لماذا وإلى أين ؟

من يشكك في معجزة الإسراء والمعراج فليشكك في نزول الوحي

عبدالفتاح المنطري

الإسراء والمعراج والأصوات النشاز

تصاعدت مؤخرا بعض الأصوات النشاز التي تشكك في معجزة الإسراء والمعراج، خاصة بمصر ويتزعمها صاحب برنامج “القاهرة والناس” ابراهيم عيسى، وبالمغرب أيضا حيث اعتد بنكرانه وتشكيكه المدعو رشيد أيلال خريج الإعدادية (صحيح البخاري نهاية أسطورة) وكذا صاحب الوجه المنقلب 360 درجة محمد عبدالوهاب رفيقي الودادي الملقب بـ(أبو حفص) والعلماني المشاكس أحمد عصيد دون أن نغفل الترهات الجحودية للمسمى هشام نوستيك أو كافر مغربي.

من هؤلاء ومن غيرهم من يدعي الفكر الحر ومنهم من ينهج منهح “خالف تعرف” ومنهم الجاحد الذي يسهر على زعزعة عقيدة المسلمين عبر العالم، الذين تعلقت أرواحهم بكل ما جاء به رسول العالمين سيدنا محمد والرسل والأنبياء قبله عليهم جميعا السلام وأزكى الصلوات وعلى آلهم وأصحابهم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

ونرد على هؤلاء المدعين بالقول الرجيم، إذا كنتم تنكرون معجزة الإسراء والمعراج بدعوى أنها اختلطت بإسرائيليات، وهو ممكن في بعض الروايات المتناقلة منها وفي غيرها ولا ينكره أحد على كل حال، فلتنكروا أيضا نزولَ الروح الأمين سيدنا جبرائيل عليه السلام بالوحي على سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، بغار حراء الذي يزوره ملايين المسلمين إلى حدود الساعة وماء زمزم المبارك الذي يخرج إلى حجاج بيت الله الحرام منذ آلاف السنين.

الإسراء والمعراج يؤكدهما كتاب الله من فوق سبع سماوات

يقول هنا الفقيه لحسن السكنفل، رئيس المجلس العلمي الأعلى للصخيرات تمارة في رده على منكري هذه المعجزة الإلهية النبوية، أن “حادثة الإسراء والمعراج هي مما أخبر به القرآن الكريم والرسول الأمين عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، فقد جاء في كتاب الله عز وجل في بداية سورة الإسراء: “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير”.

و”المعنى تنزه الله تعالى، الذي أسرى بعبده، أي برسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ليلا من المسجد الحرام الموجود بمكة إلى المسجد الأقصى الموجود بالقدس الشريف، وهو أولى القبلتين وثالث الحرمين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى”.

واعتبر المتحدث ذاته، أن هذا عن الإسراء، وهو تلك الرحلة الأرضية من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى. أما الرحلة السماوية، وهي المعراج، فقد وردت الإشارة إلى بعض مراحلها في قول الله تعالى في سورة “النجم”: “أفتمارونه على ما يرى، ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى”.

وأوضح السكنفل، أن في بداية سورة “النجم” تأكيدا على أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى جبريل مرات متعددة على الأرض في صورته الملائكية وأيضا في صورة بشرية، كما رآه أيضا في صورته الملائكية عند سدرة المنتهى أثناء رحلة المعراج من المسجد الأقصى إلى سدرة المنتهى الموجودة بعد السماء السابعة كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، فقد كان جبريل عليه السلام رفيقه في الرحلتين معا إلى سدرة المنتهى.

و”قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم كفار قريش والمؤمنين بهذه الحادثة، فكذب المشركون، وارتد بعض المؤمنين من الذين لم يتمكن الإيمان من قلوبهم، فيما صدقه المؤمنون الذين تمكن الإيمان من شغاف قلوبهم، وعلى رأسهم سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه، الذي قال ردا على المشركين والمشككين: “إني أصدقه بأن الوحي ينزل عليه من السماء إلى الأرض، فالذي أنزل عليه الوحي قادر على أن يرفعه إليه سبحانه وتعالى”، فهو القادر على كل شيء لا يعجزه شيء في السماء ولا في الأرض”، يضيف السكنفل، مشيرا إلى أن “المشككين اليوم هم المشككون البارحة، وهم المشككون غدا وبعد غد إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين”.

