.

‎إن الأمر الخطير أن هذه الفئة التي استقدمت لحزب الاتحاد لأجل ترشيحهم باسمه لتمثيله في مختلف المؤسسات التمثيلية. لم تنل مرادها الرخيص فقط، بل غيرت تدريجيا الـADN الاتحادية نحو موالين وأتباع وخدم معترفون بدين المصالح، ويردون الجميل كلما طُلب منهم ذلك وأسهل عرفان يبذلونه لزعيمهم هو رمي القوانين الحزبية من أقرب نافذة.

‎لقد تمكنت هذه الوصفة الغربائبية من إفراغ الاتحاد الاشتراكي من مناضليه ومؤسسيه، وتحويله إلى هيكل خال من أي مضمون شتراكي ديمقراطي، فصار غاصا بوافدين جدد غرباء عنه، فتخلى عنه المناضلون، وغادره المثقفون، ولم يعد فضاء يمكن أن يتنفس المرء داخله بحرية.

‎وأصبح مجرد هيكل، عاجز عن إنتاج أي فكرة، أو أي قيمة، وأصبح مؤسسة لتفريخ الفراغ الفكري والقيمي،
‎لأن الذي لا ينتج الفكر، ولا المشاريع، لا يمكنه أن ينتج قيمه، ولا يمكنه التجدد بعد أن أصبح رهينة بين يدي زعامة مهيمنة لا ترضى عن الولاء بديلا.

إن الزعامة الحالية لبقايا الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والتي رفعت شعار تناوب جديد إبان الحملة الانتخابية، هي التي تطوع قوانين الحزب اليوم لا خدمة للتناوب بل رفضا له داخل الاتحاد.

وإن الزعامة الحالية التي وصفت التحالف الحكومي بالتغول، وألصقت هذه الصفة بالأحزاب المشاركة فيه هي من تستعين بتغول لا حد له لإقبار الفكرة الاتحادية من أصلها. إن هذه الزعامة التي وصفت يوما ما هيئة سياسية بعبارة الوافد الجديد أوفدت هي نفسها لا وفدا وحيدا بل وفودا بصلاحية الولاء والاستكانة للمصالح.

إن ما وقع في دورة المجلس الوطني لـ18 من شهر دجنبر لم تكن لتفصل بأي حال من الأحوال عما سلف، وقد يصبح هذا الاتحاد قابلا لكل شيء بما فيها الولاية الرابعة والخامسة ولم لا توريث الحزب كاملا.

مرشح الكتابة الأولى للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

5 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
محمد أيوب
المعلق(ة)
20 ديسمبر 2021 09:35

هكذا هم جميعا:
حينما يكونون في منصب الرئاسة:دولة أو حزب أو حتى جمعية أو نادي رياضي يقولون بأنهم لن يترشحوا مجددا،وأنهم سيكونون بعيدين فقط… لكن ما أن يتحدد تاريخ الانتخابات أو يقترب موعدها تجدهم يحركون بيادقهم لأجل تغيير القانون والنصوص التنظيمية وكافة المقتضيات التي تسمح لهم بالتقدم للترشح لعهدة جديدة… هكذا هي السياسة في الدول المتخلفة بصفة عامة والدول العربية بصفة خاصة من المحيط إلى الخليج…الموت وحده هو من يجعل رؤساء الدول والأحزاب وغيرهما يترجل من مناصب المسؤولية…لا يهم السن أو القدرة أو الكفاءة أو التشبيب أو فتح المجال للغير…تلك فقط مجرد شعارات يثق بها المغفلين…إدريس لشهر ليس استثناء…امحند العنصر ليس استثناء…بنعبد الله ليس استثناء…وهم جرا…

مريمرين
المعلق(ة)
20 ديسمبر 2021 07:30

المناضلون الصادقون صلوا صلاة الجنازة على حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية منذ صعود الزعامة الحالية…

محمد
المعلق(ة)
20 ديسمبر 2021 03:08

هذا المقال يعرب على وضعية الاتحاد نعم لقد عرف استقطاب وفود لا علاقة لهم بالفكر الاشتراكي بل هم سماسرة الانتخابات ليس إلا وهذ ا ما رفضه المناضلون الشرفاء وخرجوا من الحزب تاركون السماسرة يعيثون فسادا .وهذا ما حدث بالفعل في جرادة عند ما انحرف الحزب وشجع العاطل الغالي فوصل الى البرلمان وحضي بولاية ثانية بجماعة جرادة ثم الراشدي الذي وفد على الحزب وحصل على ولايات برلمانية لكن خسر الحزب مناضلين الشرفاء وخسر الحزب نفسه فتصبح حزبا لا قواعد له وهذا وضع الحزب وطنيا

Simo Ben
المعلق(ة)
20 ديسمبر 2021 02:21

هذا من حقهم وهذه هي “الديمقراطية ” في حزبهم لأنه شيئ داخلي تنظيمي محظ،و بالتالي فالقيادة الحالية لها مفهومها الجديد للعمل الحزبي و السياسي مستقبلا مع تخلي أو بالأحرى كان عبءا عليها و انتهت صلاحيته وهي( الطبقة المتوسطة و الفلاحين ،العمال ،رجال التعليم ،العاطلين،الكادحين….) اللذين كانوا في وقت قريب القاعدة أو الخزان الانتخابي.

مواطن
المعلق(ة)
20 ديسمبر 2021 00:15

فين هي الأستاذة حنان رحاب، باش تنورنا، ولكن اقول للاتحاديين الحقيقيين لا يحكنركم لشكر intimider فهو يستعمل سياسة واسلوب معين حتى يخلو له الطريق. قولوا له با تنبت هنا.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

5
0
أضف تعليقكx
()
x