ضجت صفحات بمنصات التواصل الإجتماعي وبعض المنابر الإعلامية ببلاغ لشركة “أديداس” للملابس الرياضية، تعلن فيه التوصل إلى اتفاق مع وزارة الثقافة المغربية حول ما اعتبر خلافا بخصوص استعمال زخارف مستوحاة من الزليج المغربي على أقمصة المنتخب الجزائري الأول لكرة القدم.
و ما إن صدر البلاغ المذكور حتى سارع الكثيرون إلى التسويق له على أساس أنه إعلان انتصار لوزير الثقافة والتواصل والشباب، المهدي بنسعيد، في المعركة “الدونكيشوطية” التي خاضها ضد الشركة المذكورة،حسب الظاهر، من أجل “حماية موروث ثقافي مغربي متمثل في الزليج”.
وروج الكثير ممن تداول هذا البلاغ بشكل مغلوط، أن شركة “أديداس” اعترفت بكون الزليج موضوع الخلاف مغربي، وقدمت اعتذارا للوزارة المذكورة والوزير المسؤول عنها”، لكن الحقيقة غير ذلك.
فبنسعيد الذي يحاول أن يخرج من أكبر إساءة تسبب فيها مسؤول حكومي للثقافة المغربية، وإهانة علنية جماهيرية للمغاربة وخدشا لحيائهم، لا يتوانى عن استعمال كل الوسائل، و لو تطلب الأمر حشر الموروث الثقافي في معركته الشخصية، والتبشير بانتصار وهمي على شركة أديداس، والحال أن هذه الأخيرة لم تعترف قط بكون الزليج موضوع الخلاف مغربيا، ولو كان هذا الموروث لا يحتاج لاعترافها للتأكيد على مغربيته و كون جذوره ضاربة في المعمار المغربي الأصيل.
أديداس اعترفت بكون التصميم موضوع الخلاف “مصدر إلهام بالفعل من خلال نمط فسيفساء الزليج”، لكن دون أن تذكر بأنه زليج مغربي، الأمر الذي يكشف بالواضح أن بنسعيد أخفق في جر الشركة للإعتراف بمغربية هذا الموروث.
أما بخصوص الاعتذار المزعوم الصادر عن ذات الشركة لوزارة الثقافة، فهو أمر عار من صحة، ومن سوق له إما كان بقصد التغليط بهدف نسب انتصار وهمي لبنسعيد أو خانته ترجمة نص البلاغ من لغته الأصلية الإنجليزية إلى اللغة العربية.
فأديداس تقول في بلاغها “بعد المناقشات البناءة بين أديداس ووزارة الثقافة المغربية، نؤكد توصلنا إلى إيجاد حل إيجابي لمسألة قمصان كرة القدم الأخيرة”.
وتضيف “كان التصميم مصدر إلهام بالفعل من خلال نمط فسيفساء الزليج. و لم يكن يقصد في أي وقت الإساءة إلى أي كان”.
وتابع أصحاب البلاغ بالقول: ” نود أن نعرب عن احترامنا العميق للشعب والحرفيين في المغرب ونأسف للجدل الذي يحيط بالقضية. نعترض على أي عمل يضر بالنزاهة الثقافية وتاريخ الشعوب والأمم على مستوى العالم”.
من خلال ما ذكرناه يتضح أن أديدس لم تعترف بمغربية الزليج، ولم تعتذر عن استلهام تصميم قميص المنتخب الجزائري من زخرفة الزليج، ولم تعد بسحب هذا التصميم، ولم تكشف عن طبيعة هذه التسوية التي توصلت إليها مع الوزارة المذكورة، مما يعني أن كل ما حصل هو انتصار لها ودعاية تجارية إضافية لها عامة ولمنتوجها المتمثل في القميص الجزائري خاصة، وأنها هي والمنتخب الجزائري أكبر الرابحين من هذه المعركة التي ورط المغرب فيها الوزير بنسعيد.
ما قام به بنسعيد بخصوص معركة الزليج، رغم علمه المسبق أن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، لم تدب المغرب بعد على طلب تحفيظ هذا الموروث، يمكن الخروج منه بخلاصتين أساسيتين، الأول هي أن حفظ التراث المغربي، مادي وشفهي، لا يحتاج للبهرجة الزائدة والمعارك الخاسرة، وإنما هناك مساطر وفق قوانين دولية ووطنية يتم إتباعها لتحفيظ هذا التراث وحمايته من القرصنة، أساليب تواصل تحتفي بهذا الموروث وتفتخر باستعماله من طرف الآخرين كمنتج مغربي أصيل، وتبريز أصالته المغربية من خلال وصلات دعائية وأوراق تعريفية به، في انتظار استكمال مساطر تحفيظه.
والثانية أن بنسعيد أثبت بما لا يدع مجال للشك أنه ليس بالرجل المناسب في المكان المناسب، وأن سياسته لإدارة قطاع الثقافة والشباب والرياضة عادت بنتائج عكسية وآثار سلبية على المشهد الثقافي والشبابي وحتى التواصلي.
.. الوزير طوطو لثقافة السفاهة يبحث عن قشة يتشبت بها لإنقاذ نفسه من الغرق في مستنقع الكلام الفاحش و الترويج للمخدرات و الإيحاءات الساقطة… و كأن الثقافة هي المخدرات و البورنو و الكلام الساقط
هذا المقال يصب في طاحونة الكراغلة، وسيجدون فيه دعما لاطروحتهم.
هذا المقال يصب في طاحونة الكراغلة وسيجدون فيه دعما لاطروحتهم.
نتمنى ان لا يكون هذا التركيز على الوزير بنسعيد مقصودا رغم كون هذا المقال وما سبقته من مقالات حول تقصير وزارة الثقافة المغربية في مهماتها ومسؤولياتها, علما ان وزارة الثقافة المغربية ممثلة في الوزير ومن سبقوه قد عودتنا على هذه اللامبالاة وعلى اهتمامها بافساد الشباب اكثر من اهتمامها بالحفاظ والدفاع عن الثرعت المغربي الاصيل والثقافة المغربية المتجدرة.
اذا لم تعترف الشركة بالسرقة، فما المانع من متابعة المسطرة القضائية اذا كان هذ الزليج مسجل فعلا في الملكية الادبية والثقافية للمغرب باليونسكوا.