2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

يُـصوِّت أكثرُ من ثلاثة ملايين فرنسي من أصول مغاربية في الإنتخابات الرئاسية الفرنسية المُزمع إجْـراءُ جولتها الأولى، الأحد.
ويتنافسُ في الإنتخابات 14مترشحا أبرزهم الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون، و مُرشّحُ اليمين المتطرف إيريك زمور، والمُرشّحة اليمينية مارين لوبان، إضافةً إلى مُرشّح حزب “فرنسا الأبية” اليساري جون لوك ميلونشون.
و يتصدر ماكرون قائمة المرشحين للفوز بالإنتخابات حسب آخر استطلاعات الرأي بـ 26 بالمائة، تليه لوبان بـ 23 بالمئة، ثم ميلونشون بـ17 بالمئة.
أي دور للأقلية المغاربية بالإنتخابات؟
الأقلية المغاربية رقمٌ مهم في الإنتخابات الرئاسية، حيث تُـعدُّ من أكثر الأقليات الأجنبية تأثرا و تأثيرا بالإنتخابات ونتائجها، و تمثل بين 5 و 6 بالمائة من جُملة الناخبين في فرنسا الذين يتجاوز عددهم 45 مليونا.
في هذا السياق، كان سفير الجزائر لدى باريس عنتر داود، قد صرّح خلال الأزمة الدبلوماسية بين البلدين في أكتوبر 2021، أن “على الجالية الجزائرية بفرنسا أن تلعب دورها في الحياة السياسية و تؤثر في المشهد الفرنسي”.
ويستأثر الجزائريون بأعلى نسبة ولادات للأقليات المهاجرة، بلغت 12.7 بالمائة وفقا لأرقام المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الإقتصادية في فرنسا، و يأتي المغاربة في المرتبة الثانية بـ 12 بالمائة، والتونسيون في المرتبة الرابعة بـ4.5 بالمئة.
وتُشير إحصاءاتٌ إلى أن عددَ الجزائريين في فرنسا بلغ 5.5 مليون نسمة، مقابل 3 مليون مغربي، فيما يُقدَّر عددُ التونسيين بحوالي مليون.
الهجرة و”الإسلاموفوبيا”
يحتل ملفُ الهجرة، المرتبة الخامسة في أولويات الناخب الفرنسي، بعد القدرة الشرائية والحرب في أوكرانيا والبيئة والنظام الصحي، حسب تقرير شركة “إبسوس” المختصة في عمليات سبر الآراء.
وجاء في التقرير أن 22 بالمائة من الفرنسيين، يعتبرون ملف الهجرة مُحددا مُهمّاً في اختيار رئيس البلاد القادم، فيما تُشير الأرقام إلى أن 4 من 10 فرنسيين يدعمون فكرة التصدي للهجرة.
ومثّلت الهجرة محورا هاما في البرامج الإنتخابية، حيث يعتبرُ مُرشّحو اليمين، المُهاجرينَ عِـبْئًا على المجتمع الفرنسي و سببًا في انتشار كل الظواهر السلبية من جريمة و غيرها.
وأعْلن إيريك زمور، مُرشّحُ اليمين المتطرف نيّـتهُ إحداثَ وزارةٍ لإعــادة المُهاجرين و طرد الأجـانب، مُتعهدا بطرْد مليون مُـهاجر خلال فترة حُــكمه.
كما شدّد زمور على أنه، في حال وصوله إلى الحكم، سيزور كُـلًّا من الجـزائر والمغرب و تونس للإتفاق معهم حول تنظيم عودة المهاجرين.
فيما يرفضُ مرشحو اليسار مُعاملة المُهاجرين بشكل سيء، و يؤكد بعضهم على أن مصلحة الإقتصاد الفرنسي تكمن في عدم الإستغناء عنهم، خاصة وأن بعض القطاعات تقوم عليهم، على غرار قطاع البناء والمستشفيات والمطارات والفنادق و شركات التنظيف و الأمن و النقل و السيارات أو صناعة المواد الغذائية، حسب ما جاء في البيان الإنتخابي لمُرشحة حزب “النِّـضال العُمّالي” نتالي أرتو .
