لماذا وإلى أين ؟

أخطاء بايتاس تُهدّد حُكومة أخنوش

ما كاد المغاربة ينسون لحسن عبيابة، الناطق الرسمي بإسم الحكومة سابقا، الذي سجل رقما قياسيا في الفشل الوزاري، حتى جاءهم خَـلفُه على نفس المنصب الحكومي، المصطفى بايتاس ليذكرهم به و بخرجاته التي أحرجت الحكومة قبل أن يُنقذهم منه إعفاءٌ من المنصب الحكومي.

بايتاس الذي كان أوَّلُ وعده، من خلال أوَّلِ إطلالةٍ له على المغاربة كمسؤول في حكومة عزيز أخنوش، هو تغيير جِذري لاستراتيجية التواصل الحُكومي من خِلال مؤسسة النّاطق الرسمي، سَــقَطَ في نفْس زلّات سلفِهِ الفاشل عبيابة.

فبعد أن حاول هذا الوزير الشاب، الذي توسم فيه المغرابة فلاحا، إبهار المغاربة بإظهار تمكُّـنه من كل المواضيع و محاولة إجابته على كل الأسئلة التي تطرح عليه، بمنطق العارف بكل شيء، كانت أشهر قليلة من عمر الحكومة كافية لكشف نقط ضعفٍ فظيعة لهذا الوزير، قد تعود سلبا على العمل الحكومي و تزيد من حدة الإحتقان الإجتماعي، و تُفيض كأس الغضب الشعبي.

فهذا الوزير الذي من المفترض أنه ناطقٌ رسمي باسم الحكومة، أي أن المهام المنوطة به في هذا المنصب مُحددة بمرسوم، ارتمى في أكثر من مناسبة على مهام غيره من زملائه الوزراء، و تحدث باسمهم لا باسم الحكومة، وهو الأمر الذي أسْقطهُ في فخ قول ما لا يعلم وتمرير مُغالطات ومُعطيات غير مؤكدة للمغاربة.

لن نقف في هذا المقال على كل الأخطاء التواصلية، للوزير بايتاس، بصفته ناطقا رسميا باسم الحكومة، وسنكتفي بعرض نماذج فقط، لتبيان ما تشكله من خطر على الإستقرار والسلم الإجتماعيين.

أول هذه الأخطاء وَعْدُه، بعد أقلَّ من شهر على تنصيب الحكومة، “أساتذة التعاقد”، والذين يعتبرون في وقتنا الراهن أكبر بؤرة احتجاج اجتماعي في المغرب، بأن الحكومة ستلبي مطلبهم قبل نونبر 2021، ليظهر بعد ذلك أن كلامَهُ عارٍ من الصحة، مما زاد هُوّة عدم ثقة هذه الفئة في الحكومة اتساعا، و دفعهم إلى مزيد من التصعيد في احتجاجاتهم، الأمر الذي أدخلهم في اصطدام مع القوات العمومية، و اعتقال عدد منهم، و منح فرصة للمتربصين بالمغرب لمهاجمته و اتهامه بالتضييق على حرية التظاهر و قمع الأساتذة و غيرها من النعوت التي قد تكلف المغرب بعضا من رصيده الحقوقي في المنظمات الحقوقية الدولية.

ومن أخطاء بايتاس أيضا أنه غير مُدرِك لما يشكله منصبُه من أهمية، لكونه هو صلة الوصل بين المواطنين والحكومة، وعليه إيصال المعلومة الصحيحة ومحاولة امتصاص الغضب الشعبي الذي تخلفه بعض القرارات الحكومية أو الناجم عن تحولات تفرضها قوانين السوق الدولية.

فعكس ذلك، صبَّ بايتاس الزيت على نار السُّخط الشعبي في أكثر من مناسبة، كانت آخرها إبان الإرتفاع التاريخي غير المسبوق لأسعار المحروقات و ما كان لذلك من تداعيات على باقي أسعار المواد الإستهلاكية وخاصة تلك التي ينتجها المغرب كالخضروات مثلا.

فعندما وصل ثمن الطماطم، التي ينتجها المغرب ويحقق منها اكتفاء ذاتيا ويعد أهم مصدريها، خرج بيتاس على المغاربة ليبشرهم بأن الحكومة اتخذت تدابيرا مستعجلة للحد من ارتفاع أسعار الطماطم، وتتجلى في وقف التصدير من هذه المادة، ليعود بعد أسبوع من هذا التصريح، وبالضبط يوم 24 مارس المنصرم، ويخبر المغاربة بأن سعر الطماطم أصبح يتراوح بين 2 دراهم و4 دراهم بسوق إنزغان !!