لكن من الردود الذكية جدا والمنطقية والدامغة على المشككين في معجزة الإسراء والمعراج، ما نشره موقع إسلامكا.إنفو (الإسلام سؤال وجواب) المطروح بعدة لغات للشيخ محمد صالح المنجد، إذ رد(نقلا وبتصرف) عمن زعم أن الإسراء والمعراج خرافة على النحو التالي:

أولا: لا ريب أن الإسراء والمعراج من آيات الله العظيمة الدالة على صدق رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى عظم منزلته عند الله عز وجل، كما أنها من الدلائل على قدرة الله الباهرة، وعلى علوه سبحانه وتعالى على جميع خلقه، قال الله سبحانه وتعالى: ( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) الإسراء/1 . وتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه عرج به إلى السماوات، وفتحت له أبوابها حتى جاوز السماء السابعة ، فكلمه ربه سبحانه بما أراد، وفرض عليه الصلوات الخمس، وكان الله سبحانه فرضها أولا خمسين صلاة، فلم يزل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يراجعه ويسأله التخفيف، حتى جعلها خمسا، فهي خمس في الفرض وخمسون في الأجر، لأن الحسنة بعشر أمثالها، فلله الحمد والشكر على جميع نعمه.

لقد أسري وعرج به يقظة وليس مناما

وقد اختلف الناس في الإسراء والمعراج، فمنهم من قال: إنه كان مناما، والصحيح أنه أسري وعرج به يقظة؛ لأدلة كثيرة يأتي ذكرها .قال الطحاوي رحمه الله في عقيدته المشهورة: “والمعراج حق، وقد أسري بالنبي وعرج بشخصه في اليقظة إلى السماء، ثم إلى حيث شاء الله من العلا، وأكرمه الله بما شاء وأوحى إليه ما أوحى، ما كذب الفؤاد ما رأى؛ فصلى الله عليه وسلم في الآخرة والأولى.

وقال ابن أبي العز الحنفي في “شرح الطحاوية” رحمه الله : “اختلف الناس في الإسراء: فقيل : كان الإسراء بروحه ولم يُفْقد جسدُه، نقله ابن إسحاق عن عائشة ومعاوية رضي الله عنهما، ونقل عن الحسن البصري نحوه. لكن ينبغي أن يعرف الفرق بين أن يقال كان الإسراء مناما وبين أن يقال كان بروحه دون جسده، وبينهما فرق عظيم، فعائشة ومعاوية رضي الله عنهما لم يقولا كان مناما، وإنما قالا: أسري بروحه ولم يفقد جسده، وفرق ما بين الأمرين أن ما يراه النائم قد يكون أمثالا مضروبة للمعلوم في الصورة المحسوسة، فيرى كأنه قد عرج إلى السماء وذهب به إلى مكة، وروحه لم تصعد ولم تذهب؛ وإنما ملك الرؤيا ضرب له المثال، فما أرادا أن الإسراء كان مناما، وإنما أرادا أن الروح ذاتها أسري بها؛ ففارقت الجسد ثم عادت إليه، و يجعلان هذا من خصائصه فإن غيره لا تنال ذات روحه الصعود الكامل إلى السماء إلا بعد الموت.

وقيل: كان الإسراء مرتين: مرة يقظة، ومرة مناما وكذلك منهم من قال : بل كان مرتين : مرة قبل الوحي ومرة بعده ، ومنهم من قال : بل ثلاث مرات : مرة قبل الوحي ومرتين بعده ؛ وكلما اشتبه عليهم لفظ زادوا مرة للتوفيق ، وهذا يفعله ضعفاء أهل الحديث ، وإلا فالذي عليه أئمة النقل أن الإسراء كان مرة واحدة بمكة بعد البعثة قبل الهجرة بسنة ، وقيل بسنة وشهرين ، ذكره ابن عبد البر …وكان من حديث الإسراء أنه أسري بجسده في اليقظة على الصحيح ، من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، راكبا على البراق صحبة جبريل عليه السلام ، فنزل هناك وصلى بالأنبياء إماما ، وربط البراق بحلقه باب المسجد ، وقد قيل : إنه نزل بيت لحم وصلى فيه ، ولا يصح عنه ذلك ألبتة . ثم عرج به من بيت المقدس تلك الليلة إلى السماء الدنيا ، فاستفتح له جبريل ففتح لهما ، فرأى هناك آدم أبا البشر ، فسلم عليه فرحب به ورد عليه السلام وأقر بنبوته ، ثم عرج به إلى السماء الثانية…”إلى أن قال رحمه الله : ” ومما يدل على أن الإسراء بجسده في اليقظة قوله تعالى : ( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ) الإسراء /1 ؛ والعبد عبارة عن مجموع الجسد والروح ، كما أن الإنسان اسم لمجموع الجسد والروح ؛ هذا هو المعروف عند الإطلاق ، وهو الصحيح ؛ فيكون الإسراء بهذا المجموع ، ولا يمتنع ذلك عقلا ، ولو جاز استبعاد صعود البشر لجاز استبعاد نزول الملائكة ؛ وذلك يؤدي إلى إنكار النبوة وهو كفر ” انتهى من “شرح الطحاوية”.

