لماذا وإلى أين ؟

إسبانيا تَخْسرُ من إغلاق أنبوب الغاز المغربي أكثر من تَداعيات أحداث أوكرانيا

تُواصل إسبانيا تكبُّد خسائر مالية ضخمة جراء إغلاق الأنبوب المغاربي-الأوربي الذي كان ينقل الغاز الجزائري نحو أوروبا، حيث اعتبرت وسائل إعلام إسبانية أن  بلادها تخسر بسبب “صراع الغاز” بين الجزائر والمغرب أكثر مما تخسره في أوكرانيا.

وأوضحت صحيفة “capital madrid“، في مقالٍ تحليلي، أن “قطع إمدادات الغاز الروسي يمثل 9 بالمائة لإسبانيا مقارنة بأكثر من 40 بالمائة للجزائر.

وأوردت الصحيفة أن “دعم حكومة بيدرو سانشيز للولايات المتحدة في نزاع أوركانيايييثير الشك، حيث لن تتسبب حربٌ غير محتملة بين روسيا وأوكرانيا في مشاكلَ خطيرة في إمدادات الغاز لإسبانيا، على الرغم من أن الخفْض المُحتمل لأوروبا سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الطاقة العالمية”.

وشدّدت الصحيفة على أنه مع إغلاق نقل الغاز الجزائري عبر المضيق من قبل المغرب، كان على إسبانيا أن تجِدَ لنفسها موطئَ قدمٍ في السوق العالمية للغاز المُسال، مع كون العيب الوحيد هو الثمن الباهظ المدفوع”.

ولفتت الصحيفة الإنتباه إلى أن الوضع الجيوسياسي بين روسيا و أوكرانيا لا يُقْلِقُ إسبانيا كثيرًا بشأن تأثير التهديد بقطع إمدادات الغاز عن أوروبا كما هو الحال بالنسبة للتأثير الذي يمكن أن يحدثه على الأسعار، سواء في النفط أو الغاز، مُشيرة إلى أنه في الوقت الحالي، تبيع روسيا لإسبانيا ما يزيد قليلاً عن 9 بالمائة من الغاز الذي تستهلكه”.

وشدّدت على أن المعضلة التي تواجه إسبانيا فيما يتعلق بالغاز الطبيعي لا تزال تكمُن، من ناحية، في ارتفاع تكلُفة سِعْره، حيث إنه السبب الرئيسي لعدم انخفاض تعريفة الكهرباء بإسبانيا، ومن ناحية ثانية من خلال المشكلة الناجمة عن إغلاق خط أنابيب الغاز الجزائري بين المغرب و أوروبا الذي دخل من خلاله حوالي 6000 مليون متر مكعب من الغاز إلى إسبانيا.

واعتبرت “capital madrid”، أن توتُّر العلاقات بين الجزائر و المغرب يمثل صراعا حقيقيا للسلطة التنفيذية لبيدرو سانشيز، حيث ترك إغلاق خط أنابيب الغاز المغاربي – الأوروبي بسبب توتر العلاقات بين الجزائر و المغرب (ترك) إسبانيا في انتظار قناة إمداد وحيدة فقط عبر منشأة “ميدغاز” الجزائرية التي تتصل بشبكة التوزيع من ألميريا و النقل بالقوارب، موردة أن هذا “قد يؤدي أي فشل مُحتمل في طريق الإمداد هذا إلى تعريض البلاد لخطر انقطاع التيار الكهربائي المحتمل”.

وأضافت أن  وزيرة الطاقة الإسبانية، أكّدت، بعد إغلاق خط أنابيب الغاز المغاربي-الأوربي، على أنه لا يوجد سبب للقلق الشديد، على الرغم من أن بعض الخبراء يحذرون من الضعف الذي تعاني منه إسبانيا الآن بعد إغلاق خط أنابيب الغاز، حيث كان للمنشأة المذكورة القدرة على نقل 8000 مليون متر مكعب، وهو ما يجِبُ تعويضه الآن، من خلال جزء من خط أنابيب الغاز “Medgaz” عبر ألميريا، والآخر عن طريق السفن.

ووفق نفس المصدر، فقد أبرمت الحكومتان الجزائرية والإسبانية اتفاقا لزيادة طاقة النقل لخط أنابيب الغاز الثاني “ميدغاز” عبر ألميريا بنحو 2000 مليون متر مكعب سترتفع من 8000 مليون متر مكعب إلى نحو 10 آلاف مليون، وهذا يعني أن هناك كمية كبيرة من الغاز الطبيعي – في حدود 4000 مليون متر مكعب – يجب نقلها بواسطة ناقلات الغاز من البلدان المُوَرِّدة الأخرى.

وبناء على بيانات هيئة الإحتياطيات الإستراتيجية، إلى غاية نونبر الماضي، كانت الجزائر قد زوّدت 44.5 بالمائة من الغاز الطبيعي الذي استوردته إسبانيا، تليها الولايات المتحدة بنسبة 13.3 بالمائة، ونيجيريا بنسبة 10.9 بالمائة، وروسيا بـ8.7 بالمائة، قطر بـ6.7 بالمائة، فرنسا بـ4.6 بالمائة، ترينيداد وتوباغو بـ3.3 بالمائة والنرويج بـ2.9 بالمائة، ودول أخرى مثل غينيا الإستوائية وأنغولا وبيرو و البرتغال ومصر و الكاميرون و الأرجنتين تبيع لإسبانيا الغاز.

ونتيجةً لإغلاق خط أنابيب الغاز المغاربي الأوربي، أطلقت كلٌّ من الشركة التي تُدير النظام الطاقي بإسبانيا “Enagás”، رفقة المسوقين، خطة أمنية لتوجيه جميع الطرق البديلة الموجودة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال، حيث فرضت “Enagás” عمليات تحكُّمٍ مستمرةً في جميع أنحاء الشبكة وفي محطّاتِ إعادة تحويل الغاز المُسال إلى غاز للحفاظ على الحد الأقصى من الإحتياطيات و تجنُّب الأعطال الفنية المُحتملة.

وخلُصت الصحيفة ذاتها، إلى أن “الولايات المتحدة هي واحدة من البلدان التي تزود إسبانيا في الوقت الحالي بجزء من الغاز الذي تحتاجه لتغطية القطع الناجم عن إغلاق جزء من شبكة الإمداد الجزائرية بعد إغلاق الأنبوب المغاربي الأوربي، ما سيولِّد مشكلة المسافة و ارتفاع تكاليف الشحن لنقل الغاز المُسال نحو إسبانيا.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

3 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
Nasser
المعلق(ة)
29 يناير 2022 13:17

Les marocains s’inquiètent des approvisionnements en gaz des espagnols plus que le gouvernement espagnol. Ça cest des voisins. Et pourtant ils ne sont pas aimés.

مواطن
المعلق(ة)
الرد على  بعبع
29 يناير 2022 11:17

اوا الحمد لله، والله المغرب ذكي جدا جدا عندما تصيب عدواك بضربة واحدة فانت عبقري.

بعبع
المعلق(ة)
29 يناير 2022 00:02

الله يغرّق لدين امّهم الشّقف كاملين.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

3
0
أضف تعليقكx
()
x