لماذا وإلى أين ؟

بنكيران .. وقفا نبك من ذكرى مقعد ورئاسة !!

عبدالفتاح المنطري
ذكرني الشاعر الجاهلي العظيم شعره امرؤ القيس بما يمر به زعيم البيجيدي شخصيا من ألم وحسرة على فقدانه لرئاسة الحكومة ولمقعد بالبرلمان وحضور سياسي وازن لحزبه،ليس ب14 مقعدا التي أنزل بها بعد عشر سنوات من تدبير الشأن العام من عباب السماء إلى أسفل الأرض.يقول شاعرنا العظيم وكأنه يعبر عن حال زعيم سياسي متحسر مما جرى في الأتون خلف الأسوار كما يزعم مرارا وتكرارا :
قفا نبك من ذِكرى حبيب ومنزل
بسِقطِ اللِّوى بينَ الدَّخول فحَوْملِ
فتوضح فالمقراة لم يَعفُ رسمهاَ
لما نسجتْها من جَنُوب وَشَمْأَلِ
ترى بَعَرَ الأرْآمِ في عَرَصاتِها
وقيعانها كأنه حبَّ فلفل
كأني غَداة َ البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَلّوا
لدى سَمُراتِ الحَيّ ناقِفُ حنظلِ
وُقوفاً بها صَحْبي عَليَّ مَطِيَّهُمْ
يقُولون لا تهلكْ أسى ً وتجمّل
أين السجل الاجتماعي الموحد للأثرياء؟
لقد جاء “الزعيم “هذه المرة أيضا بحضور جمع صحفي اختير بعناية على شاكلة الاستقطاب المحدود هو وبعض قادة حزبه،ليتغنى بما يسميها منجزات عهد رئاسة حزبه للحكومتين الأولى والثانية بعد انطفاء شعلة حركة 20 فبراير،ولم يتورع قيد أنملة في توقير مشاعر سكان الطبقات المتوسطة التي عانت في عهده وتعاني إلى اليوم من تداعيات قراراته المجحفة وقرارات الحكومات المتعاقبة عليها.
كيف لا وقد ركب على صهوة جواد الحكومة ليسلك مسلكا خطيرا لم يقدر عليه من سبقه،وذلك برفع الدعم وتحرير سوق المحروقات دون أن يتخذ ضمانات قانونية وتنظيمية لحماية الطبقات الدنيا والمتوسطة من جشع الشركات الكبرى ومن أصحاب المال والأعمال وذوي النفوذ،وكأننا في غابة البقاء فيها للأقوى،بل إنه تمنى لو بقي رئيسا للحكومة  أن يحرر كل المواد المدعومة من غاز البوتان والسكر إلخ ظنا منه أنه سيستهدف الرؤوس الكبيرة،وإنما الخبطة ستأتي أساسا على رؤوس الطبقة المتوسطة لا عليه ولا على من يفوقه في القدرة على العيش الرغيد.ومع ذلك, يلتمس لنفسه عذرا حينما سئل عن مقولته الشهيرة “عفا الله عما سلف”،بأنه لم يقدر هو وسلفه المرحوم عبدالرحمان اليوسفي على مطاردة الساحرات بجلب أموال الأمة التي نهبت أو حولت بغير شرع ولا قانون ومحاسبة من كان وراء هاته الأفعال الشنيعة وقتئذ،وزاد هذه المرة على قولته التي هي من صميم القرآن الكريم: “ومن عاد فينتقم الله منه”.هذا دون الحديث عما خلفه ما سمي بإصلاح صندوق التقاعد على أظهر البسطاء من موظفي الطبقتين الدنيا والمتوسطة من ويلات الثالوث الملعون.
ابن كيران وعفا الله عما سلف”
“شعار أجوف أخرق، ذلك الذي رفع في عهد حكومة ابن كيران، المشهور ب”عفا الله عما سلف، وقبله بحكومة التناوب، الذي اشتهر أيضا بمطاردة الساحرات، وهو أن لا أحد- فيما أعتقد – من المغاربة يفضل محاسبة ناهبي أموال الشعب وإدخالهم إلى السجن دون استرجاع ما نهب لخزينة الدولة فماذا يفيدنا إذن سجن أحد ثبت بالدليل والبرهان تورطه في اقتصاد الريع وفي اختلاس أموال عمومية أو في الاستفادة بغير وجه حق من صفقات أو أراض مملوكة للدولة أو رخص للنقل وللصيد في أعالي البحار أو عمولات بأرقام فلكية أو أجور ومنح وامتيازات خرافية لموظفين أشباح