تصريحات بيتاس كذبتها الأسعار المسجلة في الأسواق خلال ذلك الأسبوع، بل أن رئيسه في الحكومة والحزب، عزيز أخنوش، خرج أسبوعا بالضبط بعد تصريح الناطق الرسمي لحكومته ليؤكد أن سعر الطماطم يتراوح بين 7 و9 دراهم، متهما المعارضة بالكذب، ناسيا أو متناسيا أن الكذب صادر ممن يعول عليه في أن يكون لسانه لمخاطبة المغاربة.

بايتاس وبدل أن يُحاول توضيح أسباب إرتفاع أسعار المحروقات و بيان ما ستقوم به الحكومة من إجراءات للتخفيف من آثاره على المواطن وانعكاسات ذلك على الإستقرار الإجتماعي، راح يستفز المواطنين و”كيحك على الضبرة” باعتباره أن كُلَّ من يملك سيارة خاصة و يتنقل من مكان إلى أخر فهو يقوم بذلك بغرض الترفيه و”المسارية” ! سواء كان تنقلهم هذا من أجل أداء وظائفهم أو إيصال أبنائهم لمدارسهم أو لغرض آخر بعيد كل البعد عما يُلمِّـح له الوزير بايتاس بقوله “الحكومة ستدعم مهنيي النقل العمومي أما لي باغي يمشي للصخيرات هذا شيء آخر”.

بل أنه “خَــرَّج” عينييه في المواطنين الذين يؤدون راتبه الشهري و تعويضاته السمينة من ضرائبهم، وطالبهم بتحمل مسؤوليتهم اتجاه جحيم غلاء المحروقات بقوله “لي عند وشي سيارة يتحمل مسؤوليتو في محروقاتها”، بمعنى أن الحُكومة تتنصل من مسؤوليتها تُجاه المواطنين الذين بفضلهم يوجد بايتاس و أمثاله في مناصب كمنصبه هذا.

وبمنطق بايتاس، فلا يجب على الدولة تحمل مسؤوليتها في الصحة و التعليم و باقي الخدمات الأخرى تجاه المواطنين، وبالتالي ما الداعي لوجود هذه الحكومة أصلا و لماذا سيؤدي المواطن الضرائب لها (الحكومة) إن كان هو من سيتحمل كل مسؤوليته المباشرة في مثل هكذا أزمات؟

بايتاس لم يتوقف عند هذا الحد، بل تعداه إلى تشجيع الشركات على الرفع من الأسعار، وذلك بربطه ارتفاع الأسعار بالجودة عند حديثه عن وصول سعر قنينة إحدى ماركات زيت المائدة من فئة 5 لتر إلى 130 درهما !!!  وما قاله بيتاس بهذا الخصوص يدفع للإعتقاد أنه ناطق رسمي باسم هذه الشركات لا باسم الحكومة، وأن هذه الأخيرة وُجِدت لحماية مصالح الشركات و تبرير كل ما تفعله ضدا على مصلحة المواطنين لا لتدبير الشأن العام و إيجاد حلولٍ مناسبة لما يعترض المواطنين من إشكالات، اقتصادية كانت أم اجتماعية أو ثقافية .. إلخ.

ومما سنختم به نماذج من أخطاء بايتاس التي قد تتحول إلى خطايا تكلف الحكومة كثيرا، هو مساهمته في اتساع هوة الثقة بين المغاربة و الحكومة التي يعتبر (بايتاس) لِسانَ حالها الذي تخاطب به المغاربة.

الثقة التي وعد الحزب القائد للحكومة، بقدرة قادر، بأن يسترجعها؛ ها هو بايتاس يزيدُ من اتساع هوتها بما يصرح به من أرقام و معطيات غير دقيقة و غير مضبوطة، و التي تظهر أنه يتبع مبدأ “الغميق وجيب يا فم وقول”، لا مبدأ التصريح بما يعلم به و بما يتوفر لديه من معطيات دقيقة، إلى درجة أن الزملاء الصحافيين صحّحوا له معطياته علنا و على المباشر في أكثر من مناسبة.

ما ذكرناه هو فقط الشجرة التي تخفي غابة من أخطاء بايتاس التواصلية، و التي، إن لم يتم استدراكها، قد تتسبب في تطورات تودي بالحكومة كلها. وهذا الشي إذا قلناه لبايتاس، “غير باش ما يتسبب للحكومة في الإفلاس”.

وللحديث بقية

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

2 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
عبدو
المعلق(ة)
23 أبريل 2022 19:50

افراد حكومة اخنوش دو كفاأت عالية، ومتمرسون في اخصاصاتهم، ومنزهين من الأخطاء، ههههههه

Samira
المعلق(ة)
23 أبريل 2022 19:34

هل هناك قانون في المغرب يمنع المسؤولين الوزاريين من ممارسة التجارة بجميع أنواعها؟ إذا كان نعم. مذا يفعل أخنوش وعدة وزراء في الحكومة ؟هل القانون الدستوري المغربي مجرد حبل على ورق؟ هل المغرب فعلا دولة الحق والقانون ؟

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x