لماذا وإلى أين ؟

السيد رئيس الحكومة.. كِيفاش عطَاك خَاطْرَك تحتافل ومغاربة يحترقون؟

منذ أسبوع تقريبا، والحرائق تأكل الأخضر واليابس في عدد من الأقاليم بالمغرب، حيت أتت على مساحات واسعة من الغطاء الغابوي وشرّدت آلاف الأسر والتهمت عشرات المنازل، بما فيها من مؤن ومواشي و آثات..، مخلفة قتيلا واحدا حتى الآن وآلاف المكلومين.

ورغم تظافر جهود كل المتدخلين من عناصر الوقاية المدينة والدرك الملكي والقوات المسلحة وعناصر المياه والغابات وأفراد المجتمع المدني وأهالي المناطق المحترقة، فلم يتم التحكم، حسب آخر حصيلة شبه رسمية صادرة يوم 17 يوليوز 2022، إلا في 70 بالمائة من الحريق، مع بقاء 5 بؤر للنيران التي التهمت حوالي 5300 هكتار، وشردت ما يفوق 1331 أسرة موزعة على 20 دوارا.

المغرب ليس البلد الوحيد في العالم الذي تنتشر به حرائق في مثل هذه الفترة من السنة، التي تشهد موجة حر غير مسبوقة، فالحرائق تنتشر في بلدان جارة مثل إسبانيا كذلك، لكن؛ ليست كل البلدان التي تحل بها كوارث طبيعية، يطيب لرئيس حكومتها أن يحتفل ويسهر ويرقص على نغمات الأهازيج الشعبية والأغاني الإحتفالية في مهرجان فني، دون إبداء أي احترام لمشاعر الأهالي الذين رزؤوا في ممتلكاتهم، أو أؤلائك الذين مازلوا يجهلون مصيرهم لكون ألسنة النيران مازالت تلتهم كل ما يعترض طريقها.

فرئيس الحكومة المغربية الذي فقد أحد أشقائه في كارثة طبيعية، زلزال أكادير 1960، وهي القصة التي أعاد حكايتها أكثر من مرة خلال الحملة الإنتخابية التي قادته لرئاسة الحكومة، مرفوقا بوزيره في الثقافة والشباب والتواصل، المهدي بنسعيد، ووزيرته في السياحة فاطمة الزهراء عمور، كانت السعادة بادية على وجهه والإبتسامة لم تفارق محياه وهو يتواجد في الحفل الإفتتاحي لفعاليات الدورة الـ17 من مهرجان تيميتار، بحضور جماهيري قدره المنظمون بـ112 الف شخص، رغم المأساة الإنسانية التي يعيشها سكان مناطق الحرائق!

رئيس الحكومة الذي تواجد رفقة مسؤولين بحكومته في هذا الحفل الإفتتاحي، فعل ذلك والحرائق كانت مشتعلة وخلفت خسائر كبيرة كما أشرنا من قبل، ورغم مرور أكثر من يومين على اندلاعها، وتداولت أخبارها منابر إعلامية وطنية ودولية، لم يكلف نفسه عدم الظهور في هذا الإحتفال احتراما للمكلومين، بل لم يكلف نفسه حتى نشر تدوينة على أحد حساباته بمنصات التواصل الإجتماعي، يعبر فيها عما يخالج صدره من شعور اتجاه ما يصيب مواطنين، هو مؤتمن من طرف ملك البلاد على تدبير شؤونهم.

ولتقريب رئيس حكومتنا من جسامة الفعل الذي قام به، نقدم له بعض الأمثلة لعواقب تصرفات مسؤولين أجانب لم يكترثوا لما أصاب مواطني بلدهم.

بتاريخ 21 يوليوز 2012، عزل الفرع الإسباني للصندوق العالمي لحماية الحياة البرية الملك السابق للمملكة الإيبيرية، خوان كارلوس من منصب الراعي الشرفي للصندوق، وهو المنصب الذي يشغله منذ إنشاء الصندوق في أسبانيا عام 1968.

