لماذا وإلى أين ؟

الحُـكومة تتبنى سياسة “التشويش” و”التخوين” البيجيدية

لا ضير أن نعود أشهراً قليلة إلى الوراء، وتحديدا في مثل هذه الفترة من السنة الماضية، حينما كانت الأحزاب السياسية المشكلة للحكومة اليوم التي يترأسها عزيز أخنوش، تعدُ المواطنين بحل جميع مشاكل المغرب وتغريهم بتعويضات أسرية وزيادة في الأجور وغيرها من الوعود التي ستتحقق بشرط التصويت عليها.

وجاءت نتائج يوم 8 شتنبر الماضي كما تشتهي هذه الأحزاب، التي سارعت إلى تشكيل حكومة ثلاثية الأقطاب في وقت وجيز. وعندها استبشرت فئة من المغاربة خيرا بهذا الفريق الذي سيدبر الشأن العام المغربي، بعد سنوات من التدبير “الشعبوي” و”البكاء” السياسي من طرف حزب يعتمد الدين لإقناع المواطنين بالصبر عند الشدائد بدل طرح حلول سياسية للإشكالات المطروحة.

عادت حليمة إلى عادتها

وفي الوقت الذي ينتظر فيه المغاربة حلولا للإشكالات التي خلفتها أزمة فيروس كورونا على المستوى الإقتصادي والإجتماعي، وحين انتظرت الفئات المتوسطة والفقيرة من الشعب المغرب إجراءات عملية ناجعة للتخفيف من آثار إرتفاع أسعار عدد من المواد الاستهلاكية الأساسية، خرجت عليهم الحكومة بخطاب تبريري يرمي الكرة شرقا و شمالا للهروب من المسؤولية.

الحكومة التي حملت شعار “حكومة العمل بدل القول” والحكومة التي وعدت بتصحيح إختلالات تدبير البيجيدي للحكومة طيلة عشر سنوات، وجدت نفسها بعد أشهر معدودة من انتخابها تعيد أسطوانة الحزب الذي دبر الحكومة قبلها، وتستورد المبررات التي كان يواجه بها كل من انتقد سياسته في تدبير أمور المغاربة.

إستوراد “التشويش”

يبدو أن ما تعلمه حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يقود الحكومة اليوم من سنوات تواجده داخل الحكومات المتعاقبة، خاصة النسختين الأخيرتين التي ترأسهما “البيجيدي”، هو الخطاب التبريري واعتماد نظرية المؤامرة و”البكائيات” للرد على كل انتقاد سياسي، حيث كانت قيادات حزب “المصباح” تتهم كل من انتقد الحكومة بـ”خدمة التحكم” أو التشويش على عمل الحكومة.

بل إن قيادات “البيجيدي” إعتمدت حينئذ حتى الحيوانات والعفاريت لتبرير الفشل والرد على الإنتقاد. وما “العفاريت والتماسيح” إلا واحدة من العبارات المستعملة في الرد على ما كانت تسميه “التشويش” على العمل الحكومي. وهذا ما تحاول الحكومة الجديدة  تقليده عبر إعتماد وسائل جديدة.

تقليد “البيجيدي”

حزب العدالة والتنمية الذي كان خصما للتجمع الوطني للأحرار خلال فترة الحملة الإنتخابية، أصبح اليوم مصدر إلهام للحكومة في التبريرات ومهاجمة كل من ينتقد عملها. حيث يعمد عدد من قيادات حزب “الحمامة” خلال اللقاءات الجهوية المنقولة من “المصباح”، لاتهام منتقدي الحكومة بمحاربتها وممارسة التشويش الممنهج على عملها.

بل إن قيادات حزب “الحمامة” أصبحت تخون كل منتقد لعمل الحكومة وتتهمه بخدمة أجندات جهات لا يتم الكشف عنها، وهي السياسة ذاتها والخطاب نفسه الذي اعتمده حزب العدالة والتنمية خلال عشر سنوات من تدبيره للحكومة للرد على المنتقدين، ما يؤكد أن عددا من قيادات الحكومة الجديدة تقلد الممارسات التي كان سلفها يعتمدها.

سياسة الهروب إلى الأمام

الخطاب التبريري وسياسة التخوين التي كانت قيادات حزب العدالة والتنمية تعتمدها لإسكات المنتقدين كانت تروم الهروب من مواجهة الإشكالات المطروحة ومطالب المواطنين بالتعجيل بحلها، وهي السياسة ذاتها التي يتبناها عدد من قيادات الحكومة الجديدة التي كانت تطلق الوعود والعهود يمنة و يسرة بأنها ستعتمد انموذجا جديدا في تدبير الشأن العام.

ما ذكر آنفا، يؤكد أن قيادات الحكومة الجديدة فشلت في بلورة انموذج سياسي جديد وبديل لما كان يقدمه “البيجيدي” خلال النسخ السابقة من الحكومة، ويفضح عدم قدرتها على إبداع حلول من شأنها حل الإشكالات التي تنتقدها فئة واسعة من المغاربة، خاصة في ما يتعلق بارتفاع الأسعار. وإن كانت انتقادات المغاربة تشويشا كما يرى بايتاس وزملاؤه في الحكومة، فما عليهم سوى حل مشاكل المنتقدين “باش تتهنى”، وإلا فإنهم يعيدون تجربة “البيجيدي” التي كانوا ينتقدونها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

2 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
مريمرين
المعلق(ة)
4 يوليو 2022 22:46

الخلاصة : ما في القنافذ أملس .
كل حزب ذاق حلاوة الأكل في الأواني الفضية لن يترجم هموم و مشاكل من يأكل في أواني قصديرية ، لأنها أي هذه الأحزاب ، لا تسعى للسلطة من أجل سواد عيون المواطنين؛ بل من أجل التمرغ في الريع والأجور و التعويضات و السيارات و التقاعد …
يتقاعد الوزير بعد خمس سنوات و يتقاعد المواطن بعد ستين سنة أو أكثر .فمن يسوي بأنف الناقة الذنبا !

مواطن مغربي
المعلق(ة)
4 يوليو 2022 19:38

انهم يعملون وطبقوا شعار الحملة الانتخابية بحذافيره ,/تستاهل احسن/بحيث ان المواطن يستاهل الزيادات الصاروخية والمحروقات الحارقة .ويتساهل غلاء الاضاحي وعدم وجود زيادات في اجور الموظفين ووو .كنا في عنق الزجاجة مع العدالة ولكن التنمية تاخرت 10سنوات .حاليا الوضع اصعب من السابق والانسان في قاعة الانتظار يحتضر ببطء .لم يعد قادرا على مسايرة هاته الأزمة وسيليها عيد الاضحى ….عطلة صيفية….دخول مدرسي …الى اين نحن ذاهبون .

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x