هل كان الإسراء ببدنه عليه السلام وروحه أو بروحه فقط ؟

وقال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (3/33) : ” ثم اختلف الناس : هل كان الإسراء ببدنه عليه السلام وروحه ، أو بروحه فقط ؟ على قولين ، فالأكثرون من العلماء على أنه أسري ببدنه وروحه يقظة لا مناماً ، ولا ينكرون أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى قبل ذلك مناماً ، ثم رآه بعد يقظة ، لأنه كان عليه السلام لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ، والدليل على هذا قوله تعالى : ( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ ) الاسراء/ 1، فالتسبيح إنما يكون عند الأمور العظام ، فلو كان مناماً لم يكن فيه كبير شيء ، ولم يكن مستعظماً ، ولما بادرت كفار قريش إلى تكذبيه ، ولما ارتدت جماعة ممن كان قد أسلم ، وأيضاً فإن العبد عبارة عن مجموع الروح والجسد ، وقال تعالى : ( أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً ) وقال تعالى : ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ) الاسراء /60، قال ابن عباس : هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به ، والشجرة الملعونة هي شجرة الزقوم ، رواه البخاري [ 2888 ] ، وقال تعالى : ( مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ) النجم/17 ، والبصر من آلات الذات لا الروح . وأيضاً فإنه حمل على البراق ، وهو دابة بيضاء براقة لها لمعان ، وإنما يكون هذا للبدن ، لا للروح لأنها لا تحتاج في حركتها إلى مركب تركب عليه ، والله أعلم ” انتهى.

لو كانت الحادثتان مجرد رؤيا لما فوجئ المشركون

وقال الشيخ حافظ الحكمي في “معارج القبول” (3/1067) : ” ولو كان الإسراء والمعراج بروحه في المنام لم تكن معجزة ، ولا كان لتكذيب قريش بها وقولهم : كنا نضرب أكباد الإبل إلى بيت المقدس ، شهرا ذهابا وشهرا إيابا ، ومحمد يزعم أنه أسرى به اللية وأصبح فينا إلى آخر تكذيبهم و استهزاءهم به صلى الله عليه وسلم لو كان ذلك رؤيا مناما لم يستبعدوه ولم يكن لردهم عليه معنى ؛ لأن الإنسان قد يرى في منامه ما هو أبعد من بيت المقدس ولا يكذبه أحد استبعاد لرؤياه ، وإنما قص عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرى حقيقة يقظة لا مناما فكذبوه و استهزؤوا به استبعاد لذلك و استعظاما له مع نوع مكابرة لقلة علمهم بقدرة الله عز وجل وأن الله يفعل ما يريد ولهذا لما قالوا للصديق وأخبروه الخبر قال : إن كان قال ذلك لقد صدق . قالوا و تصدقه بذلك ؟ قال : نعم إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك في خبر السماء يأتيه بكرة وعشيا أو كما قال ” انتهى.

وقال الحافظ أبو الخطاب عمر بن دحية في كتابه ( التنوير في مولد السراج المنير ) : ” وقد تواترت الروايات في حديث الإسراء عن عمر بن الخطاب وعلي وابن مسعود وأبي ذر ومالك بن صعصعة وأبي هريرة وأبي سعيد وابن عباس ، وشداد بن أوس وأبي بن كعب وعبد الرحمن بن قرط وأبي حبة وأبي ليلى الأنصاريين ، وعبد الله بن عمرو وجابر وحذيفة وبريدة ، وأبي أيوب وأبي أمامة وسمرة بن جندب وأبي الحمراء وصهيب الرومي وأم هانىء ، وعائشة وأسماء ابنتي أبي بكر الصديق رضي الله عنهم أجمعين ، منهم من ساقه بطوله ، ومنهم من اختصره على ما وقع في المسانيد ، وإن لم تكن رواية بعضهم على شرط الصحة ، فحديث الإسراء أجمع عليه المسلمون ، وأعرض عنه الزنادقة والملحدون يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون ” انتهى نقلا عن “تفسير ابن كثير” (3/36).

