لماذا وإلى أين ؟

الحُسَيْني يُعـــدِّد الملفات التي ستقودُ بلينكن للمغرب والجزائر

يُـرتقب أن يقوم وزير خارجية أمريكا، بجولة في الشرق الأوسط و إفريقيا، ستشمل إسرائيل و المغرب و الجزائر و السعودية و الأردن، على أن تكون زيارته للمغرب الإثنين المقبل.

وتــأتي هذه الزيارة في ظرفية دبلوماسية دولية تـعجُّ بالإضطرابات السياسية و الميدانية، من حرب روسية على أوكرانيا وتداعياتها على المنطقة، علاوة على التوتر الذي تعرفه العلاقات الثنائية المغربية الجزائرية، وما طفا على السطع من توتر جديد بين الجزائر و إسبانيا عقب استدعاء الجزائر سفيرها من مدريد بعد اعتراف إسبانيا بمبادرة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب كحل لنزاع الصحراء سنة 2007، وهو ما يجعل زيارة بلينكن إلى المنطقة حمّالة للأوجه والأهداف.

وفي هذا السياق، أوضح الخبير في العلاقات الدولية، تاج الدين الحُسَيْني، أن “وزير الخارجية الأمريكي لا ينتقل إلى منطقة معينة إلا أذا كان الأمر يتعلق بأزمة، أو يتعلق بتسوية تدخل في إطار دور الولايات المتحدة الأمريكية، كقوة متفوقة لها مصالح حيوية تريد أن تحميها في منطقة من العالم”.

ويـــرى الحُسَيني، في تصريحه لـ”آشكاين”، أن “الزيارة التي سيقوم بها بلينكين كان من المفترض  أن يزور خلالها كلا من السعودية والإمارات، ثم إسرائيل فالجزائر و المغرب، وكل منطقة لها الأهمية التي تستحقها في مثل هذه الزيارات، لكنه تبين أنه مع الانشغال الكبير لبلينكن مع الرئيس بايدن في أوروبا لحضور عدة اجتماعات، ربما سيلغي زيارته لكل من السعودية و الإمارات، بينما سيزور فلسطين و إسرائيل وكذلك الجزائر و المغرب”.

موردا أنه “حتى بالنسبة لزيارة بلينكن للأردن ألغيت، وربما أن الملك عبد الله سيلتقي به في  الضفة الغربية عندما سيستقبل من طرف الرئيس الفلسطيني، ولكن بالنسبة للإمارات العربية، أعتقد أن الشيخ محمد بن زايد سوف يستقبل وزير الخارجية الأمريكي عندما يكون الشيخ زايد بالمغرب، و الزيارة ستقتصر أساسا على كل من إسرائيل، فلسطين، و الجزائر و المغرب”.

ولفت الحُسَيْني الانتباه إلى أن “الزيارة إلى المغرب و الجزائر تكتسي أهمية كبيرة لعدة أسباب، أولها في اعتقادي، هو التطور الذي تعرفه قضية الصحراء، و الولايات المتحدة تريد أن تحشر إلى جانبها أكبر عدد من الحلفاء، ما يعني أن لها رغبة أكيدة في تسوية قضية النزاع حول الصحراء، و استقطاب الإهتمام من طرف الجزائر و المغرب في نفس الإتجاه الذي يخدم مصالحها”.

مشيرا إلى أنه “على هذا الأساس، قد يناقش بلينكن مع الجزائريين إمكانية إعادة تشغيل أنبوب الغاز الممدود بين الجزائر و إسبانيا عبر المغرب، لأن الولايات المتحدة الأمريكية تصر على جميع الشركاء الأوربيين بأن يوقفوا استيراد الغاز من روسيا”.

مشددا على أن “هذا التحدي لا يمكن أن يتحقق إلا في إطار دفع دول الجوار، بما فيها الجزائر و ليبيا إلى التعامل من أجل ضخ أكبر كمية من الغاز نحو أوربا، ما يعني أن بلينكن سيمارس ضغوطا بهذا الخصوص”.

