لماذا وإلى أين ؟

“نساءٌ في حياة الرسول”.. عائشة مُتّهَـمة بِخيانَة النَّبي (ح 5)

لعبت النساء دورا محوريا في حياة الرسول محمد (ص)، بدءا من زوجاته فبناته ثم حفيداته، وتجاوزن هذا الدور إلى المساهمة في انتشار الدعوة الإسلامية في الحقبة الأولى للإسلام، فكانت أول من آمنت بالنبي امرأة، وهي خديجة بنت خويلد، الزوجة الأولى للرسول.

قصص عديدة، ستحاول “آشكاين” سردها في هذه السلسلة الرمضانية التي اختير لها عنوان “النساء في حياة الرسول”، والتي من خلالها سيتم تسليط الضوء أيضا على الحياة العاطفية للنبي وكيفية تعامله مع زوجاته وتعاملهن معه، بالإضافة إلى علاقتهن ببعضهن البعض مع سبر أغوار حياتهن الإجتماعية والسياسية من خلال الإعتماد على عدد من المراجع كالأحاديث والقرآن وكتب التراث أو باحثين في تفاصيل.

الحلقة الخامسة: حادثة الإفك ومرض عائشة وسكوت النبي أمام تهمة الخيانة

تُــعَدُّ حادثة الإفْـك من الوقائع الشهيرة في المجتمع الإسلامي الأول وتمحورت بالأساس حول اتهامات بالخيانة طالت عائشة زوجة الرسول، وهي الإتهامات التي تشير غالبية المصادر إلى أنها فبركت واستغلت من قصة ضياع عقد عائشة، وذلك من طرف المنافقين قصد المساس بسمعة النبي.

وكلمة الإفك تعني الكذب والبهتان ، ولذلك أطلق المختصّون في علم السيرة النبويّة، هذا الإسم على حادثة الإفك،  وقد قال فيها الله -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُم).

وتعود تفاصيل الواقعة إلى خروج عائشة مع الجيش في غزوة بني المصطلق،  بعدما بلغ إلى علم الرسول في شهر شعبان من السنة السادسة من الهجرة أنّ الحارث بن أبي ضرار يجهّز جيشه من أجل غزو المدينة، فخرج النبي نحو بني المصطلق، وتواجه الجيشان مواجهة ليست بالكبيرة، انتهت بتراجع المشركين و انتصار المسلمين.

وقد كان الرسول فيما ترويه عائشة يقرع بين زوجاته، وأيهنّ خرج اسمها أخرجها معه في غزواته، وفي هذه المرة أقرع بينهنّ فخرج اسم عائشة، وكانت آيات الحجاب و فرضه قد أنزلت قبل هذه المرّة، فخرجت عائشة مع الرسول في هودج.

فبعد انتهاء الغزوة أراد الرسول العودة إلى المدينة، وفي العودة أثناء الإستراحة فقدت عائشة عقداً لها فلم تجده، فذهبت تبحث عنه وقد كانت خفيفة الوزن حينها، فلمّا أرادوا إستكمال المسير حملوا الهودج وساروا دون أن يشعروا أنّ عائشة ليست فيه، إذ و بعد أن وجدت عائشة عقدها وعادت إلى مكان الجيش لم تجده.

وصادف، وفق الروايات التي تطرقت لحادثة الإفك” أن الصحابي صفوان بن المعطل الذي كان من ضمن الجيش وكانت مهمّته أن يبقى في مكانه إذا حلّ اللّيل، ثمّ إذا أصبح الصّباح سار من خلف الجيش يتفقّد الطريق من بعدهم، إن كان قد وقع من أحدهم شيئاً يأخذه ويعود به إليهم، ثمّ يرجعه إلى صاحبه، (صادف) أن وجد عائشة تبكي وهي تحاول اللحاق بالجيش.

وسألها صفوان، فأخبرته أنّها عائشة، فقال: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، ونزل عن بعيره ثمّ سألها عن أمرها، فأخبرته بما حصل معها، فحملها على بعيره وسار بها. وتفقّد الرسول عائشة فلم يجدها إلى أن جاءت رفقة صفوان محمولةً على بعيره.

وهذه الواقعة استغلها،  بحسب مصادر متطابقة،  حتى “المنافقون” فاختلقوا ما عرف بحادثة الإفك قصد المساس بعرض النبي محمد، ولم يتوقّف الحديث عند المنافقين وحسب، بل امتدّ ليتحدّث به أُناس من مثل مسطح بن أثاثة ابن خالة أبي بكر الصّديق والد عائشة وغيره.

وكان أبو بكر ينفق على مسطح بن أثاثة، فلمّا تكلّم بذلك امتنع عن النفقة عليه، فأنزل الله: (وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ).

ويقال إن شخصا كان يوصف بالمنافق،  ويدعى عبد الله بن أبي سلول كان على رأس من اختلق هذه الكذبة وأثارها، ولم يكن يريد أن يُظهر للنّاس أنّه مصدرها، فكان يذهب إلى النّاس ويقول لهم: أما سمعتم ما قيل في عائشة، قيل كذا وكذا.

وتأزمت حال عائشة عندما علمت ما يقال عنها من إشاعات إلى درجة أنه أغمي عليها عند علمها بذلك، ومرضت مرضاً شديداً، وبكت بكاءً حتّى لم يبقَ من دمعها شيء، ولم يطرق النوم بابها،  خصوصا وأن موقف الرسول مما وقع كان الصوم عن الكلام،  نظرا لتقيده بالوحي.

وهكذا لم ينطق الرسول ببنت شفة حول ما وقع،  إلى أن ظهرت براءة عائشة وصفوان بطريقة أسكتت أفواه المنافقين والمشركين،  ولنا تفاصيل أوفى في الموضوع في الحلقة القادمة.

يتبع

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

3 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
محمد احمد المختار
المعلق(ة)
الرد على  عبد الله
8 أبريل 2022 15:37

Iم المؤمنين عائشة رضي الله عنها رضي الله عنها العالمة العارفة الطاهرة سليلة البيت الطاهر ابنت الصديق رضي الله عنه،ليست متهمة ولن تكون كذلك، (الله العلي القدير عصم رسوله صلى الله عليه وسلم وهيأه لان يكون وحيا يوحى ولا ينطق عن الهوى وعصمه في افعاله واقواله وحركاته وسكناته وفي اهله وعشيرته الاقربين،)(وما ينبغي لأحد اي كان ان يوذي رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوعد الله الءدذين يوذون رسول الله بالعذاب الشديد ،وهذه العبارة التي كتبها صاحب المقال (عائسة متهمة)تدخل في خانة اذاء رسول الله واذاء المؤمنين في امهم التي روي عنها احاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم،/فليحذر الذين يخالفون عن امره أنتصيبهم فتنة او يصيبهم عذاب أليم.

عبد الله
المعلق(ة)
8 أبريل 2022 10:36

لا زال الروافض لعنة الله عليهم يتهمون أم المؤمنين رضي الله عنها و أرضاها. اللهم اجعل ذلك حجة على كل من يقذف المحصنات يوم الحساب

مسلم
المعلق(ة)
8 أبريل 2022 10:29

بدء ذي بدء، حين ذكر اسم الرسول نضيف صلى الله عليه وسلم. ثم لايجوز أن نحكي حكايات بعيدة عن التخصص. اللهم اهدينا للطريق الصحيح.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

3
0
أضف تعليقكx
()
x