لماذا وإلى أين ؟

صبري يرصُد خلفيات إعلان الجزائر تعثر تزويد إسبانيا بالغاز وأثر ذلك على المغرب

أصدرت شركة الطاقة الجزائرية الحكومية “سوناطراك”، أمس الأحد 24 يوليوز الجاري، بلاغا تقول فيه إن “عطلاً طال خط أنابيب “ميدغاز” الذي يزود إسبانيا بالغاز، وفق ما نقلته وسائل إعلام جزائرية.

وحاولت “سوناطراك” إلقاء اللوم على الجانب الإسباني، مشيرة إلى أن “الخلل طرأ في الجانب الإسباني من خط أنابيب الغاز، وأن إسبانيا تعمل على إصلاحه”، وهو ما يثير التساؤل عن ما إن كان هذا التعثر ناتج عن عطل تقني أم تعطيل بفعل فاعل، كما يفتح التساؤل عن أثر هذا الأمر على تزويد كل من إسبانيا والمغرب بالغاز.

وفي هذا السياق، أوضح أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي بكلية الحقوق بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن “البلاغ الذي صدر من “سوناطراك” وأذاعته وكالة الأنباء الجزائرية يوضح انقطاع مؤقتا لأنبوب الغاز “ميدغاز”، يستشف منه أن هذا الأمر لا يرتبط بتعطيل مؤقت، بل هو جواب عن صدمة صادمة تلقتها الجائر من إسبانيا جراء اعترافها بمخطط الحكم الذاتي كآلية واقعية قابلة للتطبيق في الأقاليم الجنوبية”.

عبد النبي صبري: أستاذ العلاقات الدولية بكلية الحقوق السويسي بالرباط

وأشار صبري في تصريحه لـ”آشكاين”، إلى أن “ما يؤطر التعاون بين الدول، هناك ثلاث أمور يمكن أن تؤثر في تحقيق التعاون الثنائي، وهي المساومة، والتنصل من الالتزامات، وغياب الاستقلالية، وهذا الأمر ينطبق تماما على ما حصل بين الجزائر وإسبانيا، لأن الجزائر تنصلت من الالتزامات التي عليها في إطار الاتفاقيات الدولية بينهما، ولاحظنا أن الجزائر عندما قامت بتجميد التجارة الخارجية واستدعاء سفيرها وقطع كافة علاقاتها تقريبا مع إسبانيا، وهي لم تقدم التبريرات اللازمة لما فعلت، لأن ما أقدمت عليه لا يمكن تبريره، هذا إذا كان بالإمكان تبريره أصلا”.

وتابع أنه “فيما يتعلق بالعلاقة الثنائية بين الجزائر وإسبانيا لاحظنا فيه نوعا من المساومة على القضية الوطنية والسيادية للمملكة المغربية، حيث أن الملك كان قد أكد، في خطاب سابق لذكرى ثورة الملك والشعب، على أن المغرب لن يوقع أي اتفاق مع أي بلد لا يحترم سيادته على ترابه”، حيث اعتبر صبري أن “الإسبان فهموا الرسالة جيدا، وأن التعامل مع دولة مستقرة في قرارها ومحيطها وتفهم تداعيات هذا المحيط خير لها من المغامرة مع طرف لا يفهم ولا يتفنن في المساومة والتنصل من الالتزام”.

و عن سؤال “آشكاين” عن تأثير هذا الإنقطاع، الذي سمته وكالة الأنباء الجزائرية مؤقتا، على الحاجيات الغازية الإسبانية، أوضح صبري أنه “عندما وقع المشكل بين الجزائر وإسبانيا، أو حتى عندما قطعت هذا الإمداد عبر المغرب، فالدول تبحث عن البدائل المتاحة دوما في مثل هذه الأزمات، فصحيح أن إسبانيا لها حاجيات من الغاز الجزائري، لكن لديها أيضا بدائل من قطر و نيجيريا وأمريكا”.

وأورد أنه “لا يمكننا القول إن هذا الأمر سيكون له تأثير على الحاجيات، لأن الجزائر بهذه الطريقة، خسرت شيئين أساسيين، خسرت الكلفة التي تصدر بها هذه المادة إلى إسبانيا، و خسرت الكمية التي تصدرها، خسرتهما معا، ما يعني أن الجزائر أصابها الآن نوع من الغباوة الاقتصادية في عدم فهم هذا الإدراك”.

وفي ما يتعلق بسؤال “آشكاين” عن ما إن كان لهذا الامر تأثير على تزويد المغرب بالغاز، شدد صبري على أن “المغرب لم يتأثر حتى عندما قطعت  الجزائر أنبوب الغاز الذي يمر عبر المملكة المغربية، ولم يحدث لا ضرر ولا ضرار، ما يعني أنه لا يمكن الحديث عن تأثر المغرب بهذا الأمر لكونه يتوفر (المغرب) على بدائل وتحويلات، ويستفيد من تدفق الغاز من أمريكا عبر إسبانيا ويعود عبر خط الأنبوب المغاربي الأوروبي”.

وخلص صبري إلى أن “الجزائر وصلت اليوم إلى مستويات قياسية من الانحطاط الفكري وانسداد الأفق على مستوى فهم المحيط الدولي، بنجاحاته وتحدياته وإخفاقاته”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x