“لكن في  نفس الوقت”، يورد الحسيني شارحا: “قد تكون زيارته تصب في اهتمام التطورات التي عرفها ملف الصحراء، خاصة بعد أن قام رئيس حكومة إسبانيا بتوجيه رسالة تكاد تتضمن بكيفية غير مباشرة اعترافا ضمنيا بسيادة المغرب على الصحراء، عندما يتحدث سانشيز في رسالته إلى الملك، بأن مقترح الحكم الذاتي هو الأكثر مصداقية و جدية و واقعية، ويضيف فيها على أن هناك نوعا من الضمانات فيما يتعلق بالوحدة الترابية، هذا في حد ذاته للوصول إلى هذه النتيجة، الوحدة الترابية بالنسبة للمغرب لا تعني سوى مجموع الإقليم من طنجة إلى الكويرة”.

مبرزا أن “هذا التطور حاسم على مستوى العلاقات الدولية الشمولية، ليس فقط كمركز إسبانيا كمستعمر سابق، ولكن بوصفها ذات أولوية في مجموعة أصدقاء الصحراء ولها نفوذ حتى على مستوى نوع هذا الاعتراف في  أمريكا اللاتينية وفي عدة أماكن من العالم، وهذا ما يفسر رد الفعل القوي من طرف الجزائر عبر استدعاء سفيرها للتشاور”.

وأردف أن “بلينكن سيكون عليه أن يحاول مع من هم في قصر المرادية بهذا الخصوص، لتفادي أي مواجهة محتملة، خاصة أن التصعيد الجزائري في مرحلة معينة كان مرتبطا بنزعة عدوانية واضحة مع إمكانية استخدام القوة للهجوم على المغرب، ما يعني أن بلينكن سيحاول التهدئة من جهة، ومن جهة ثانية سيحاول الدفع في اتجاه إعادة ضخ الغاز الجزائري عبر المغرب في اتجاه إسبانيا عبر مساره التقليدي في الأنبوب المغاربي، وتقريب وجهات النظر في إطار تسوية نزاع الصحراء”.

وأضاف الخبير في العلاقات الدولية نفسه أن “العلاقات الثنائية بين المغرب و أمريكا تتميز بنوع من التقارب الواضح بينهما في كل المجالات، وأمريكا تتوقع من المغرب أن يكون مجرد حليف  استراتيجي بكونه خارج حلف الأطلسي أو في إطار تنظيم مناورات الأسد الإفريقي، أو مجمع الحوار الإستراتيجي المستمر، والذي ترعاه نائبة وزيرة الخارجية مع نظيرها المغربي”.

وخلص إلى أن “هذا التعاون له آفاق مستقبلية جد مهمة، ولم يكن عبثيا ان يتصل وزير الخارجية المغربية بنظيريه الروسي و الأوكراني من أجل محاولة الوساطة، و لم يكن من غير الممكن أن يلعب المغرب دورا مهما في عدة قضايا حاسمة في المستقبل القريب، بما فيها محاربة داعش، إذ أن هناك مؤتمرا سينعقد قريبا في المغرب بهذا الخصوص، ولم يعد غريبا أيضا أن يلعب المغرب دور الوسيط بين أوروبا و إفريقيا في العديد من القضايا التي تهم أوروبا و الولايات المتحدة”.

واسترسل “هذا يعني أن إمكانية التعاون بين المغرب وأمريكا قائمة بالفعل خاصة وأن بلينكن زار المغرب من قبل في عهد الرئيس الأمريكي أوباما، عندما كان بلينكن مساعدا لوزير الشؤون الخارجية، إذ أجرى حوارا آنذاك مع إحدى القنوات المغربية وعبر فيها عن استعداده لتعاون أكثر منذ ذلك التاريخ مع المغرب، وكان لديه لقاء بوزير الخارجية المغربية في واشنطن و مؤخرا في روما، ولديه علاقات متطورة مع المغرب في مختلف المجالات”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
Nasser
المعلق(ة)
25 مارس 2022 19:55

Vous pouvez dormir tranquille. Ni Sherman, ni Blinken, ni même Biden ne feront transiter de nouveau, le gaz algérien par le maroc. Les américains doivent dès maintenant chercher comment punir les algériens. La cartouche espagnole a été tirée place au consulat?

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x