2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

كشفت وزيرة الإقتصاد والمالية؛ نادية فتاح العلوي، أمام أعضاء مجلسي البرلمان أمس الخميس 20 أكتوبر الجاري، عن مشروع قانون المالية لسنة 2023.
المشروع سالف الذكر، تحدث عن المالية التي ستخصصها الحكومة لمختلف القطاعات في سنة 2023، حيث شهدت تباينا في النفقات المخصصة لها، علاوة على ارتكاز مشروع قانون المالية المذكور على فرضيات بمثابة أهداف تروم الحكومة تحقيقها مثل بلوغ نسبة 4 بالمائة في نمو الناتج الداخلي الخام، وتحقيق تضخم بنسبة 2 بالمائة، وغيرها من الفرضيات والمعطيات الرقمية، وهو ما يستدعي وضعها تحت مجهر التحليل الإقتصادي لمعرفة مدى واقعيتها.
وفي هذا السياق، يرى الخبير الدولي في الإقتصاد، خالد بنعلي، أن “مشروع قانون المالية لسنة 2023 تم إعداده في محيط عالمي يتسم بالضبابية وعدم الوضوح، وبالتالي فطبيعة اقتصادنا و ارتباطه بالأسواق الخارجية في ما يتعلق بالمحروقات لحوالي 40 بالمائة من المواد التي نستوردها، يجعلنا اليوم نطرح سؤالا مفاده: إلى أي مدى يمكن للفرضيات الحالية التي بني عليها قانون المالية أن تتحقق على أرض الميدان وأن نبلغ النتائج المرجوة”؟
وأوضح بنعلي، في تصريحه لـ”آشكاين”، أن “معالجة هذا الأمر تنبني على فرضيتين، فرضية معدل النمو بـ4 بالمائة”، أي أنه “في حال تساقطت الأمطار سنتجاوز 4 بالمائة، لأن سنة 2022 لن نتجاوز 1 بالمائة، إذ أن عملية الحساب تتم من خلال حجم الإنتاج الوطني الذي يرتفع مباشرة بعد التساقطات، بمعنى قد نصل إلى 4.5 بالمائة في حال وجود تساقطات هذه السنة، وهذا يعيد للواجهة فرضية عامل التساقطات كعامل محوري في التنمية”
وأضاف أن “الفرضية الثانية هي معدل التضخم، والذي يعتبر هدفا، ولكن هل سنحققه بـ2 بالمائة في الظروف الحالية والتطورات الجيواستراتيجية الراهنة، ما يعني أن هناك نقاشا في هذا المعدل، أي أن النسبة مطروحة كهدف، ومن حق من وضع قانون المالية وضع هذه النسبة، لكن هل هي نسبة واقعية أم لا، فهذا مرتبط بما هو خارجي”.

وأردف أنه “فيما يتعلق بفرضية سعر البرميل الذي تحدد في حوالي 98 دولار، ما يعني لنا كاقتصاديين أن فرضية المحروقات تحكمها عوامل أخرى، فإذا بقت الصين في انكماشها الحالي، بمعنى لم يكن لديها طلب كبير على المحروقات، أما إذا استأنفت الصين وفتحت اقتصادها، بحكم اعتمادها الإغلاق بين فترة وأخرى، إذ (فتحته) وانطلقت سيكون هناك طلب كبير على المحروقات والأثمنة سترتفع أكثر من هذا الثمن”.
وتابع أن “تدبير قانون المالية اليوم يجب أن يكون بمنطق جديد، إذ طرحنا الفرضيات ونسعى لتحقيقها، ولكن يجب أن تكون هناك مواكبة واستباق لحظي وآني، لأن المعطيات تتغير بين ليلة وضحاها”.
“وفيما يتعلق بإرساء ركاز الدولة الإجتماعية”، يضيف الخبير الاقتصادي نفسه، “ورد فيها إجراءات ورش تعميم الحماية الاجتماعية وهو ورش فيه قانون والتزامات لأحكام القانون، وهي التزامات على الحكومة أن تنفذها في أجندتها، وما يتعلق بالتعليم والصحة والسكن والتشغيل نجد هناك اعتمادات مالية إضافية بالنسبة للتعليم والصحة”.
ولفت الانتباه إلى أنه “بالحديث على ركاز الدولة الاجتماعية أو البرنامج الاجتماعي، فالأخير يعني وكأننا نجمع الميزانيات ونحسب كم صرفنا على القطاعات الاجتماعية، أما الحديث عن إرساء ركاز الدولة الاجتماعية، بمعنى الرجوع إلى منطق التناسق والتكاملية بين البرامج بشكل أفقي، أي تكامل وانسجام بين القطاعات، فمثلا عندما نقول أننا سنبني مستشفى أو مدرسة فيجب توفير الطريق التي ستصل للمدرسة و فك العزلة عن المنطقة”.
وأشار إلى أنه “عندما نتحدث عن برامج متناسقة فنحن نبحث عن فعاليتها، وعندما نتحدث عن برامج اجتماعية فنحن نقوم بتجميعها ونحتسب المالية المصروفة على القطاعات الاجتماعية، موردا أن “هذا هو أول مشروع قانون مالية للحكومة ويجب عليها أن تفعل القانون التنظيمي ونتجه لتغيير نمط النقاش والتداول داخل البرلمان”.
واسترسل أنه “فيما يتعلق بجانب إنعاش الاقتصاد وميثاق الاستثمار، يبقى تنزيله مرتبطا بتنزيل الحكومة للنصوص التنظيمية للقانون، لمعرفة طبيعة الاعتمادات وآليات الدعم وطريقة أجرأتها، مع ضرورة التنزيل السريع”.
وأشار المتحدث إلى أن “ما جاء الإصلاح الضريبي، نجد بأن النموذج التنموي الجديد تحدث عن كون الإصلاح الضريبي يجب أن يعطينا 2 بالمائة إضافية في الناتج الإجمالي المحلي (pib) في السنة، لكن يبقى السؤال هل سنحقق ما برمجته الحكومة أم لا وهل يمكن تحقيقه في الظرفية الحالية، لأن الظرفية الحالية تتميز بارتفاع الأسعار ما يعني أن العائدات الضريبية سترتفع، وميزانيتنا مكونة في الغالب من عائدات ضريبية، وفي المقابل ما هي التحملات التي ستكون، فرغم ذلك يجب معرفة مآل مالية صندوق المقاصة لأننا اتخذنا مقاربة الدعم ولدينا مشاريع اجتماعية لا يجب أن تتوقف مثل الحماية الاجتماعية والصحة، علاوة على المديونية وماهي المستويات التي ستصلها”.
وأكد أنه “مع ارتفاع الأسعار يجب الحديث عن الفاتورة التي سنؤديها، لأنه بالرجوع إلى ارتفاع الأسعار على الصعيد العالمي وما نستورده وما سنؤديه وانعكاس ذلك على الرصيد الاحتياطي للعملة في بنك المغرب”.
وخلص بنعلي إلى أنه “كيفما كان قانون المالية هذه السنة فستكون هناك صعوبات في تنزيله وتطبيقه، ولكن العالم كله يسير بهذا الشكل، ولا يمكننا أن نتحجج بهذا الأمر، بل يجب أن تكون لدينا رؤية واضحة”.