2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

لعبت النساء دورا محوريا في حياة الرسول محمد (ص)، بدءا من زوجاته فبناته ثم حفيداته، وتجاوزن هذا الدور إلى المساهمة في انتشار الدعوة الإسلامية في الحقبة الأولى للإسلام، فكانت أول من آمنت بالنبي امرأة، وهي خديجة بنت خويلد، الزوجة الأولى للرسول.
قصص عديدة، ستحاول “آشكاين” سردها في هذه السلسلة الرمضانية التي اختير لها عنوان “النساء في حياة الرسول”، والتي من خلالها سيتم تسليط الضوء أيضا على الحياة العاطفية للنبي وكيفية تعامله مع زوجاته وتعاملهن معه، بالإضافة إلى علاقتهن ببعضهن البعض مع سبر أغوار حياتهن الإجتماعية والسياسية من خلال الإعتماد على عدد من المراجع كالأحاديث والقرآن وكتب الثراث أو باحثين في تفاصيل.
الحلقة العاشرة: سابع زوجات النبي بنت عمه التي قهرت والدها من أجله
هي أم المؤمنين رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس، وكُنيتها أم حبيبة، نسبة إلى ابنتها حبيبة، وأمُّها هي صفية بنت أبي العاص وهي عمة الصحابي الجليل عثمان بن عفان بن أبي العاص، وهي من بناتِ عم النبي وأقرب زوجاته إليه نسبًا، وهي أخت معاوية بن أبي سفيان.
تعد رملة من السابقات للإسلام، عرفت بذكائها وفصاحتِها ورأيها السديد، وقد أسلمت في مكة المكرمة، وهاجرت مع زوجها عبيد الله بن جحش إلى الحبشة، وقيل: خرجت من مكة وهي حامل بابنتها حبيبة وولدتها في أرض الحبشة، ورأى آخرون أنَّها أنجبت ابنتها حبيبة في مكة المكرمة قبل الهجرة، وكانت قد رأت في منامها ما يخيفها على زوجها عبيد الله بن جحش وقد تحققت رؤيها؛ إذا أن زوجها ارتد عن الدين الإسلامي واعتنق النصرانية وهو في الحبشة وبقيت على دينها ومات وهو على ذلك.
عندما انتهت عدة رملة بنت سفيان خطبها الرسول وطلب منها أن توكلَ أحدًا يزوجها منه فلما أبلغتها جارية أبرهة بذلك استبشرت وأعطتها سوارين من فضة وخلخالين وخواتم فضة فرحًا بما بشرتها به وطلبت من خالد بن سعيد بن العاص أن يكون وكيلًا عنها.
واجتمعَ المسلمون وخطبَ النجاشي أم حبيبة للنبي وجعلَ صداقها 400 دينار، وتزوجا في السنة السابعة للهجرة، وكانت في الثلاثين من عمرها أو تزيد قليلًا عندما قدمت مع الرسول إلى المدينة، ولما سمعَ أبو سفيان بزواج ابنته من الرسول قال: “ذَلِكَ الْفَحْلُ لَا يُقْرَعُ أَنْفُهُ”، وقال ابن عباس رضي الله عنه: أنَّ الله تعالى أنزل قوله: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً}.
وروت رملة بنت أبي سفيان 65 حديثًا عن محمد (ص) وأخرج لها البخاري ومسلم حديثين متفق عليهما، وأخرج مسلم حديثين لها دون البخاري، وروى عنها أخواها معاوية بن أبي سفيان وعنبسة بن أبي سفيان، وابن أخيها عبد الله بن عتبة بن أبي سفيان وعروة بن الزبير وأبو صالح السمان وزينب بنت أبي سلمة وأبو المليح عامر الهذلي وصفية بنت شيبة وشُتير بن شكل وغيرهم.
ذات مرة زار والد رملة ابنته بالمدينة للتفاوض مع النبي على تمديد الهدنة بينهم، وجلسَ على فراش الرسول من غير أن يستأذنها، فسارعت إلى أخذ الفراش الذي جلسَ عليه من تحته، فلمَّا رأى ذلك سألها قائلًا لها: “أطويته يا بنية رغبة بي عن الفراش، أم رغبة بالفراش عني؟”، فردت عليه ابنته وقالت: “هو فراش رسول الله، وأنت رجل مشرك، فلم أحب أن تجلس عليه”، فقال لها أبو سفيان: “لقد أصابك يا بنية بعدي شر”، فانصرف عنها وهو حزينٌ.
لما شعرت أم رملة باقتراب أجلها تسامحت مع أم المؤمنين عائشة بسبب المشاحنات والخلاف بين الضرائر فقالت لعائشة: “قد كاد أن يكون بيننا ما يكون بين الضرائر، فتحلليني من ذلك أو قالت: قد يكون بيننا ما يكون بين الضرائر، فغفر الله لي ولك ما كان من ذلك”، فاستغفرت لها عائشة أم المؤمنين وحللتها ففرحت لذلك، وقالت لها: سررتني سرَّك الله، وهذا ما فعلته مع أم سلمة.
وتوفيت رملة بنت أبي سفيان في سنة أربع وأربعين من الهجرة، وقيل: إنَّها توفيت سنة اثنين وأربعين، وقال بعضهم: إنَّها توفيت قبل أخيها معاوية بن أبي سفيان بسنة، ودُفنت في البقيع في المدينة المنورة، حيث دفنت باقي زوجات النبي.