لماذا وإلى أين ؟

هل تواطأت المعارضة الحزبية مع الحكومة على المغاربة في ارتفاع الأسعار؟

يعيشُ المغرب موجة غلاء في أسعار المواد الغذائية و غير الغذائية، و على رأسها أسعار المحروقات التي بلغت مستويات قياسية، وذلك ضمن سلسة غلاء عالمي، إلا أن الفرق بين بقية دول العالم و الحكومة المغربية هو أن حكومتنا لم تتخذ إجراءات مماثلة لما اتخذته دول أخرى لتخفيض أسعار المحروقات، من خلال تخليها عن الضريبة المحصلة من هذه المحروقات.

هذه الأزمة العالمية و تعاطي الحكومة المغربية يضع المعارضة البرلمانية على محك تعاطيها المزدوج مع الحكومة، ويسائلها (المعارضة) عن سبب صمتها “الميداني” في وجه موجة الغلاء، علما أن هذه المعارضة كانت “شرسة” لحد كبير في وقت حاولت فيه الحكومتان السابقتان لحزب العدالة والتنمية تمرير قوانين تمس المواطن.

وقد لاحظ المتتبعون للشأن السياسي كيف أن زعماء أحزاب سياسية و تنظيمات نقابية، هي في الأصل أذرع نقابية للأحزاب المتواجدة داخل البرلمان، وكيف أنها خرجت للشارع منتفضة في وجه حكومة بنكيران حينما أخرج قانون إصلاح صندوق التقاعد و جيشت المواطنين و الشغيلة في مسيرات حاشدة، وهو ما يجعل المتابع للشأن السياسي و الحزبي المغربي يتساءل عمّا إن كانت المعارضة الحالية قد “تواطأت” مع الحكومة في غلاء الأسعار من خلال تعاملها بصيغة متناقضة مع تلك التي تعاملت معها في عهد بنكيران؟.

وفي هذا السياق، اعتبر النائب البرلماني رشيد حموني رئيس فريق التقدم والإشتراكية بمجلس النواب، أن “المعارضة داخل أو خارج البرلمان فيها الكثير من الفاعلين و ليس فقط أحزاب المعارضة الممثلة داخل البرلمان”.

وشدد حموني في تصريحه لـ”آشكاين”، على “أنهم كمعارضة داخل البرلمان قاموا بجميع الآليات الدستورية المتاحة، والإشكال الحاصل هو غياب تفاعل الحكومة، فمثلا مع ارتفاع الأسعار، قامت فرق المعارضة بقديم مقترحات مشتركة أو مقترحات لكل حزب، خاصة فيما يتعلق بملف غلاء المحروقات، إذ هناك مقترحات حول تخفيض الرسوم المستخلصة من الدولة، و تشغيل مصفاة سامير”.

وشدد على أن “هذا كل ما يمكن أن تفعله المعارضة، ولا تملك أي آلية أخرى أعطيت لها و لم تستعملها”، بسحب تعبيره.

ولفت الإنتباه إلى أن “هناك من يرى المعارضة بأنها يجب أن تسب و تشتم أخنوش دخل البرلمان، ونحن كحزب التقدم و الإشتراكية لن نصل لهذا المستوى، لأننا نؤمن بالمعارضة المؤسسة الاقتراحية، و إذا كان الشارع يريد معارضة السب والشتم فهذه ليس في قاموسنا”.

وشدد المتحدث على أن “ما يثير هذا النقاش الآن هو كون النقاش السياسي غائب في المؤسسات الإعلامية العمومية”،  مشيرا إلى أنه “في عهد بنكيران مثلا كانت القنوات العمومية تخصص برنامجين سياسييْن كل أسبوع ويتم استدعاء وزير ومحاورته بحضور برلمانيين من المعارضة والمواطنون يتابعون، في حين أن جلسة البرلمان اليوم في ساعتين في الأسبوع من سيتابعها، علما أن الأسئلة تكون مبرمجة من قبل و الوزير يكون قد حضّر الأجوبة ما يعني أنها تكون مجرد مسرحية فقط”.

وألقى حموني كرة المعارضة في سلة الإعلام، موردا قوله إن “هذا النقاش غاب عن وسائل الإعلام العمومية، حتى في الإعلام الخاص الذي تم شراؤه من طرف أخنوش، خاصة بعد الإنتخابات، وصار أينما ذهب يتبعونه بالمكروفونات  في أي شيء يؤيده بينما يغضون الطرف عن كل ما ينتقده”، معتبرا أن “الإعلام هو الذي يمثل المعارضة و أنه هو الذي يشكل المعارضة، أما المعارضة داخل البرلمان فحتى لو تكلمنا أو  قدمنا مقترحات قوانين، فللحكومة أغلبية عددية و سيمررون ما يريدون”.