جاء هذا القرار بسبب ذهاب الملك الإسباني في رحلة لصيد الأفيال في بوتسوانا، فكان رد الفعل إزاء رحلة الملك  من جانب الأسبان الذين كانوا يكافحون للتغلب على أزمة اقتصادية جعلت شخصا بين كل أربعة عاطلا عن العمل، ما جعل العديد من السياسيين والمعلقين يصفون الرحلة بأنها “عبث “، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فما حل بخوان كرلوس بعد ذلك يعرفه القاصي و الداني.

في سنة 2012، ظهر أرمين لاشيت، وهو يضحك خلال زيارته للمتضررين من فيضانات غرب ألمانيا، وكان هذا الشخص هو المرشح الأول لخلافة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وكان آنذاك رئيس الحزب المسيحي الديمقراطي، ورئيس حكومة ولاية شمال الراين ويستفاليا.

الألمان لم يغفروا لأرمين لاشيت فعلته هاته والتي لم تعدُ أن تكون ابتسامة، وعمت موجة غضب واسعة بينهم تجاه السلوك الذي بدر منه والألمان يعانون من كارثة طبيعية، فتهاوت حظوظه بشكل كبير وخسر الإنتخابات البرلمانية، فكانت النتيجة أن خرج حزبه من الحكومة، بعد ترؤسه لها في عهد ميركل طوال ثمانية عشر عاماً، ثم تنحى من رئاسة الحزب، ومن رئاسة وزراء ولاية شمال الراين ويستفاليا.

هناك نماذج أخرى لوقائع مشابهة لن نتطرق لها، لآن الغاية من المقال ليست تعداد نماذج مثل هكذا أفعال، وإنما انتقاد سلوك مسؤول حكومي، بعيد عن أي حسبات ضيقة، نرى في تقديرنا أنه (السلوك) ما كان عليه أن يقوم به في مثل هذه الظروف التي يعيشها الآلاف من مواطنين المملكة المغربية.

السيد رئيس الحكومة، إن كان لك فعلا مستشارون في التواصل وفريق يسهر على تقديم النصح لك بخصوص البرتوكول الحكومي فأول شيء يجب عليك فعله هو إقالتهم جميعا، ومعهم الوزير الذي كان “كيْفَرْنَّسْ” إلى جانبك، وهو مكلف بالتواصل “يا حصرة”، فما من مختص أو حتى هاوٍ في التواصل سينصحك بالظهور في احتفال شعبي في وقت يعاني فيه الآلاف من المغاربة تحت وطأة الحرائق.

السيد رئيس الحكومة، كل بني آدم خطاؤون وخير الخطائين التوابون، كما أن من يمارس يخطئ، فإن أنت اقتنعت أن ما قمت به خطأ في تقدير اللحظة، وما كان عليك أن تحتفل ومواطنون يحترقون، فعليك أولا الاعتذار للمغاربة علنا، وثانيا الإنتقال إلى المناطق التي تشهد حرائق، حاملا معك برامج لإعادة الإعمار وما قد يعين هؤلاء المساكين على اجتياز هذه الأوقات العصيبة، ولا تتحجج بالظرفية الدولية والظروف العصيبة التي يمر منها الإقتصاد الوطني، فهناك صندوق خصص للكواث وبسببه فرضت ضرائب جديدة على المغاربة.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

8 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
بشرى دياب
المعلق(ة)
31 يوليو 2022 14:07

إنه فعلا لموقف مُخجل من شخص الاولى ان يُساير الوضع المكلوم من أوله و يتقرب من المتضررين معبرا عن تضامنه،لكن ماذا اقول الا ان الموقف برهن عن الشخص غير المناسب في المكان غير المناسب له
المسؤولية ليست وقفات تلفزيونية وشطحات كاميراتية ايها السيد،المسؤولية تكليف وأمانة،وويل لخائن الأمانة من وقفة بين يدي الرحمن

rachid samy
المعلق(ة)
19 يوليو 2022 20:45

Ces commentaires m’ont ébahi , je ne trouve quoi dire en plus que de me réjouir de voir mes compatriotes se réveiller et dire c les quatre

vérités à l’égard de ce Monsieur ,ce Nabab ,escroc ,squatteur de la richesse du Maroc juste à son profit et celui de sa famille .

