عصيد يُطالب مُنتقديه بتقديم الأدلة العلمية على تفسيراتهم لـ “الإسراء والمعراج”

ردَّ الكاتب والناشط الحقوقي، أحمد عصيد على الإنتقادات الموجهة “للمُشكِّـكين في معـجزة الإسـراء والمعراج”، خاصة ما قاله الوزير السابق عن حزب العدالة والتنمية نجيب بوليف الذي دعا علماء المغرب للرد عليهم.

ويرى عصيد، أن “المشكل في هذا النقاش الدائر هو أن التيار المحافظ عموما من فقهاء ودعاة وإسلاميين لا ينتبهون إلى أن موضوع النقاش ليس هو العقيدة، أي أن يؤمن المسلمون بالإسراء والمعراج بوصفه عقيدة، وهذا شأن لا نتدخل فيه، لأنه من حق كل واحد أن يؤمن بما شاء”.

وشدد عصيد، في تصريحه لـ”آشكاين”، على أنه “عندما تكون هناك تفسيرات فيها أخطاء فإن ملاحظة تلك الأخطاء هو نقد للبشر، لأن الإنتقادات التي توجه لقصة الإسراء والمعراج ليست موجهة لقرآن، بل انتقادات لتفسيرات القرآن التي جاءت بعد 200 عام من القرآن”.

موردا “نحن ننتقد المفسرين لأنهم بشر، نظرا لكونهم أخطأوا في تفسير سورة بني إسرائيل حينما قالوا أن الله أسرى بالنبي من المسجد الحرام بمكة إلى المسجد الأقصى الموجود في القدس، وهذا خطأ واضح لا يمكن لأي عاقل أن ينكره، لأنه لا يوجد مسجد أقصى في تلك المرحلة، وإنما بني فيما بعد من طرف الأمويين الذين كانوا يريدون نقل القبلة الدينية من مكة إلى بلادهم في الشام”.

وتابع أن “المفسرين جاؤوا من بعد و اعتمدوا على أحاديث وضعت في فترة الأمويين ونسبت إلى الرسول، وهي أحاديث لها أهداف سياسية، لأنهم عندما لم يجدوا حلا لمشكلة المسجد الذي لم يكن موجودا، قالوا إنه موجود منذ القدم وقد بناه سيدنا آدم، وهذا عذر أقبح من زلة، بمعنى أرادوا أن يُصحِّحوا خطأً فوقعوا في خطإٍ أكبر منه”.

“ما نريده اليوم”، يسترسل عصيد “هو تصحيح تلك التفسيرات لكي تسندها الوثائق، فمثلا نجد تاريخ الكنيسة مليئا بهذه الأشياء، بمعنى أن المسيحيين  كانوا يؤمنون بخوارق وأشياء كثيرة متناقضة، فجاء علماء المختبر المختصون في العلوم الدقيقة فقاموا بدراسات حول أشياء كثيرة وصححوها، وكان رد الكنيسة أنها اعتذرت للمسيحيين، وقالت لهم اسمحوا لنا، قد كنا نعتقد أن الأمر غير ذلك، وبقيت المسيحية أكثر الديانات انتشارا، وبقي الناس مؤمنين”.

وتساءل المتحدث “إن كانت الأركان الخمسة للإسلام ستهد إن تم تصحيح تفسيرات الإسراء والمعراج، وهذا لا يمكن لأن هذه التفسيرات لا تدخل ضمن أركان الإسلام”.

وأردف، أنه “عندما اكتشف العلماء أن خرقة من الثوب كانت تنسب لعيسى وكان يضعها على وجهه فاكتشف العلماء لاحقا أنها تعود فقط إلى القرن 14 وليس إلى القرن الأول، واعتذرت الكنيسة وقالت إن العلم هو الذي سيحدد الحقيقة في مثل هذه الأمور”.

وخلص عصيد إلى أنه “على المسلمين أن يتحلوا بمثل هذه الروح، أي أن يصححوا الإنحرافات الموجودة في تفسيراتهم للعقائد و أن يطهروا  مقرراتهم الدراسية من التفسيرات الخرافية التي وضعها المفسرون”.

واعتبر أن “الذين يعمدون إلى التكفير و العنف يُظهِـرون ضعفهم وأن أطروحاتهم متهافتة، لأن عليهم أن يقدموا لنا الأدلة المقنعة على أن ذلك التفسير القديم صحيح، وهو ما لن يستطيعوه، لأنها تفسيرات  لا يمكن أن تقوم على أساس قويم”.

يأتي هذا بعدما وجه الوزير السابق عن حزب العدالة والتنمية، نجيب بوليف، دعوة إلى علماء المغرب من أجل “التصدي للمشككين في مُعجزة الإسراء والمعراج”، في إشارة إلى الضجة التي أثارها الإعلامي المصري إبراهيم عيسى بخرجته حول الموضوع، والتي تراجع عنها في وقت لاحق.

وقال بوليف، في تدوينة دبّـجها على صفحته الفيسبوكية الرسمية، إن “على علماء المغرب الصدع بالرد على المشككين في الاسراء والمعراج”، موردا أن “الأمر جدٌ ولا يقبل السكوت عنه”، في إشارة إلى تضامن الكاتب والناشط الحقوقي، أحمد عصيد مع إبراهيم عيسى.

وكان الإعلامي والكاتب المصري، قد رد على ما جرى تداوله بشأن “إنكاره لحادثة الإسراء والمعراج خلال إحدى الحلقات السابقة لبرنامجه التلفزيوني، “حديث القاهرة” المذاع على قناة “القاهرة والناس”  نافيا أن يكون قد فعل ذلك بقوله: “لم أنكر المعراج و الناس طعنت في ديني وقالت عني إنني مرتد كافر”.

موردا أن “التدين لا يعني أبدا أن نتطاول على الآخرين بسبب اختلاف الآراء، ولم أقل حرفا مما ادعاه البعض عن المعراج”.

يذكر أن النائب العام المصري، حمادة الصاوي، أمر، في وقت سابق، باتخاذ إجراءات التحقيق في البلاغات التي قدمت إلى النيابة العامة ضد عيسى، وستعلن النيابة لاحقا عما ستسفر عنه التحقيقات، وذلك على خلفية تدخل “الأزهر الشريف” وإدانتها لخرجة إبراهيم عيسى وتشكيكه.