لماذا وإلى أين ؟

على هامش أسعار الحج.. هل من تناسب؟

اتفق أن عاينت أحدهم يهنئ زميلا له بحرارة بالغة و حماسة شديدة، فدفعني الفضول لسؤال المُهنَّأ عن سبب التهنئة الحارة، ليخبرني أنه مقبل على رحلة نحو مكة لأداء الحج، و استرسل متحدثا عن فوائد الحلول و الطواف بالكعبة، مع ما يرافق ذلك من طقوس السعي بين الصفا و المروة و الوقوف بعرفات، معتبرا تلك الأمكنة جنة من جنان الفردوس الأعلى، وهذا قبل أن يتذكر فريضة رمي الجمرات ورجم إبليس بالحصوات.

حينها، نصحت ذلك المواطن المُقبل على الحج، بعدم التفريط في واجب “مكافحة الشيطان” بكل ما أوتي من حجر، و اقترحت عليه أن يختار الأثقل من الأحجار و يوجهه نحو هامة الشيطان العاصي حتى ينهي حياته و ينعم المسلمون و غير المسلمين في أرجاء العالم بالأمن من مناوراته، و ينال بذلك أجرا عظيما و حسنات وفيرة.

يعتقد الناس في أرجاء العالم معتقدات غريبة حينما يُنْظَرُ إليها من جِهَة العلوم الحقَّة، و تُرى موضوعاً للدراسة و التفسير حين يُنْظَرُ لها من جِهة العُلوم الإنسانية. و من وجهة نظر الباحثين في موضوع تاريخ الأديان، فمعتقدات، مثل حالة رجم الشيطان بالقرب من مكة، هي مجرد تهيؤات، لِتعارُضها مع ما يُنسَب للنّبي محمد نفسه من قولٍ بأنّ “عرش إبليس قائم على الماء و أنّه يبعث سراياه من الشّياطين كلّ يومٍ حتّى يوقعوا بين بني آدم الدّسائس ولِيُوسْوِسوا لهم وإنّ من أحبّ البلاد إليه وأبغضها إلى الله الأسواقُ والطّرقات التي يتجمّع فيها النّاس و أنّ الخراب مَساكِنُه المفضّلة” .

مناسك مزعومة مثل هذه، لم يأت بها نص ديني قطعي الدلالة و الثبوت، لكن، رغم ذلك، فعامة المسلمين يؤمنون بها على سبيل القطع و اليقين الثابت، و يسعون بسبب ذلك إلى محاولة الدفاع عن مشروعية هذا الطقس المختلق، بسبب تأثيرات الثقافة و الدين اليهوديين على الدين الجديد، عبر رجال دين يهود أعلنوا إسلامهم، أو ربما تظاهروا بذلك فقط، كوهب بن منبه أو كعب الأحبار.

لقد بقي العقل “المسلم”، رغم محاولات الإصلاح التي قادها مجددون مثل رشيد رضا و محمد عبده، رهين الأساطير و أسير الخزعبلات، ولم يعد قادرا على تجاوز الماضي، بل سعى بكل بلادة لربط إيمان المخلوق بالخالق، بتاريخ معين و أشخاص معينين بذواتهم، بل إنهم “طَوَّروا” هذا الإيمان إلى درجة الإعتقاد بخرافات ما أنزل الله بها من سلطان، خرافات مثل تلك التي تنسب للجِنِّ مقتل سعد بن عبادة و أن الجن نظم في هذا الموضوع شعرا يقول : “قَتَلْنَا سَيِّدَ الْخَزْرَجِ سَعْدَ بن عبادة

رميناه بسهمين فلم نخط فؤاده ” ! أو حكايات مثل تلك التي تزعم أن الله أخّر الشمس لساعة حتى يلا تفوت علي بن أبي طالب صلاة العصر بعدما فاتته بسبب نوم الرسول على فخذه !

إن الشيطان، في ثقافة المسلمين، كائن شرير حقيقي و محسوس، و لذلك لا يتوانون في توجيه الضربات القاتلة إلى دماغه باستعمال الحَصَوات، فهو مجرم، حاول في الماضي صَدَّ النبي إبراهيم عن تقديم إسماعيل قربانا لله، و رغم فشله في مُراده، إنه، كما يبدو، “مجرم بالفِطرة” و سيعود في كل مرة إلى إغواء الناس و صدهم عن فعل الخير.

مناسبة الحديث ما أعلنته وزارة الأوقاف، قبل أيام عن الحد الأدنى للمبلغ النقدي الواجب دفعه من قبل أي حاج حتى يتمكن من أداء مناسك الحج، و هو مبلغ يناهز السبعين ألف درهم، فهل يتناسب حجم هذا “الاستثمار الديني” مع “حجم المردودية” المنتظرة منه ؟

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

3 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
نورالدين
المعلق(ة)
الرد على  حسن
31 مايو 2022 18:42

سماهم على وجوههم!

حسن
المعلق(ة)
31 مايو 2022 13:29

لقد أتى الزمن الذي يتكلم فيه الرويبضة .انت رويبضة وجاهل.لو كنت تعلم معنى ان تبذل الغال والنفيس لنيل رضا الله لما كتبت هذه الغزعبلات.فريضة الحج فريضة على المسلم القادر المستطيع.

كريم
المعلق(ة)
31 مايو 2022 01:11

الصراحة لم أفهم جيدا ما يريده صاحب المقال، يهاجم شعائر الحج عند المسلمين، يهاجم السلف ام يهاجم وزارة الاوقاف بسبب ثمن الحج هادا العام، بانلي براسو ماعارفش شنو باغي….. لذلك لن اجيب عليه حتى يشد طريق واضح و صريح، و يترجل و يشرح لنا مزيان الفكرة ديالو.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

3
0
أضف تعليقكx
()
x