أو يظهرون ويختفون كثعلب الراحل محمد زفزاف أو يوقعون من أجل الاستفادة من مال الأمة دون إسالة قطرة عرق حتى، واللائحة تطول وتطول بطول كل السنوات التي مضت قبل وبعد الاستقلال، ماذا يفيدنا سجنه، إذا لم يسترجع ما أخذ من مال هذا الوطن الغالي ومن عرق هذا الشعب العريق المتجانس المسالم بغير شرع ولا قانون، بل قد يؤخذ أحيانا بالتحايل على القانون نفسه، فلو فهم “الفاهمون والدهاة والعباقرة” من الذين كانوا خلف العجز في ميزانية الدولة، بسبب النهب والتحايل على المال العام و الترامي على الملك العمومي وسوء التدبير، والذين جرت بذكرهم الركبان في تقارير وطنية ودولية و في إصدارات المجلس الأعلى للحسابات وما سطرته كذلك الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب وما تناولته أيضا جمعيات ومنظمات مدنية، وما انتشر كالنار في الهشيم على أعمدة الصحف والمجلات بشتى تلاوينها وطنيا ودوليا خلال فترات طويلة ،لو فهم أولئك الذين وردت أسماؤهم وشركاتهم على الأقل في رخص مأذنويات النقل وأعالي البحار ومقالع الرمال ولوبيات العقار والسمسرة والتملص الضريبي والتهرب الضريبي ونحو ذلك هو أمر شنيع، لو علموا أثره على النفس والمجتمع بصغار أفراده وبكبارهم ، ولا فائدة ترجى مع ذلك بالنسبة لخزينة الدولة إذا لم تسترجع الأموال إلى صناديقها كما فعل مع أصحاب أموال وممتلكات كانت قد هربت خارج الوطن، ولو بشكل ودي وبلا ضجيج إعلامي …عندها، نقول في قرارة أنفسنا أو نصفق لهم بحرارة :عفا الله عما سلف.
الفساد أصل الكساد، وليس عدلا تبخيس مكانة دافعي الضرائب من الأجراء والمتقاعدين في الاقتصاد الوطني
هذا الشعار مات في مهده ،لما أعلن عنه دون إعادة ما للشعب من حقوق في ما نهب وأخذ منه بغير وجه حق، ويذكرنا هذا السياق بالحديث الصحيح الذي جاء فيه أنَّ امرأةً سرقت في عهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في غزوةِ الفتحِ، ففزع قومُها إلى أسامةَ بنِ زيدٍ يستشفعونه قال عروةُ: فلما كلمه أسامةُ فيها تلوَّن وجهُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فقال: ( أتكلِّمُني في حدٍّ من حدودِ اللهِ ). قال أسامة: استغفرْ لي يا رسولَ اللهِ، فلما كان العشيُّ قام رسولُ اللهِ خطيبًا، فأثنى على اللهِ بما هو أهله، ثم قال: (أما بعد، فإنما أهلك الناس قبلَكم: أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريفُ تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيفُ أقاموا عليه الحدَّ، والذي نفسُ محمدٍ بيده، لو أن فاطمةَ بنتَ محمدٍ سرقتْ لقطعتُ يدَها). ثم أمر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بتلك المرأةِ فقُطعت يدُها، فحسنت توبتُها بعد ذلك وتزوجت، قالت عائشةُ: فكانت تأتي بعد ذلك، فأرفع حاجتها إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم.
وأردف يؤكد في معرض حديثه أمام ثلة من الصحفيين أن حزبه جارى الدولة في مواقف لا تناسب مرجعيته وقناعاته، لكن ذلك لا يبرر السقوط الذي تعرض له في الانتخابات الأخيرة.واعتبر في رده على اتهامات رئيس الحكومة للبيجيدي بتعطيل التنمية عشر سنوات، أن أخنوش هو المسؤول عن “البلوكاج”، وبالتالي هو المسؤول عن كل ما وقع لحزب العدالة والتنمية منذ ذلك الحين.
