لماذا وإلى أين ؟

نفاق أم صحوة ضمير..! البيجدي من مُدافع عن الزيادة في أسعار الحليب إلى مُعارضٍ لها

يجسد حزب العدالة والتنمية بإتقان كبير مقولة “إن المناصب تغير المواقف”، حيث إن خطاب هذا الحزب “الاسلامي” يتغير مع تغير وضعية الحزب في المشهد السياسي. حيث أنه كان يتميز بخطاب شديد اللهجة قبل سنة 2011، قبل أن يتغير خطابه ومواقفه في عدد من القضايا لما أصبح يترأس الحكومة، ليخرج علينا اليوم بخطاب جديد بعد هزيمته المدوية في الانتخابات السابقة وعودته إلى صف المعارضة.

ومن النادر أن نجد قواسم مشتركة بين مواقف وخطاب العدالة والتنمية قبل سنة 2011 وبعد ترأسه للحكومة وعودته اليوم إلى المعارضة، لكن في المقابل يمكن الوقوف بسهولة على عدد من التناقضات وازدواجية خطاب قيادات هذا الحزب. ومن أبرز هذه الأمثلة، النقاش المثار حاليا حول الزيادة في أسعار الحليب من طرف عدد من الشركات التي تشتغل في هذا الإطار.

فالبيجيدي الذي “حارب” حملة المقاطعة التي شاركت فيها شريحة واسعة من المغاربة من أجل للضغط من أجل خفض أثمان بعض المواد الاستهلاكية ومن بينها مادة الحليب، حيث استهدفت الحملة حينئد شركة “سنطرال دانون” المتخصصة في إنتاج الحليب ومشتقاته، هو الحزب ذاته الذي خرج اليوم يقول “اللهم إن هذا منكر” بسبب رفع شركات الحليب ومن بينها “سنطرال دانون” من أسعار منتوجاتها.

فالمغاربة لم ينسوا بعد دعوة بنكيران المغاربة إلى وقف مقاطعة الحليب التي وصفها بـ”المشبوهة”، معتبرا أن ذلك له تداعيات سلبية على الإقتصاد الوطني وعلى الإستثمار الأجنبي، وكذا على الفلاحين الصغار، مشددا حينئد على أنه لا يرى مبررا لمقاطعة منتجات شركة “سنترال دانون” ما دام ثمن هذا المنتج لم يرتفع منذ العام 2013. إلا أن المثير في تصريحات بنكيران في تلك الفترة هو أنه قال إن “المقاطعة يجب أن تتوقف على الحليب، وفيما يخص بقية المواد فان أصحابها قادرون على أمورهم”.

مواجهة حملة المقاطعة في تلك الفترة، لم تكن من بنكيران بصفته “زعيم” الحزب، وإنما كانت كذلك من قياديين بارزين ووزراء داخل الحزب، وعلى رأسهم الحسن الداودي بصفته وزير الشؤون العامة والحكامة، الذي لا يفوت أية فرصة خلال حلوله بمجموعة من البرامج التلفزية من أجل تنصيب نفسه كناطق رسمي باسم “سنطرال”، ويطالب المغاربة بالكف والتوقف عن مقاطعة سنطرال بالخصوص.

إلى جانب الداودي، عمل الناطق الرسمي باسم الحكومة حينئد؛ مصطفى الخلفي، على توجيه تهديد بمقاضاة كل من يدعو للمقاطعة، بحجة نشر أخبار زائفة، في ما حذر وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، المصطفى الرميد، من كساد سيضرب الفلاحين إذا ما توقفت شركة “سنطرال” عن جمع الحليب منهم، فيما حمل رئيس الحكومة سعد الدين العثماني و الأمين العام للحزب ذاته، مسؤولية جمود مجلس المنافسة لرئيسه وأعضائه.

كل هذه الخطابات، حاولت المجموعة النيابية للعدالة والتنمية تجاهلها، ووجّهت طلبا لمجلس المنافسة، للوقوف على مدى احترام الفاعلين في قطاع الحليب ومشتقاته، من منتجين وموزعين، للمنافسة الحرة والشريفة، وعدم اللجوء إلى التواطؤ من أجل الزيادة في الأسعار، بشكل يخالف الدستور ومقتضيات حرية الأسعار والمنافسة.

وكأنها “صحوة ضمير”، اعتبرت المجموعة النيابية لـ”البيجيدي” أن الحليب في مقدمة المواد الغذائية والإستهلاكية التي تعرف زيادات متتالية، بعضها معلن والبعض الآخر غير معلن عنه، مشيرة إلى أن مادة الحليب تعد مادة أساسية بالنسبة للاستهلاك اليومي للمواطنين خاصة الأطفال في طور النمو. وهو عكس الخطاب الذي كان يقول به الحزب خلال مرحلة ترأسه للحكومة.

ورأت المجموعة المذكورة، أن هاته الزيادات تضرب القدرة الشرائية للمواطنين، وتطرح عدة أسئلة حول الأسباب والدواعي، خاصة وأن تركيبة سعر الحليب لم يطرأ عليها أي تغيير، لأن ثمن الحليب لدى الفلاح بقي ثابتا، وأن المهنيين من المفروض أن يكونوا قد استفادوا من دعم النقل، معتبرة أن إعلان بعض الشركات المنتجة لمادة الحليب، وفي وقت متزامن، عن الزيادة في أسعار هذه المادة الحيوية، يوحي بوجود تفاهمات منافية لقانون المنافسة وحرية الأسعار، في “نفاق” أو “تناقض صارخ” مع خطاب الحزب سابقا.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

2 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
حنظلة
المعلق(ة)
10 يونيو 2022 23:37

صحوة ضمير ؟؟؟؟!!!!!!! ههههههههه
الأموات سيصحون…وخفافيش الظلام لا ضمير لها لنتحدث عن صحوته…
هل ذاكرة الكاتب قصيرة أم أنه لا يعرف الظلاميين جيدا ؟؟؟؟

مريمرين
المعلق(ة)
10 يونيو 2022 23:33

.. قلنا مرارا أن هذا الحزب (البيجيدي) قد لفظه المواطنون كما تلفظ نواة التمر ..

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x