لماذا وإلى أين ؟

هل فتحَت النِّـيابة العامّة بحثا في كيفية سُقوط ريان بالبئر وفي الأسباب المُباشرة لوفاته؟

لكل حادث تبعات، ولو كان حادثا عرضيا. ومن أهم التبعات داخل منظومة دولة المؤسسات والحق والقانون، البحث عن الحقيقية بواسطة القضاء. وكما يقال القضاء هو عنوان الحقيقة. مرد هذا الكلام هو الحادث المأساوي الذي أودى بحياة الطفل ريان أورام، إثر العثور عليه في بئر بجماعة تمروت بنواحي شفشاون.

هذا الحادث الأليم الذي كان مناسبة عبرت من خلالها شخصيات عالمية، من مختلف المشارب عن تضامنها وتعاطفها الكبيرين مع أسرة الفقيد وكافة الشعب المغربي.

الملك محمد السادس، كان قد أجرى اتصالا هاتفيا مع والدي الفقيد ريان، وأعرب لهم عن أحر تعازيه وأصدق مواساته لكافة أفراد أسرة الفقيد في هذا المصاب الأليم.

كما أعرب الملك محمد السادس عن تقديره للجهود الدؤوبة التي بذلتها مختلف السلطات والقوات العمومية، والفعاليات الجمعوية، وللتضامن القوي، والتعاطف الواسع، الذي حظيت به أسرة الفقيد، من مختلف الفئات والأسر المغربية، في هذا الظرف الأليم.

وبالرغم من كل ذلك، فإن وفاة  حدث قاصر اسمه ريان، تستدعي أبسط قواعد البحث والتحري في الروايات بغية تحديد مسؤوليات ولو في شقها المدني والأخلاقي، من جملتها طريقة حفر البئر والترخيص له وغيرها من الأمور.

وقد فتح هذا الحادث الباب للتكهنات والتساؤلات، من قبيل السبب المادي المباشر لوفاته؟ هل توفي بفعل مضاعفات الجروح التي أصيب بها إثر سقوطه بالثقب المائي الضيق على عمق 32 متر، وما هو نوعها وحجمها؟ أم أنه توفي بفعل اجتفاف جسمه لعدم شربه الماء لمدة طويلة؟ أم أن البرد والهلع كان سبب في لفظه لأنفاسه الأخيرة؟ أم أن هذه العوامل مجتمعة كانت هي السبب في مصرعه قبل وصول المنقذين إليه؟

وقبل كل هذا، كيف سقط الولد في البئر؟ ولماذا سقط الآن بالضبط ببئر يعرف مكان تواجده؟ ولماذا وقع ريان وليس غيره من إخوته أو أقرانه من أبناء جيران عائلته؟

الأسئلة المطروحة وغيرها، الكفيل بالإجابة عنها هو بحث قضائي تشرف عليه النيابة العامة، وهو الأمر المعمول به في مثل هذه الحالات طبقا للأعراف والممارسة القضائية في عمل النيابات العامة حول العالم خصوصا عندما يتعلق الأمر بطفل صغير و بحدث أثار اهتمام وتعاطف الرأي العام الوطني والدولي، ونعلم كم من حوادث شبيهة سارعت النيابة العامة لفتح تحقيق فيها من قبيل عمليات الإنتحار، أو سقوط امرأة أو شيخ في بالوعة صرف صحي، أو دهس قطار وغيرها من الحوادث العرضية.

إلا أنه لحدود نشر هذه الأسطر، لم تعلن، النيابة العامة، رسميا، عن فتح أي تحقيق للوقوف على ملابسات هذه القضية ولم تعلن عن أي تشريح طبي شرعي قضائى، ولا نعلم عن وجود أي تقرير طبي يفسر للعالم أجمع الأسباب البيولوجية لهلاك الصبي!