واستدرك قائلا  أنه ورغم ذلك، رفض الدخول في الحملة الأولى التي كانت ضد أخنوش وطالبت برحيله، مشيرا إلى وجود جهة ما وراءها وليس الشعب، خاصة وأن من كانوا يمدحون ويمجدون أخنوش باتوا يطالبون برحيله بين ليلة وضحاها.
وقال إنه كان يدعو إلى مساندة حكومة أخنوش إذا كان ذلك في مصلحة البلد، وإذا كانت ستفتح له الأبواب لحل المشاكل الكبيرة للمغرب، وليس أقلها شبابه الذي تمتلئ السجون بهم ويهاجرون ويتعاطون المخدرات، وذلك رغم كون الحكومة وصلت بأساليب غير مقبولة في نظره.
وسجل زعيم البيجيدي  أن حزب “الأحرار” يتعرض لحزبه، ورئيسه أخنوش قال في البرلمان في كلمة منقولة على التلفزيون إن البيجيدي هو الذي رفع الدعم وتسبب في غلاء المعيشة، وعطل التنمية بالمغرب لعشر سنوات.
كما انتقد هذا التحول في كلام أخنوش، الذي شارك مع البيجيدي في الحكومة 10 سنوات وكانت له حقائب رئيسية، مستغربا شتمه لحكومة شارك فيها وكان يثني عليها ويصفق لها، فهذا يعني أنه استمر طوال هذه السنوات يشاهد تعطيل التنمية دون أن يتحرك أو يقدم استقالته.
ونبه أيضا  إلى أن الحكومة في المغرب لا تحكم، بل تشتغل تحت إشراف وتوجيه وتسيير الملك، متسائلا “عندما تقول الحكومة عطلت التنمية هل تعرف ما تقول؟”، معتبرا أن ذلك طعن في الدولة وليس في الحكومة أو في بنكيران.
وأبرز الأمين العام للبيجيدي أن علاقته بأخنوش كانت جيدة في الحكومة، قبل أن تتوتر في الأخير بعدما “داخ عليا هو ووزير ديالو وخداو مني التوقيع”، وأنه كان وزيرا بمكانة خاصة، وقد أصر في 2016 على دخوله في الحكومة رغم أن أحدا، بما في ذلك الملك ومستشاروه، لم يطلب منه ذلك، ورغم أن الحكومة كان يمكن تشكيلها دون “الأحرار”.
نداء من صميم الواقع.
وأخيرا أقول لرئيسي حكومتنا السابق واللاحق بأننا كأرباب أسر متوسطة من الموظفين والمتقاعدين،لقد ضقنا درعا بما آلت إليه أوضاعنا المعيشية من ارتفاعات مهولة في جل الأسعار دون أن تواكب ذلك إعفاءات أو تخفيضات في الوعاء الضريبي والزيادة في الرواتب والمعاشات والتعويضات العائلية بنسب مهمة مثل ما جرت عليه الأمور بعدة دول أوروبية وخليجية وآسيوية لخلق التوازن المطلوب بين المداخيل والنفقات عند الأسر دافعة.
الضرائب للدولة باختلاف أصنافها وأن تستفيد أيضا من ثروات وطنها الظاهرة والباطنة بعيدا عن منطق الريع والمحسوبية والزبونية و عملا بمنطق تكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية.
من معاني العدل في الحكم والحياة
فضل الولاة من بقي بالعدل ذكره، و استمده من بعده
من العدل أن يأتي الرجل من الحجج لخصومه، بمثل ما يأتي به لنفسه
ليس من العدل أن تطلب من الآخرين ما لست أنت مستعداً لفعله
لا يمكن أن تكون العدالة لطرف واحد، وإنما لكلا الطرفين
 سأقيم العدل لأمنع الظلم، بنشر العلم، وإزالة الجهل، فبالعدل نرقى، ونسمو، وبالظلم نخسر، وندنو
لا يستطيع أحد أن يمنحك الحرية، ولا يستطيع أحد أن يمنحك المساواة أو العدالة أو أي شيء آخر، فإن كنت رجلاً، فعليك أن تأخذها بنفسك
أقم العدل بحياتك، ومع غيرك ليصل الحق إلى أهله، وتكسب الأجر، وتكن سبباً في نشر الخير
يوم العدل على الظالم، أشد من يوم الجور على المظلوم
لا يكون العمران حيث لا يعدل السلطان
 كاتب صحافي  

