لماذا وإلى أين ؟

نصف المغاربة يعانون من اضطراب نفسي أو عقلي (دراسة رسمية)

دعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى بلورة سياسات وبرامج عمومية منسقة لتعزيز الصحة العقلية والوقاية من الاضطرابات العقلية والمخاطر النفسية- الاجتماعية.

وأكد المجلس، في دراسة أعدها بمناسبة اليوم العالمي للصحة العقلية (10 أكتوبر) حول موضوع “الصحة العقلية على المستوى الوطني”، بهدف تحديد الاختلالات الرئيسية التي تتعين معالجتها في مجال سياسة الصحة العقلية والتكفل بالاضطرابات العقلية والنفسية والوقاية من الانتحار، أن هذه السياسات والبرامج العمومية يجب أن تقوم على مؤشرات مرقمة وقابلة للقياس، وعلى دراسات للأثر على المستوى الصحي والاجتماعي.

وأوصى المجلس، في هذه الدراسة التي تم إعدادها في إطار إحالة من رئيس الحكومة، بإعادة النظر في مشروع القانون رقم 71.13 المتعلق بمكافحة الاضطرابات العقلية وبحماية حقوق الأشخاص المصابين بها، قبل المصادقة عليه، وذلك بالتشاور مع الجمعيات المهنية، ونقابات أطباء الأمراض العقلية، والأخصائيين النفسيين، وممرضي الصحة العقلية، وجمعيات المرتفقين والمجتمع المدني.

ودعا إلى تعزيز الضمانات القانونية والقضائية للأشخاص المصابين بالاضطرابات العقلية، بما يراعي حالاتهم الصحية، ويوفر لهم حماية أمثل، وذلك من خلال ملاءمة أفضل لمقتضيات القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية مع خصوصيات واحتياجات المرض العقلي.

كما أوصى المجلس بالتدخل على مستوى المحددات الاجتماعية والثقافية المؤثرة في الصحة العقلية والنفسية للأفراد: (مكافحة التمييز بمختلف أشكاله، العنف، التحرش، الهشاشة، العزلة، الوحدة)، والرصد المبكر لحالات الأفكار والسلوكات الانتحارية لدى الأطفال والشباب في الوسط العائلي، وداخل المؤسسات التعليمية والتكفل بها.

وأكد المجلس أيضا على ضرورة التدخل على مستوى الأخطار النفسية- الاجتماعية في الوسط المهني، من خلال المصادقة على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 190 بشأن القضاء على العنف والتحرش في عالم العمل، وتطوير طب الشغل داخل المقاولات، ومراجعة مدونة الشغل في اتجاه إقرار جريمة التحرش المعنوي، ومراجعة لائحة الأمراض المهنية من خلال إدراج الاضطرابات النفسية والعقلية المرتبطة بظروف العمل.

وأبرز أهمية تحسين إمكانية الولوج لرعاية نفسية وعقلية ذات جودة، تكون مواكبة لما بلغته المعارف والعلاجات من تطور، ومستجيبة للاحتياجات الخاصة للمرضى، لا سيما تلك المتعلقة بالسن والحالة الاجتماعية والاقتصادية ووسط العيش وأشكال الهشاشة التي يعانون منها، فضلا عن النهوض بمهنة الأخصائي النفسي من خلال وضع نظام أساسي وضريبي واضح وموحد لهذه الفئة، ووضع سجل رسمي للأخصائيين النفسيين.

وأوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي كذلك بمراجعة وتحيين المصنف العام للأعمال المهنية (NGAP) في الشق المتعلق بالتكفل بالاضطرابات العقلية والتعريفة الوطنية المرجعية ذات الصلة، وذلك في ضوء التطورات الطبية التي شهدها مجال العلاج والتكفل بهذا النوع من الاضطرابات، مع الحرص على تطبيق تعريفة معقولة. ومن جهة أخرى، توقف المجلس عند مجموعة من الإكراهات والاختلالات الرئيسية المسجلة في مجال سياسة الصحة العقلية والتكفل بالاضطرابات العقلية والنفسية والوقاية من الانتحار، حيث أشار إلى أنه يظهر، حسب المسح الوطني للسكان من 15 سنة فما فوق، أن 48,9 في المائة من المغاربة يعانون أو قد سبق لهم أن عانوا من اضطراب نفسي أو عقلي في فترة من الفترات.

وأبرز أنه في مقابل ذلك، ” يسجل خصاص كبير في عدد الموارد البشرية (454 طبيبا نفسانيا) والأسرة الستشفائية (2431 سريرا)، وهو ما يؤشر على ضعف استثمار الدولة في منظومة الرعاية النفسية”، مذكرا في هذا الصدد بأنه، حسب معطيات منظمة الصحة العالمية لسنة 2021، لا تتجاوز نسبة مخصصات الصحة العقلية في الميزانيات الوطنية للصحة 2 في المائة.

كما أبرزت الدراسة التي أعدها المجلس، أن “التعاطي مع الصحة النفسية والعقلية يتم بطريقة قطاعية ومن زاوية المرض العقلي فحسب. وهي مقاربة تغفل الدور الأساسي للمحددات السوسيوثقافية للصحة، من قبيل درجات العنف العائلي والاجتماعي، وأشكال التمييز ضد المرأة، وظروف الشغل في الوسط المهني، ووسائل حماية الأطفال والمسنين والأشخاص في وضعية إعاقة، واستمرار الوصم الاجتماعي والنظرة السلبية للأشخاص الذين يعانون من الاضطرابات النفسية والعقلية”.

بالإضافة إلى ذلك، يضيف المجلس، ثمة أوجه قصور على مستوى الإطار القانوني والخبرة القضائية في مجال الأمراض العقلية والنفسية، مبرزا أنه ينضاف إلى ذلك الصعوبات المرتبطة بالإيداع القضائي للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات عقلية داخل مؤسسات العلاج إما لأسباب وقائية أو جنائية، ولا سيما أمام الخصاص الموجود في الطاقة السريرية وبنيات الطب العقلي والنفسي.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

2 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
salim
المعلق(ة)
11 أكتوبر 2022 18:10

الكدوب هادا ، ماشي النصف،راه 90% خاسهم برشيد و 10% خاصهم بويا عمر…!

احمد
المعلق(ة)
11 أكتوبر 2022 17:54

هذا هو المعقول، من حقنا نحن المغاربة ان نعرف من خلال دراسات علمية جادة مستوى تطورنا نفسي والاجتماعي والفكري، بدل السحال اللفضي الذي لا طائل من ورائه سوى التخندق وراء سياسات فاشلة لا تقدم ولا تاخر وتؤدي الى انقسام المحتمع، وتجييش الشباب وراء دعوات ومضامين تافهة متفسخة كالطوطاوية، او دعوات متطرفة الى العنف بكل اشكاله، وهي كلها في الاخير دعوات لتعميم الفوضى والدجل والفتنة. وقد اظهرت هذه الدراسة ان نصف المحتمع اصبح مختلا نفسيا، ادن ماهي الحلول،؟ ان راسمال هذه الامة هو شبابها الذي يشكل الاغلبية، وهذه دراسة تدق ناقوس الخطر. وامة لا تستتمر في شبابها هي امة مفتوحة على المجهول.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x