وعن سؤال “آشكاين” عن سبب تقاعس دور المعارضة في الشارع و لماذا لم نر نفس الزخم الإحتجاجي الذي يصاحب الملفات الحارقة لهموم المواطنين، مثل ما حدث في عهد حكومة بنكيران حينما خرجت أحزاب ونقابات تابعة لها للشارع للتنديد بإصلاح صندوق التقاعد، أجاب حموني أن “أفضل حزب في المعارضة الحالية لديه 40 عضوا في البرلمان ما يعني ان لديه 4 دقائق في الأسبوع، ما يعني أن وضع المعارضة سابقا ليس هو وضعها الحالي حيث إنها لا تشكل حاليا حتى ثلث البرلمان”.

وأكد حموني على أنه “فيما يتعلق بالمعارضة خارج البرلمان لا يمكننا أن نخرج بمسيرات احتجاجية في ثلاثة أشهر الأولى من عمر الحكومة، إذ أن استقرار البلاد بالنسبة إلينا أهم من هذه الحكومة و من الحكومة القادمة، ونحن نعطي لهذه الحكومة فرصة، يعني سنة واحدة من ولايتها، ورأينا أن هناك قانون مالية لسنة 2022 و ننتظر تعديله، ولا يمكن أنه بمجرد بدء الحكومة نخرج في احتجاجات”.

وأردف أن “أزمة كورونا حلت، ولا يمكننا التزايد على بعضنا البعض ولا أحد سينكر أن ارتفاع الأسعار ليس بسبب الحكومة، إذ ان الأمر معمم على المستوى الدولي، في حين أن ما نعاتبه على الحكومة هو أنها لم تتخذ إجراءات التخفيف من هذا الغلاء، بأن تزيل الضريبة على القيمة المضافة على المحروقات، على الأقل كحل قريب و آني، والحلول البعيدة المدى كمصفاة سامير نتركها لوقت لاحق، لأن المغاربة يلزمهم حلول آنية، و يجب أن يجد ثمن الغازوال، من الغد، أصبح 12 درهما، ولتحقيق ذلك يجب أن يكون هناك قانون مالية تعديلي”.

“الحكومة تتعنت”، يسترسل حموني شارحا “إذ كيف أنها ضخت 16 مليار درهم في صندوق المقاصة، رغم أنها لم تكن تتوفر عليها في قانون المالية السابق، كما أنها حصلت 14 مليار درهم رغم أنها لم تكن لديها في نفس قانون المالية، ما يعني أنه يلزمها أن تخرج قانون مالية تعديلي، رغم وجود غلاء على المستوى الدولي إلا أن دولا أخرى قامت بإجراءات للتخفيف من الغلاء، مثل ألمانيا وفرنسا وإسبانيا، وأمريكا، حيث يطالب بايدن برفع الضرائب على المحروقات، إلا أن حكومتنا لا تريد ذلك، لأن من يقود الحكومة هو الفاعل الأساسي في المحروقات”.

وعن المعارضة خارج المؤسسات، يضيف حموني “فنحن نحاول ما أمكن كي نعطي قيمة للمعارضة داخل المؤسسات كي يجد صوت المواطن ذاته داخل البرلمان، وإذا لم يجد نفسه داخل البرلمان فسيخرج للشارع”.

وخلص المتحدث إلى أن “الحكومة يجب أن تتفاعل مع مقترحاتنا، لأنه إذا خرجنا للشارع لا قدر الله، فليس في صالح أحد، لأن ‘كلشي واصلا فيه لعظم’ وينتظر الشرارة فقط، ونحن لا يمكننا أن نشعل الإحتجاجات فقط لأننا نمر بأزمة ونريد أن نستغل الفرص، بل نحن  نحافظ على بلادنا ونريد من الحكومة أن تخرج و تتحدث للمواطنين، وأن توقف الدعم الموجه للسكر الذي تستفيد منه الشركات، مثل كوكا كولا وغيرها، وتوجهه لدعم المحروقات”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

3 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
مريمرين
المعلق(ة)
الرد على  مغربي حر
4 يوليو 2022 00:27

… أقول لسي حكومي : إذا كانت الحكومة لا تتفاعل مع مقترحاتكم ؛ فمن يمنعكم من عقد ندوات و لقاءات صحفية و جماهيرية لتنوير المواطنين حول مقترحاتكم و مواقف الحكومة ؟؟

مغربي حر
المعلق(ة)
2 يوليو 2022 21:07

هذا يعني ان المغرب ليست فيه معارضة مواطنة ولا أغلبية مواطنة. البلد تسير ببركة الله.

مواطن
المعلق(ة)
2 يوليو 2022 19:08

اي معارضة تتحدثون عليها ، الحكومة لها أغلبية مريحة تفعل في المواطن ما لا يفعله احد ، والغريب ان المال الذي ينفق على المؤتمرات يجرى بها ان تنفق على الفقراء لشراء الأضحية

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

3
0
أضف تعليقكx
()
x