مبالغة المشركين في العناد والتعنت

ثانيا :لا ينقضي العجب من هذا المسلك الذي سلكه الكاتب المذكور في الاستدلال ، فإنه اقتصر على ذكر مطلب واحد من مطالب الكفار ، فأوهم أن الجواب القرآني : (قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا) منصب على هذا المطلب ، وهو الرقي في السماء ، وأن هذا يدل على عدم إمكانه . والحق أن هذا الجواب وارد على مجموع ما طلبه المشركون تعنتا وتفننا في الجحود والإنكار ، وإليك هذه المطالب كما بينها القرآن : ( وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً * أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً * أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً * أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَقْرَأُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً) الاسراء/90- 93 فتأمل في هذه المطالب التي لا يحسن في جوابها إلا الجواب القرآني : ( قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً ) . فهل بإمكان من هو بشر أن يفجر الأرض ، والأنهار ، ويسقط السماء ، ويأتي بالله ! وبالملائكة ! ويرقى في السماء فيأتي منها بكتاب موجه إلى كل كافر ! كما جاء في التفسير عن مجاهد وغيره ، وهو موافق لقوله تعالى : ( بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفاً مُنَشَّرَةً ) المدثر /52 .

لا شك أن ذلك ليس من خصائص البشر ، ولا هو في إمكانهم ، فهذا الاستبعاد منصب على مجموع هذه المطالب ، لا على آحاد كل منها ، وإلا ففيها مطالب مما هو ممكن عادة ، فقد ثبت أن الماء نبع من بين أصبعيه الشريفتين صلى الله عليه وسلم ، كما في صحيح البخاري (3576) ، وغيره ، فكيف بتفجير نبع من الأرض ، ولا استحالة ـ أيضا ـ في أن يكون له جنة من نخيل .. ، على نحو ما طلبوا ، إلا أن هؤلاء لم يكن له غرض في حصول هذه الأشياء حقيقة ، إنما هي من باب المبالغة في العناد ، والتعنت مع الرسول ، من أجل التمادي في طغيانهم . قال الطاهر ابن عاشور رحمه الله : ” ولما كان اقتراحهم اقتراح مُلاجّة [ المبالغة في الخصومة ] وعناد ، أمره الله بأن يجيبهم بما يدل على التعجب من كلامهم بكلمة ( سبحان ربي) التي تستعمل في التعجب ثم بالاستفهام الإنكاري ، وصيغة الحصر المقتضية قصر نفسه على البشرية والرسالة قصرا إضافيا ، أي لست ربا متصرفا أخلق ما يطلب مني ، فكيف آتي بالله والملائكة ، وكيف أخلق في الأرض ما لم يخلق فيها ” . انتهى . “التحرير والتنوير” ( 15/210-211) . ثالثا :احرص على قلبك يا عبد الله وكن على دينك أحرص منك على الدرهم والدينار ؛ فلا تدع لشياطين الإنس والجن سبيلا أن يسترقوا اليقين من قلبك ، أو يزعزعوا الإيمان فيه ؛ وما دمت لم تحصل من العلم الشرعي ، ما يحصنك ضد شبهات المشككين ، ففر من هؤلاء ، ومجالسهم ، ومنتدياتهم ، ولا تسمع لزخارف قولهم ، فإنك لا تدري إذا نزلت الشبهة في قلبك متى تخرج منه ، وإذا عرضت الفتنة ، هل أنت ناج منها أم من المفتونين . نسأل الله تعالى لنا ولجميع عباده الموحدين الهداية والتوفيق والسداد .والله أعلم.

 

 كاتب صحافي  

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين و إنما تعبر عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

9 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
Ali
المعلق(ة)
5 مارس 2022 22:00

قرأت بعض التعليقات وأأسف لحال أصحابها.. كل تعليق يكشف عن الجانب الروحي لصاحبه.. واأسفاه ثم واأسفاه.. يقول تعالى رب الناس أجمعين، كفارا ومؤمنين: ” الذين اهتدوا زادهم هدى”.. ويقول أيضا فالق الحب والنوى : ” في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا”.. فانظر ما بقلبك فإنك جاني لا محالة ثماره أو شوكه.. إياك أن تحسبن التقول على الله وعلى نبيه أمر هين عند الله… كل من تجرأ على ذلك ركبته ويلات أمراض روحية لا سبيل للعلاج منها إلا بأداء ثمن التجرؤعلى الله ورسوله.. أمراض في أمراض تطحن صاحبها فهذا منتحر وذاك مغتصب والآخر منحوس والرابع صغير في عين الخلق والآخر مسلوب وجاره منبوذ ورفيق دربهما مشقوق الظهر وإن في عين الآخرين. اسأل نفسك يا هذا.. إنك لتجد نفسك غير سوي فهل تدري ما السبب؟ تجرؤك على رب العزة وإنه لقاسمك