(A maintes reprises il n’hésite pas à dénigrer le peuple voire l’insulter ( on va rééduquer le peuple ..

Monsieur ,tu feras mieux de céder le cockpit ,merci de votre compréhension !!

مريمرين
المعلق(ة)
18 يوليو 2022 13:41

رئيس الحكومة ، و طمعا في اكتساب شعبية تلاشت بفعل “الهاشتاغ” ؛ تنكر لمنكوبي الحرائق (كأنهم ليسوا مغاربة) و شد الرحال إلى مهرجان “تيميتار” من أجل الظهور ك “بطل” .
خاب مسعى رئيس الحكومة , فقد صدحت حناجر الجماهير الحاضرة بهتاف “أخنوش إرحل” … غما كان من سي أخنوش إلا أن ينسحب تحت شعار “إرحل” .
ويمكرون و يمكر الله و الله خير الماكرين .

مغربي يحب بلده
المعلق(ة)
18 يوليو 2022 12:49

وهل الذي يحرق جيوب المغاربة عبر احتكار سوق المحروقات بالمغرب ورفض اي منافس ليفرض الاسعار التي تجعله يتباهى بانه ضمن مليارديرات العالم يشعر بمعاناة السكان والحرائق حتى لو احترق المغرب كله اخنوش لايهمه سوى تجارته تضخم ارصدته إبقاء عدوته الأبدية لاسمير مغلقة هذا هو.الاخنوش المغاربة يستاهلو مااحسن

مغربي صحراوي
المعلق(ة)
18 يوليو 2022 12:45

القاءد التاجر لا يهمه ارواح ولا معيشة احد ما يهمه سوى الارباح يمت الشعب او يعيش لا يهمه وهنا نقف ليس المسؤول الاول الدي يتنصل مسؤولياته الكل يتفرج على نكبات الشعب ويبحت عن الارباح ليضعها في ابناك اجنبية والتي في الاخير تبقى دخرا للبنك ياخدوا من الشعوب ويعطوا للشعوب الاطنبية المستعمرة هدا هو قدرنا وكلنا الله فيهم

مواطن
المعلق(ة)
18 يوليو 2022 12:25

الكل أصبح متيقنا بأن ما يسمى رئيس الحكومة هذا والذي يعتبر من أكبر اللوبيات الفاسدين في البلاد يجب أن يرحل ويحاسب ، حقيقة تعيينه كان خطئا فادحا . هو شخص لا يفقه في السياسة بل يعرف معنى الوطن والشعب هو يعرف منطق الربح والدفاع عن الشركات ولو على حساب الشعب الذي قال فيه في ما مضى خاصهم التربية .

حنظلة
المعلق(ة)
18 يوليو 2022 12:18

نحب البلاد
ولكن فينا من يعاديها
فينا من بكل القبح يؤذيها
فينا من ينهش لحمها
ينخر عظمها
كأنما يريد تلاشيها…
أرجو النشر

حسن
المعلق(ة)
18 يوليو 2022 12:16

ليست المسألة مسألة مستشارين في التواصل أو أي شيء من هذا القبيل. إنها مسألة مواقف و قيم أخلاقية يتسم بها من يحبون الخير للمواطنين بالافعال. أما الكلام الفارغ عند الحملات الانتخابية و تسويق صور زائفة بتسخير إعلام الرصيف و فسح المجال لفنانين من طينة “شهوبية ماركيز” فذاك يذهب مع الأيام كغثاء السيل و يرمى في بالوعة النسيان و الإحتقار مثل ورق المرحاض

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

8
0
أضف تعليقكx
()
x