لماذا وإلى أين ؟

خبير يُعَـــدِّدُ خلفيات وضعِ بريطانيا راداراً عسكريا عملاقا بمضيق جبل طارق

عَــمَدت المملكةُ البريطانية المتحدة إلى تركيب رادار عملاق فوق صخرة جبل طارق، من أجل بسط سيطرة جوية مدنية وعسكرية أكبر في المضيق، وهو الرادار الذي سيُمكِّـن عبر نظامه الجديد من تغطية 180 كيلومترًا واكتشاف ورصد الطائرات المدنية والعسكرية.

وجـاء تثبيت هذا الرادار في زمن دبلوماسي دولي يعج بالاضطرابات، ما يجعل وضع رادار عالي التقنية في منطقة استراتيجية مثل المضيق مثار تساؤلات عريضة عن خلفيات اختيار التوقيت و نوعية الرادار.

وفي هذا السياق، يرى الخبير في الشؤون الدولية والأمنية وتسوية النزاعات الدولية، عصام لعروسي، أن “مسألة تثبيت الرادار البريطاني الذي يشمل مداه ازيد من 180 كيلومترا، يدخل في باب توسيع الاختصاصات البريطانية على صخرة جبل طارق”.

وأكّــد لعروسي في حديثه لـ”آشكاين” أن “هذا الموقع جيوسياسي و جغرافي متميز، تتشبث به بريطانيا رغم المطالبة المستمرة لإسبانيا بهذه الصخرة التي تعتبرها إسبانيا تاريخيا ترجع للمملكة الإسبانية وليست لبريطانيا”.

عصام لعروسي ـــ أستاذ العلاقات الدولية والخبير في العلوم الأمنية وتسوية النزاعات

وأوضح محدثنا أن “بريطانيا من خلال هذا المشروع، ومن خلال التطورات الحاصلة في المنطقة الأوربية، وخاصة بعد خروجها (بريطانيا) من الاتحاد الأوربي، فإنها ترى أن تدعيم مجال المراقبة البحرية والجوية لمنطقة البحر الأبيض المتوسط والتي تكتسي أهمية و ثقلا أمنيا بالأساس، نظرا لمساهمتها في مراقبة الجنوب الأوروبي و الحدود الأوربية من جهة؛ وفرض هذه الهيمنة من خلال رادار المراقبة الذي يمكن من إرسال إشارات و استشعار وجود آليات أو غواصات نووية تمر من مضيق جبل طارق”.

موردا أن “هذه المراقبة تدخل في إطار المنافسة الإقليمية؛ في إطار استراتيجية بريطانية شاملة الهدف منها هو إعادة تشديد الرقابة على هذه المنطقة التي تعتبر حيوية، علاوة على أن ذلك امتداد للهيمنة  البريطانية على منطقة جنوب المتوسط، كما انها تدخل في إطار المصالح التي تجمعها مع دول شمال إفريقيا وخاصة المغرب، من خلال المشروع الجديد المتعلق بالكهرباء والطاقة النظيفة عبر الكابل التحت بحري الذي يربط المغرب وبريطانيا”.

وشدّد الخبير في العلاقات الدولية على أن “وضع هذا الرادار المتطور الذي يرصد كل الآليات بما فيها الطائرات بدون طيار ويعوض النظام القديم، تحاول من خلاله بريطانيا استرجاع مكانتها، خاصة بعد خروجها من الإتحاد الأوربي؛ كي تدخل في إطار القوى الأطلسية الجديدة وتشكل مع الولايات المتحدة الامريكية في إطار تنسيق أمني نقطة لمراقبة العالم من خلال معبر جبل طارق الهام لمراقبة الحدود الأوربية، علاوة على مراقبة السفن القادمة من الخارج وسفن الهجرة غير النظامية التي يشهدها مضيق جبل طارق ويعرف تسلل لاجئين، علما أن بريطانيا عانت من هذا الموضوع وكان من الدوافع التي جعلت بريطانيا تنسحب من الاتحاد الأوروبي”.

ولفت لعروسي الإنتباه إلى أنه “يجب النظر إلى هذا الرادار من وجهة نظر أمنية محضة،  ومن جانب اقتصادي من خلال تشجيع السفن التجاري، إضافة إلى جانب الهجرة ومراقبة التدفقات البشرية القادمة من جنوب المتوسط، خاصة في حالة الحرب  الأوكرانية الروسية”.

وخلص إلى أن “وضع بريطانيا لهذا الرادار في هذا التوقيت، يعني ارتفاع الهواجس الامنية لديها ا لمراقبة هذا المضيق الذي ربما قد يشكل تهديدا حالاًّ لمصالح بريطانيا، وبالتالي التأكيد على هذه المصالح من خلال تشديد المراقبة عبر هذا الرادار المتقدم جدا”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x