لماذا وإلى أين ؟

رسالة مفتوحة إلى الشّهيد المهدي بنبركة

 محمّد بلعيش

أخي المهدي

من ثخوم المغرب العميق أكتب إليك…من مدينة احتضنت ثوّار العالم أكتب إليك…من قلب عصيّ على اليأس أكتب أليك…من بركان الأمل في غد أفضل أكتب إليك…
لماذا أكتب؟

أكتب لأبوح فوق الورق ، أكتب لأهرب من ضجيج “الشّخص والشّخصة…والفرد والفردة…”، أكتب لأنجو من تهديد “قطع أعصاب الأرجل”، أكتب بعيدا عن الصعقات التّنظيميّة لل”كهربائي “، أكتب تعجّبا من عجب “عجاب”..

مهلا…هل تفهم ما يقال؟ ولا أنا…ولكن هكذا أصبح يتكلّم المكتب السّيّاسي في زمن البؤس و”التعريجة”. لقد تكدّر المصبّ لدرجة استحال معها الارتواء، ولا سبيل أمامنا غير الرّجوع للمنبع بين صفحات الكتب وتاريخ الفكرة العالق بجدران السّجون، وبين نشيج الضّحيّة، وأسواط الجلّاد.

أخي المهدي

منذ السّاعات الأولى وأنا أسابق الزّمن، للدفاع عن قلاع “انتفاضة 25 يناير 1959″، رغم علمي المسبق باستحالة المهمّة. ف”نورون” جهّز جيشه يزحف نحو “حسّان”، ليلقي على مسامع الدّيمقراطيّين -بالوكالة-مقاطع من”السّيرة الذّاتيّة لسيّاف عربي”:

أيها الناس

لقد أصبحت سلطانا عليكم

فاكسروا أصنامكم بعد ضلال ،واعبدونى…

إحمدوا الله على نعمته

فلقد أرسلنىكى أكتب التاريخ،

والتاريخ لا يكتب دونى

مياه كثيرة جرت تحت الجسر، وكما لروما “نيرونها” الذّي أحرقها على أنغام السّاديّة، فللاتّحاد الاشتراكي للقوّات الشّعبيّة “نيرونه” الّذي يحرقه عند أعتاب الأحزاب الإداريّة. إنّه يبرّ بقسمه الّذي قطعه ذات مؤتمر رابع.
أخي المهدي

لم أشك يوما أنّك أنت من اختار أن يظلّ بلا قبر، ولأنك كما وصفك رفيقك السّي عابد “فكرا يتحرك، وحركة تفكّر. وأن الزمان والمكان يفقدان جوهرهما معك”، فقد استبدلت حفرة مظلمة بقلوب الملايين من الصّادقين في هذا الكون الفسيح. ولهذا لا نستطيع أن ننساك، ولا نملك إلّا أن نبكيك أحيانا، ونعضّ على الفكرة بأسنان تصطك تحت جليد الانتهازيّة الّذي بات يحيط بنا من كلّ جانب.

نختار طواعيّة ودون تفكير أن نقف لجانبك على حدود 25 يناير 1959، ونتبرّأ لك و للشّعب المغربي وللتّاريخ من ضلال 25 يناير 2022. نرفض أن نؤسّس للاستبداد باسم الحريّة الجماعيّة، نرفض أن يصبح الحزب تحت رحمة “محجوب بن الصّديق” آخر، نرفض بدعة “القائد الضّرورة”، نرفض أن تصبح الصّفحات الّتي كتب عليها محمد عابد الجابري، وعبد الرحمان اليوسفي، ومحمد بها، ومصطفى القرشاوي، وعبد الرّحيم بوعبيد، وثريّا السّقّاط،، والوديع الأسفي، وعمر بنجلون، صفحات إقصائيّة للرّأي المخالف للقيادة، نرفض أن تصبح المعارضة الّتي كان الملك الحسن الثّاني رحمه الله يتابع أطوارها من القصر الملكي، معارضة “لايت”، نرفض بأن يتطاول النّكرات على العزيز مبارك بودرقة وغيره من المناضلين والمناضلات، نرفض بأن يصبح البرلماني والمستشار الاتّحادي يطالب الدّولة بالملكيّة البرلمانيّة، ويسجد في المقاب ل”صنم العرعار”. نرفض بأن يحلّ المال محلّ الفكرة و الارتباط بالقوّات الشّعبيّة.

أخي المهدي

إن كنت تسأل عن حالنا، فلن أجد أبلغ من هذا:

معين الدمع لن يبقى معينا … فمن أي المصائب تدمعينا

زمانٌ هون الأحرار منا … فديت وحكم الأنذال فينا

وعلى الرّغم من كلّ هذا الظّلام الدّامس، مازلنا نهتدي بنورك، لبناء مغرب لكلّ المغاربة، مغرب عادل، مغرب ديمقراطي، مغرب متضامن، مغرب متصالح مع ماضيه قولا وفعلا، مغرب تكون الكلمة الفصل فيه للحق وللقانون. ونحن ننتظر غدا حكم القضاء والقانون، على البدع التّنظيميّة، على الإقصاء الممنهج ضدّ المناضلين، على الولاية الثّالثة، على مؤتمر التّعيينات، على مؤتمر القيادة الشّموليّة…

لا أمنية للديمقراطيّين في هذا البلد، والوطنيّين الصّادقين إلّا أن يجهروا ب:

فإن الحق مشتاق إلى أن … يرى بعض الجبابر ساجدينا

أخي المهدي
نم قرير العين فسندافع عن هذا الشّعب وعن هذه الفكرة إلى أن يتوقّف القلب. فحن اتحاديّون واتّحاديّات نشرّف مناصبنا ولا نبحث عن الشّرف في المناصب. وإذا حاصرنا الإخوةالإقصائيون، والأخوات الإقصائيّات داخل البيت، فسننت الفكرة في الحديقة، ونوزّع ثمارها على ربوع الوطن.

أخوك محمد بلعيش مناضل من الهامش

بركان 25 يناير 2022

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين و إنما تعبر عن رأي صاحبها حصرا.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
عبدالرحيم
المعلق(ة)
26 يناير 2022 22:04

لشكر ماض في مخطوطه المخزني و نجح في تجييش (الاتحاديين)الانتهازيين .
لكن كل اللوم الذين كانوا يتبجحون بالانتماء إلى مدرسة عبدالرحيم بن عبيد و على رأسهم البجعدي

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x