وفي السنوات الأخيرة تصاعدت حملة “الإسلاموفوبيا” (الخوف من الإسلام) في الإعلام الفرنسي حيث يتبنى اليمينُ واليمينُ المتطرف هذا الخطاب، فيما يَعتبرُ المُفكِّـر الفرنسي فرنسوا بورغا، أنهُ أصبح “خطابا رسميا يُعبّـر عن موقف الدولة”.
ويُعد قانون “مبادئ تعزيز احترام قيم الجمهورية” أو ما يسمى بقانون” الإنفصالية”، الذي يستهدف المسلمين من أهم مظاهر توجه الدولة الفرنسية برئاسة ماكرون نحو شرعنة خطاب العُنصرية ضد المسلمين.
هذا ما أفاد به أستاذُ العلوم السياسية في الجامعة الجزائرية عمار سيغة للأناضول، قائلا: “يعد قانون الإنفصالية خطوةً عدائية من قبل الحُـكومة الفرنسية تجاه المسلمين بهدف استمالة أنصار اليمين و اليمين المتطرف من قبل ماكرون”.
ميلونشون.. مرشح الجالية المغاربية
جاء في استطلاع رأي صادرٍ عن “معهد دراسات الرأي و التسويق في فرنسا و العالم”، شمل 1108 ناخبين من أصول إفريقية، أن 38 بالمائة من المستجوبين من أصول جزائرية و مغربية و تونسية ينوون التصويت للمرشح جون لوك ميلونشون، فيما ينوي 25 بالمائة منهم التصويت للرئيس الحالي ماكرون.
و”في حال تواجه المرشحان في الدور الثاني سيصوت الأفارقة، بمن فيهم الجالية المغاربية لصالح ميلونشون بـ 51 بالمئة، مقابل 49 بالمئة، لفائدة ماكرون”، وفق استطلاع الرأي.
وأظهر نفس الإستطلاع، أن “نسبة نوايا التصويت لدى الجالية المغاربية لمرشحي اليمين و اليمين المتطرف تتراوح بين 7 بالمائة لصالح إيريك زمور، و 10 بالمائة لفائدة مارين لوبان”.
واعتبر أستاذ التاريخ في الجامعة الفرنسية عادل المحرزي، أن “الدعم الذي يحظى به ميلونشون من قبل الجالية المغاربية مردُّهُ مواقفُه المعتدلة من قضايا الهجرة و مُعاداته لخطابات الإسلاموفوبيا”.
وأردف: “فضلا عن مواقف ميلونشون المُشرفة من القضية الفلسطينية و كذلك خياراته الإقتصادية والإجتماعية المنصفة للفئات الضعيفة”.
واستطرد: “تُحسبُ له أيضا مُقاربته للعلاقة بين الشمال و الجنوب القائمة على التعاون و التكامل”.
هل تؤثر الجالية المغاربية في الإنتخابات؟
تختلف وجهات النظر بين قدرة الأقلية المغاربية على التأثير في الانتخابات الرئاسية الفرنسية بين مؤيد و مشكك.
يقول الأكاديمي سيغة: “تبقى الجالية المغاربية في فرنسا مُهمّة في كل مناسبة انتخابية، لاسيما و أنها تمثل الرقم الأعلى من حيث المقيمين، بالإضافة إلى ما يجمع بين فرنسا و المغرب العربي من روابط تاريخية و مصالح اقتصادية”.
وأضاف أن “تأثير الجالية المغاربية يظهر أيضا من خلال المواقع المهمة التي يشغلها العديد منهم خاصة في مجالات الإعلام والثقافة والرياضة”.
وأرْجَــع المُتحدث، “اهتمام بعض المرشحين بالناخب المغاربي و قضاياه إلى تأثيره المهم في نتائج الإنتخابات”.
في المقابل، يرى الأكاديمي المحرزي، أن “الكتلة المغاربية في فرنسا كتلةٌ مهمّــة ولكن غير مُؤثرة كما يجب، خاصة في ظل عُزوف أغلبهم عن المشاركة بالانتخابات، حيث لا تتجاوز عادة نسبة المصوتين منهم 50 بالمائة”.
وأوضح أن غالبية الأقلية المغاربية “خاصة الجيل الثالث من أبناء المهاجرين قد اندمجوا في المجتمع الفرنسي وصار ما يحدد اختياراته هو القضايا الجامعة للفرنسيين على غرار مُواجهة غلاء الأسعار و تخفيض التأثيرات الإقتصادية الناجمة عن جـــائِحَةِ كــورونا”.