2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
هل تنجح خطة الجزائر في دفع إسبانيا للتراجع عن اعترافها بمغربية الصحراء؟

يبدو أن الموقف الإسباني الجديد في ملف الصحراء، والقاضي بدعم المقترح المغربي الحكم الذاتي لحل النزاع، أغضب قادة الجارة الشرقية للمغرب. حيث أنه بعد ساعات قليلة من إعلان إسبانيا لموقفها الجديد قررت الجزائر استدعاء سفيرها بمدريد من أجل التشاور “بشكل فوري”.
وإلى اليوم ما يزال سفير الجزائر بمدريد داخل حدود بلاده ولم يعد بعد إلى إسبانيا، احتجاجا من قصر المرادية على القرار الاسباني الجديد من ملف الصحراء. وفي هذا الإطار، رد رئيس الجزائر؛ عبد المجيد تبون على سؤال أحد محاوريه في لقائه الإعلامي عن متى سيعود سفير الجزائر بإسبانيا إلى عمله؟ ليجيبه قائلا: “راه فبلادو، مليح”، موردا أن “الشيء الذي قامت به إسبانيا غير مقبول أخلاقيا و تاريخيا”.
وتابع تبون أن “القرار ليس هو أن تقبل بهذا الحل أو ذاك، ولكن عندما تقول من أحسن الحلول هي الحُكم الذاتي، فإسبانيا يجب أن لا تنسى أنه إلى يومنا هذا مسؤوليتها لم تزل من الصحراء، في القانون الدولي مادام لم يكن فيه حل، و مهما كان هذا الحل، يعتبرها القانون الدولي أن إسبانيا هي الدولة المتصرفة في الصحراء”.
لكن الجارة الشرقية للمغرب، لم تكتف باستدعاء سفيرها من مديد والهجوم على المغرب وإسبانيا عبر الخرجات الإعلامية للرئيس أو لوزير الخارجية أو ما يسمى “مبعوث الجزائر الخاص المكلف بقضية الصحراء وبلدان المغرب العربي”، بل اتخذت قرار تعليق “معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون” التي أبرمت عام 2002 مع إسبانيا.
إلى جانب ذلك، حيث وجّــه حكام الجزائر أمرا إلى جميع بنوك البلاد بتجميد المعاملات التجارية من و إلى إسبانيا. مبررة ذلك بكون البلاد قامت بتعليق معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون مع المملكة الإسبانية، مؤكدة على أن تطبيق هذا الأمر سيدخل حيز التنفيذ ابتداء من اليوم الخميس 9 يونيو الجاري.

أمام هذه الضغوطات التي تقوم بها الجزائر، تطرح أسئلة عدة حول الطرف الاسباني، ومن بينها هل يمكن للجزائر أن “تركع” المملكة الاسبانية وتفرض عليها التراجع عن موقفها من دعم مقترح الحكم الذاتي في الصحراء؟
قرار دولة وليس قرار الحكومة
في هذا السياق، يرى المحلل السياسي والخبير العسكري المغربي، محمد شقير، أنه على “غرار الموقف الأمريكي المعلن عن مغربية الصحراء والذي لم يتغير على الرغم من تغير الإدارة الأمريكية، فإن القرار الإسباني سوف لن يتغير لأن هذا قرار دولة وليس قرار حكومة”.
وقال شقير في تصريح لـ”آشكاين”، إنه “على الرغم من العقوبات التي اتخذها النظام الجزائري ضد اسبانيا وتوقيف العمل باتفاقية الجوار المبرمة بين البلدين، وما سينتجح عنها من تداعيات تجارية على بعض الشركات الإسبانية، فإن هذا لن يثني حكومة سانشيز عن مواصلة دعمها لمبادرة الحكم الذاتي”.
واعتبر المحلل السياسي، أن مواصلة إسبانيا دعمها لمبادرة الذاتي “أكده رئيس الحكومة الاسبانية أمام البرلمان، وأشار إلى أن هذا الموقف يشبه باقي المواقف التي اتخذتها كل من ألمانيا وفرنسا وهولندا وغيرها”، مشددا على أنه “من الصعب التراجع عن هذا القرار الذي اتخذ بعد دراسة مستفيضة تم فيها ترجيح المصالح العليا للدولة الإسبانية كدولة مؤسسات”، وفق المتحدث.

قرار يتماشى مع الشرعية الدولية
من جهته، يرى المحلل السياسي والباحث في شؤون نزاع الصحراء؛ أحمد نور الدين، أن إسبانيا لا يمكنها التراجع عن قرارها القاضي بدعم الحكم الذاتي، لأن هذا الموقف “هو موقف يتماشى تماما مع الشرعية الدولية وقرارات مجلس الامن الدولي منذ 2007 التي تصف المقترح المغربي بالجدية والمصداقية والواقعية، وبالتالي فالموقف الاسباني يتوافق مع موقف الأمم المتحدة”.
وأوضح نور الدين في حديثه لـ”آشكاين”، أن “تلموقف الاسباني يعكس التطورات السياسية الاخيرة على المستوى الاوربي، والتي تدعم المغرب، ومنها مواقف ألمانيا، هولندا، رومانيا، هنغاريا، وغيرها من الدول بالإضافة إلى الموقف التاريخي لفرنسا الذي كان دائما يدعم للمغرب”، مضيفا “ولا ننسى أن الاتحاد الاوربي برمته يعترف بسيادة المغرب على الصحراء من خلال اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري”.
وذكر الباحث في شؤون ملف الصحراء، أن هذه التطورات “جاءت بعد الحزم في خطابات العاهل المغربي الذي أكد أن المغرب لن يخطو خطوة اقتصادية او تجارية مع أي دولة لا تعترف بسيادته على أقاليمه الجنوبية”، مبرزا أن هذا التطور في الموقف الاوربي “جاء ليعزز المنحى الدولي العام بعد الاعتراف الامريكي بالسيادة المغربية على الصحراء”.
“ولو كان هناك منطق لدى النظام العسكري الجزائري، لعلق معاهدة التعاون مع كل هذه الدول الأوربية ومع الولايات المتحدة ومع الدول العربية والافريقية التي تدعم المغرب”، يسترسل نور الدين، مستدركا “هذا يؤكد تخبط الدبلوماسية الجزائرية وتناقض مواقفها وعدم تناسقها اتجاه نفس القضية، وأكدت للدول الأوربية والعالم أن الجزائر هي الطرف الوحيد وليس الرئيس فقط في النزاع حول الصحراء المغربية”، وفق تعبير المتحدث.
المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها والكلاب تنبح