فلا يمكن للسلطة القضائية من منظور القانون الذي لا يحابي أحدا ولا يستسلم للعواطف، أن تسلم بمصداقية رواية شفهية حول كيفية سقوط الطفل ريان في البئر، صادر عن أطراف من عائلته، لأنها تظل رواية لا يعتمدها منطق القانون والقضاء، فالوقائع في الوفاة هي التي يوثقها القاضي والضابطة القضائية المعنية بعد تقارير الشرطة العلمية وأبحاث المحققين الأمنيين، ثم مباشرة مسطرة الحفظ إذا تبين أن الطفل توفي بسبب حادث عرضي صرف.

فهل فتحت المصالح المعنية بحثا تحت إشراف النيابة العامة، كسلطة قضائية مستقلة، وستعلن عن نتائجه بعد هدوء الخواطر، أم أنها غفلت عن هذا الجانب وستستدركه لاحقا؟

كما أن الرأي العام والإجراءات الإدارية والقانونية تلزم السلطات المعنية بتبيان أسباب الوفاة، وهذا الامر يتأتى بالتشريح الطبي، الذي لايمكن القيام به إلا بطلب من النيابة العامة، والذي يصدر عنه تقرير مفصل، به وصف لحالة الجثة، خارجيا وداخليا، وأسباب الموت وتاريخها وساعتها، بالدقيقة والثانية.

وكما يعلم كل المغاربة، فجثمان الطفل ريان نقل من قريته بضواحي شفشاون إلى المستشفى العسكري بالرباط، دون أن يعلن رسميا عن سبب ذلك، لكن الراجح أنه نقل من أجل إجراء تشريح طبي مفصل، فأين هي نتائجه إن كان قد تم إجراؤه؟ وإن كان جثمان ريان لم يخضع للتشريح الطبي، فما هي موانع هذا الإجراء القانوني؟

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

2 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
محمد أيوب
المعلق(ة)
9 فبراير 2022 08:28

القانون:
لمن يعرف المنطقة فبعض الامور قد تكون واضحة،فالمنطقة معروفةةبنوع الزراعة التي تنتشر بها،وهي الكيف او القنب الهندي،وهذه كغيرها من المزروعات التي يمارسها الناس هناك تحتاج الى الماء،والماء يتوفر بطرق مختلفة من بينها حفر الاثقاب على عمق يختلف من مكان لآخر…هذه الاثقاب غالبا ما يتم اغفال تأمينها بحيث تترك فوهاتها مفتوحة او يتم تغطيتها بأشياء عادية لا توفر الحماية للناس وخاصة الاطفال المعروف عنهم الفضول وحب الاستطلاع وكثرة الحركة…وعمي اعلي الصحراوي ورفاقه يشتغلون في تلك المنزقة لهذا السبب:حفر الآبار للراغبين في الحصول على الماء لسقي مزروعاتهم التي من بينها بالتأكيد نبتة القنب الهندي…والنيابة العامة اذا ما باشرت التحقيق في القضية ستتوصل بالتأكيد للحقيقة وللتفاصيل التي أدت الى ما ادت اليه من مأساة هزت نفوس وقلوب المغاربة والعالم…ريان انتقل الى جوار ربه صفحة بيضاء ناصعة باعتباره طفلا صغيرا لا تكليف شرعي عليه،فهو بذلك سيكون طائرا من طيور الجنة وشفيعا لوالديه يوم لقاء رب العباد…هذا ما يقوله ديننا الحنيف…وأسأله تعالى أن يحفظ الجميع…

ملاحظ
المعلق(ة)
8 فبراير 2022 17:54

هذا هو عين العقل بعد ان هدات النفوس وبدلا من نشر الشائعات يجب ان تتدخل النيابة العامة ويجب اجراء بحث دقيق كما ورد في مقالكم لكي يترتب الجزاء .لاننا في بلدنا نتصف بالاهمال ولا نعطي للقانون اهمية خصوصا وانه يتم التحرك عند وقوع الفاجعة وبعد ذلك تعود حليمة الى عادتها القديمة.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x