يس
المعلق(ة)
5 مارس 2022 13:14

من يفكر بالعقل و المنطق لن يتقبل فكرة شخص يطير بحمار و القصة كلها من الخيال و لن يقبل المؤمنون العكس لانها تضرب عقيدتهم

Mimoun
المعلق(ة)
5 مارس 2022 12:31

عبت على المفكرين ابحاثهم الا انك لكل منهم فكره وفلسفته،
اما انت ليس لك فكر ولا بحث كل ما هو في الامر انك تتكلم بلسان غيرك وترسخ افكارهم ولو ان توضيحاتهم متناقضة ومشتة لا تقوم على قاعدة يقينية ,بمثل هذه النماذج لا تزيدون المسلم الا الشك والارهاق ،
الأليات القرانية التي تستدلون منها تعاكس تماما تفسيرات شيوخك يجب تمحيص وتدبير الايات اكثر من ابراهيم عيسى وغيره ليكون الرد مقنعا وليس الرد بما كان يضنه من سبقوكم ،
اذا قلت مثلا من هو الله هل يعني هذا اني كافر،
موسى قال له ربه لن تراني ولم يقل له لم تراني ،يعني ان الله لن يراه حتى في الاخرة لن النافية ،
لان العين اذا ادركت كيمونة الله يجب ان تكون بقوة الله نفسه او الاحاطة بعلمه وقدرته اذا الله يدبر الامور الى ما نهاية لا يمكن رؤيته

حقيقة
المعلق(ة)
5 مارس 2022 11:56

و ما الوحي الا حالة الصرع كانت تصيب محمد، حتى ان زوجته خديجة اتفقت مع ابن خالها لتقول لمحمد انه رأى ملاك و انه نبي حتى لا يعتبره الناس احمق و تفسد تجارتها

Lan
المعلق(ة)
5 مارس 2022 11:48

حنا ماشي كانشكو فهادشي حنا متأكدين 1000فالمية بلي هادشي غي خرافات و تخربيق .
واش نتوما بعقلكم كاين شي واحد اطلع لسما فوق بغلة دات أجنحة بلا اوكسجين؟
من جهة خرا ياك ياك هاد الحيوان الميتافزيقي الوهمي لي مبرزتين به الوقت كاين ف كل مكان اوا كفاش هاد الانسان البدوي تيقول طلع عندو؟؟
هادشي ملخر باين لعمى بلي صناعة بشرية

أبو أمين
المعلق(ة)
5 مارس 2022 09:54

فلتقدم أنت، الدليل المادي الذي يثبت حصولهما معا ، الإسراء و المعراج من جهة ،و الوحي من جهة أخرى…..
المسألة برمتها، مسألة إيمانية و ليست مسألة علمية ؛ من شاء فليؤمن، و من شاء غير ذلك، فله ذلك أيضا

Ali
المعلق(ة)
5 مارس 2022 02:43

أجل أخي.. استنتاجك صحيح.. من يشكك في الاسراء أو المعراج يطعن في النبوة.. هذا الامر أصبح للاسف موضة في العقود الاخيرة على شاكلة سلمان رشدي .. هناك بعض الملحدين من لابسي الجلابيب يشهرون تدينهم لكنهم في الحقيقة عملاء أجندات تشكيكية غربية ومحلية أيضا.. هدفهم الرئيس التكسب بمحاربة الدين واللعب على وتر التناقض في الادراك البشري لتعاليمه.. الالعن مسايرة بعض المنصات لتكالب هؤلاء الشرذمة على الدين من خلال رصد التناقضات في سلوك معتنقيه.. الطعن في الدين خرق سافر لدساتير الدول الاسلامية كالمغرب الذي يعتبر الاسلام دين دولته.. من الغريب ايضا أنه لا جمعيات المجتمع المدني ولا النيابة العامة يتابعان هؤلاء بدعوى طعنهم في أسمى قوانين البلاد.. للاسف، تعددت سبل الارتزاق في هذا الزمن الاغبر فهناك من ينشد التكسب بمحاربة الدين وآخر بالتعري وآخر بامتهان ممارسة الاسلام السياسي الخ الخ روما واحدة والطرق متعددة

الصحراء
المعلق(ة)
5 مارس 2022 00:15

🤥🤥🤥🤥🤥🤥🤥

حسن
المعلق(ة)
4 مارس 2022 23:44

حسب ما فهمت من المقال فإن هناك اختلاف بين المفسرين، ورأيي أنه يجب ابعاد العقيدة عن الجدال العلمي، كلما اراد احد استعمال الدين في السياسة كلما كان الضرر اكثر من النفع.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

9
0
أضف تعليقكx
()
x