لماذا وإلى أين ؟

الفاتحي يُعـــدّدُ مآلات ملف الصحراء  المغربية بعد دعم إسبانيا للحُكم الذاتي

أخذ ملف الصحراء المغربية بعدا جديدا بعدا الاعتراف الأخير لإسبانيا بمبادرة الحكم الذاتي، بكونها الأنجع و الأكثر واقعية لحل نزاع الصحراء المفتعل والذي عمر لعقود.

ومع توالي الداعمين لهذا الاعتراف، خاصة من دول كبرى مثل ألمانيا و إسبانيا اللتان لهما ثقل بالمجتمع الدولي عموما في اتخاذ قرارات الإتحاد الأوربي خصوصا، فإن الأسئلة باتت تطرح نفسها عن مآلات هذا الملف بعد هذه الإعترافات والدعم الدولي.

وفي هذا السياق، يرى المحلل السياسي، و مدير مركز الصحراء وأفريقيا للدراسات الإستراتيجية، عبد الفتاح الفاتحي، أنه “على مستوى الأمم المتحدة، يظل عدم انصياع الجزائر و جبهة البوليساريو للجلوس إلى طاولة المفاوضات، وفي ظل التأييد الذي تحظى به مقاربة الحكم الذاتي، فيمكن للمملكة المغربية والشركاء الدوليين الحديث عن الشروع في تصور تطبيق الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية، على ضوء ما دستره المغرب فيما يسمى بالجهوية المتقدمة”.

عبد الفتاح الفاتحي – محلل سياسي وخبير في العلاقات الدولية

 

وأكد الفاتحي أن “الأمم المتحدة تتوفر لديها كامل المعطيات والمواقف الكبرى المؤيدة للدخول في فرض حلٍّ لتطبيق الحكم الذاتي أو مناقشته، بغض النظر عن الجزائر و جبهة البوليساريو، لأنه في نهاية المطاف فهما وإن ظلتا معزولتين، فهما تتحملان المسؤولية في شقها الإنساني بالنسبة للمحتجزين في تندوف”.

وشدد المتحدث على أن “المشكل الإنساني للأمم المتحدة أن تتم مناقشة حيثيات تطبيق الحكم الذاتي وكيف تتصوره الأمم المتحدة انطلاقا من مشاورات و مفاوضات مع الدول المؤثرة في مجلس الأمن الدولي و مع المملكة المغربية من جهة أخرى”.

موردا أن “هذا من شأنه أن يزيد الضغط على الجزائر و على جبهة البوليساريو للالتحاق بهذه المفاوضات التي سيتأتى للأمم المتحدة الشروع في مناقشتها بصورة مستعجلة، طالما أن عناصر معالجة الموضوع باتت ممكنة، لأننا قد نشهد في القرار المرتقب لمجلس الأمن الدولي القادم، في السداسية الأولى من قرار مجلس الأمن في أبريل القادم، وقد تكون هناك إشارات من الأمم المتحدة على خلفية التقرير الجديد الذي سيضعه المبعوث الشخصي للصحراء أمام المنتظم الدولي، و على أساسه ستكون هناك توجيهات للأمم المتحدة من أجل السير قدما لمناقشة مقاربة الحكم الذاتي”.

وأردف أن هذه المقاربة “كانت مؤطرة فقط بقرار مجلس الأمن 2602، وهي الآن تتعزز بتوالي الدعم و التأييد من قبل دول كبرى كإسبانيا و ألمانيا، علاوة على دعم و تأييد المفوضية الأوربية لما سبق و أعلنت عنه إسبانيا”.

و أبرز محدثنا أنه “على المستوى الأوربي و الإفريقي يتوقع أن تفتح بولونيا قنصليتها بالعيون أو الداخلة، كما يرتقب أن نشهد في القريب العاجل تأييدات أخرى لمبادرة الحكم الذاتي، ما يعني أن الأمم المتحدة باتت تمتلك أكثر من عنصر داعم للدخول في مناقشات تتعلق بمواصفات الحكم الذاتي الذي يشكل حلا لنزاع الصحراء، وسنشهد المزيد من التأييد حتى من قبل الدول الإفريقية”.

وأضاف ان “الإشكال المطروح، هو هل في ظل هذا التأييد لمقاربة الحكم الذاتي ستستمر الجزائر في تعنتها للتوجهات الأممية والرأي العام الدولي، وهل هذا الموقف الجزائري من شأنه أن يدفع المجتمع الدولي كي يتحرك سريعا لإيجاد تسوية سياسية، سيما أن تسريع التسوية السياسية لم يعد مطلبا لدول دون الآخرى، و لكنه أصبح مطلبا عالميا و مطلبا للدول المعنية بملف الصحراء كإسبانيا”.

وخلص الفاتحي إلى أن “مآلات ملف الصحراء المغربية تنقسم لمستويين، الأول يتعلق بالأمم المتحدة، حيث أنه على الرغم من التعنت الجزائري فسيكون  بإمكانها (الأمم المتحدة)  الدخول في مفاوضات رفقة الدول المعنية في مجلس الأمن بالإضافة إلى المغرب وموريتانيا و مجموعة أصدقاء الصحراء و بعض الدول المؤثرة في أوروبا و التي لها تأثير على القرار، من أجل تشكيل لجنة دولية لمناقشة مواصفات أو معايير الحكم الذاتي الذي يمكن الإجماع عليه”.

مشيرا “إلى أن المغرب يمتلك مشروع الحكم الذاتي، المتمثل في الجهوية المتقدمة، وهو جاهز بمؤسساته، ويمكن أن يكون الأساس المنطلق للمناقشات الأممية للجهوية المتقدمة حتى تأخذ صفة الحكم الذاتي، و ستبقى المسؤولية الإنسانية للبوليساريو والجزائر، في حالة عدم الالتحاق بالموائد المستديرة أو باللجنة التي قد تشكل لمناقشة الحكم الذاتي”.

لافتا الانتباه إلى أنه “سيبقى هذا الاعتبار الإنساني، الذي هو محكوم و منظم بقرارات و مبادئ القانون الدولي، كاتفاقية جنيف 1951، أو أن يلتحق المحتجزون في مخيمات تندوف، في إطار مفاوضات الحكم الذاتي في حالة تخييرهم بين الإقامة بالجزائر أو الالتحاق بالبلد الأم، أو ينقلهم المجتمع الدولي إلى مكان آخر”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x