لماذا وإلى أين ؟

الأزمة الأوكرانية الروسية .. ماوراء رُدود الأفعال و السّياقات الدبلوماسيّة

على غير العادة أصبحت الحرب الباردة سابقا، مشتعلة اليوم، و إن اختلف الحلفاء، ومن ينضم الى من و من يناصر من.
لقد أشعل بوتين فتيل الحرب، التي لن تنتهي إلا بعد موت المئات و استسلام و لجوء الألاف، غير آبه بالنداءات الدولية خاصة من الولايات المتحدة الأمريكية و حُلفاءها في حلف الناتو. و رغم الجهود المبذولة من مجلس الأمن الذي وصفه ترامب الرئيس الأمريكي السابق ب “مجرد ناد”. نعم هو كذلك مادام لا يستطيع حماية أرواح الناس.

و للأسف كشفت القارة العجوز عن عورتها و عن عجزها أمام الروس وهي التي كانت دوما تكشر عن أنيابها ضد كل من يحارب الديمقراطيةو  حقوق الإنسان و كثرت التساؤلات، خاصة من مجموعة الناشطين في تحليل نظريات الحرب، و بين هذا و ذاك لابد أن نؤكد على السؤال الأكثر أهمية، لماذا هذه الحرب؟ ومافائدتها؟ و العالم مازال يعاني من حرب خفية سببها وباء كوفيد 19 و متحوراته الذي أنهك الإقتصاد و المجتمع وأفشل سياسات عديدة في تدبير الأزمات .

الحقيقة أن كل الحروب التي شهدها العالم، غالبا ماتكون وراءها مصالح توسعية او إقتصادية، كالبحث عن المستعمرات واستنزاف ثرواتها، واحتلال الدول والأراضي بغية الهيمنة العسكرية . وعلى مر التاريخ، من الحرب الأهلية الصينية الى الغزوات الماغولية وانتهاء بالحربين العالميين الأولى والثانية ، غالبا ما تكون المصلحة في القوة و سحق الآخرين هدفا للحروب .

إن روسيا التي مازالت تحمل ثقل الحفاظ على ولاءات جمهوريات الإتحاد السوفياتي السابقة التي لم يتخلص معها بعد قادة الكرملين باعتبارهم ضباطا سابقين لمختلف أجهزة المخابرات السياسية و العسكرية الكي جي بي ، من عقدة الغرب وتفوق قطب الشر كما كان ينعته الشرق ، لطالما تشبتت بقوتها الدولية عسكريا واقتصادية ، فروسيا أول دولة لا تتاثر بالقيود و العقوبات الإقتصادية و إن تنوعت ، لذلك فهي لن تسمح بالمزيد من التوغل الغربي في اراضي الإتحاد ، وشاءت الأقدار ان تكون اوكرانيا ضحية، استبدادية بوتين و النظام السياسي البوليسي والعسكري الروسي ، وبين الدول الغربية الإنتهازية التي تخلت فعلا عن أوكرانيا، وفضلت أن تجد ذرائع وهمية عن عدم الإشتباك خوفا من حرب عالمية ثالتة.

لقد كانت رسالة بوتين واضحة لأوكرانيا : ” انضموا إلينا و أبقوا محايدين” ، غير أن القادة الأوكرانيين الذين انتصروا أخيرا على أزلام النظام الروسي في الإنتخابات الأخيرة، والذين لم يتمرسوا بعد في السياسية و الدبلوماسية لم يكونوا يتوقعون خيانة النيتو و البيت الأبيض، حينما أحكم بوتين القبضة على مداخل أوكرانيا ، وشق وحدتها و قسمها الى دويلات .

فالجواب عزيزي المتلقي على السؤال لماذا ؟ هو رفض روسيا للتوغل الغربي في الأراضي الإتحادية، للحفاظ على روسيا قوية، والتمسك بمصالحها الإقتصادية من الغاز الذي يعبر أوكرانيا و الذي يمد أروبا ، ويشكل نقطة ضغط لروسيا على دول الإتحاد الأوربي.

إن تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا لن نسلم منها جميعا ، الغلاء و ندرة المواد المختلفة التي تدخل في مختلف الصناعات الإستهلاكية و التحويلية ، ناهيك عن إرتفاع أسعار المواد الطاقية .

فكيف للمغرب أن يحمي اقتصاده الوطني و إحتياطه الغدائي والطاقي من تداعيات حرب يجهل العالم متى تنتهي و أين ستنتهي ؟

موضوع سنتطرق اليه في الجزء الثاني من هذا الموضوع .

 

محام بهيئة المحامين لدى محكمتي الاستئناف بأكادير والعيون، باحث في الإعلام والهجرة وحقوق الإنسان

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين و إنما تعبر عن رأي صاحبها حصرا.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x