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبه

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

7 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
ولد لمديمع
المعلق(ة)
7 أكتوبر 2022 12:40

@ولد لمديمع
قفا نبكي من ذكرى مقعد رئاسة == بين الحمامة والوردة فالسنبل === اشتريت بهم عمر حكومتي == حتى ارتويت وامتلأت من الملايين خزينتي /=== فعقرت احتفالا برفع الدعم عن النفط مطيتي == وتركت قومي وقاعدتي الشعبية يلمنني=== وقولهم ويحك بنكيران قتلتني ===اغرك مني ان حبك قاتلي=== وان امرك مهما كان غبيا وقاسيا نمتثلي==

ا

محماد
المعلق(ة)
6 أكتوبر 2022 18:47

قفا نبك من ذكرى رئاسة ومقعد
لاداعي للقلق
فقد عوضها سيدنا بسيارة وسبعة

دابا عض وذنيك لا وصلتي ليها

لغضف علال
المعلق(ة)
6 أكتوبر 2022 13:09

إذا كان بنكيران من المتلاشيات فلماذا يتم تخصيص مقالات له بالرغم من وطأة بؤس الحاضر علينا

لغضف علال
المعلق(ة)
6 أكتوبر 2022 13:07

عجيب أمر هؤلاء كأن الزمن السياسي توقف عند بنكيران وكأننا لا نعيش عصر حكومة أخنوش بمشاكلها وهمومها لماذا استعادة بنكيران بهذا الالحاح ، لماذا يستمر هذا الحقد بالرغم من وفاة الميت ودفنه هل زمن بنكيران هو نهاية الزمن السياسي . والسي محمد را المهدي المنجرة كان ديما تايقول بأن سياسة الخوصصة اللي دار اليوسفي حلات المشكل في ذيك الوقت لكن خلقات مشكلة كبيرة للاقتصاد المغربي من بعدو خصوصا إيلا زدنا على هاذ شي بأن فلوس الخوصصة كلاهم زعطوط ، والله يرحم المهدي المنجرة اللي قال بأن المغاربة غاذي يعانوا بزاف مع الخوصصة وفعلا ها حنايا تنعانيو مع الضو والما والسلعة وزيد وزيد

طائر
المعلق(ة)
6 أكتوبر 2022 12:05

اليوسفي رحمه الله لم يبع الوهم للمغاربة بل رفض التقاعد تعويض بعد الخدمة لم يتبجج بقال الله قال الرسول بل قدم الاخلاق في معاملاته وكلامه ورزانته انسحب وتوارى وترك مكانة في التاريخ ودرس لكل السياسيين الانتهازيون الذين ياتون للسياسة فقط لتحسين احوالهم وتوظيف ابنائهم والخروج بتقاعد مريح مدى الحياة.

زكرياء
المعلق(ة)
6 أكتوبر 2022 09:25

عهد عبد الرحمان اليوسفي عرف ارتفاع معدل النمو .ارتفاع معدل الاستثماراات . حل سلس لكثير من القضايا الاجتماعية وبطبيعة الحال انخفاض نسبة المديونية والتضخم كل هذا تحمل فيه المرحوم عبد الرحمان اليوسفي في زمن كان المغرب مهددا باسكتة القلبية كما قال المرحوم الحسن الثاني. أما عهد بنكيران ومن خلفه شهد العكس تماما . وبهذا أصبح بن كيران من المتلاشيات السياسية التي لا تصلح لشيء

لغضف علال
المعلق(ة)
6 أكتوبر 2022 00:33

لو بحثت في العوائق الإدارية لنجاح تجربة بنكيران وتجربة اليوسفي، كان مقالك سيكون مفيدا للتجربة الديمقراطية المغربية التي لا زالت يكتب لها النجاح لكن للأسف انشغلت ببنكيران وتلك ماضوية لو استعادها غيرك لنعتته [أقبح عبارات الرجعية والسلفية

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

7
0
أضف تعليقكx
()
x