لماذا وإلى أين ؟

هل انتهت رحلة جيل جديد من الأسود؟

انتهت رحلة المنتخب الوطني المغربي في مونديال روسيا، انتهت مغامرة بحلوها ومرها، بفرحتها وبنكساتها، وبذلك الشغف الجماهيري الذي وحّد المغاربة، في المقاهي والبيوت وخلف الهواتف النقالة، وذلك كله من أجل متابعة نخبة اختارت تمثيل القميص الوطني أحسن تمثيل في أكبر محفل رياضي في العالم، غير أن السؤال المطروح، هو هل المشاركة في المونديال هي بداية النهاية، أم أنها “البداية ومازال مازال”، كما يقول المغاربة.

عند الحديث عن النهاية، فالمقصود بالتأكيد، هو نهاية هذا الجيل الرائع من خيرة ما أنجبت كرة القدم المغربية، ولو أن أغلب أفراد المنتخب ولدوا وترعرعوا في أحضان عائلاتهم المغربية بالمهجر، هو جيل أسعد وأمتع وأعاد لكرة القدم المغربية هيبتها وعنفوانها الذي غاب لأزيد من عشرين سنة، هو أيضا جيل يُذكرنا بأمجاد وملاحم كتبت في التاريخ الرياضي المغربي في كافة المجالات.

من المؤكد، أن الكل تابع كل صغيرة وكبيرة عن المنتخب الوطني المغربي، وخَبِر أدق التفاصيل عن أفراده وطاقمه، وخركاته وسكناته، بل أصبحت أسماء اللاعبين تتردد على ألسنة الكبار والصغار، حتى أولئك المتشائمون الذين نفروا من كرة القدم المغربية نظرا لكثرة نكسات الماضي، أبوا إلا أن يصفقوا ويفرحوا وينتقدوا بحب هذا المنتخب، غير أن حلو الأشياء زائل وغير دائم، فسرعان ما انتهى الرحلة وطفت على السطح ملامح تحول يلوح في الأفق.

أول تحول يُنذِر بنهاية غير سعيدة لهذا الجيل، هو تلك التصريحات المثيرة التي أطلقها عميد المنتخب الوطني المهدي بنعطية، فرغم تجاربه الإحترافية في عدد من الأندية الأوروبية العملاقة، إلا أنه فضل لغة القصف بعد أن خرج المغرب خالي الوفاض من المونديال خلال مباراة البرتغال، حيث هاجم مساعد المدرب مصطفى حجي، الذي انتقد طريقة تصرف اللاعبين واعتبر أنهم يستخفون بالقميص الوطني، وفقا لتصريحات بنعطية. مما يعني أن المناخ العام داخل المنتخب تحوم حوله سحابة عاصفية، مما عكر الجو بين  أفراد الطاقم التقني واللاعبين، وهو ما أدى في آخر المطاف إلى استبعاد بنعطية من التشكيلة الرسمية التي واجهت اسبانيا في المباراة الثالثة.

ثاني تحول، وهو أمر حتمي على أي فريق، فيتمثل في عامل السن، إذ أن عددا من عناصر المنتخب الوطني بدؤوا يتقدمون في السن وخير مثال على ذلك كريم الأحمدي وامبارك بوصوفة والمهدي بنعطية وبشكل أقل نبيل درار ونور الدين أمرابط… وبالتالي فلن يكون بمقدور بعض من هؤلاء اللاعبين مواصلة المشوار واللعب الدولي مع منتخبهم نظرا لكبر سنهم، مما يطرح علامات استفهام كبرى حول الخلف الذي سيحل محل هذا السلف، بل أكثر من ذلك، فإن بعض اللاعبين لا يمكن تعويضهم حاليا في المراكز التي يلعبون فيها نظرا لعدم وجود شبان من طينة الأحمدي وبوصوفة على سبيل المثال، سواء في البطولة والوطنية أو في النوادي الأوروبية.

عامل ثالث ومهم، هو الخبرة الغائبة عند أغلب لاعبي المنتخب الوطني، فإذا استحضرنا مثلا أسماء حاريت وحكيمي ومنديل وزياش والكعبي وسفيان أمرابط وبوحدوز وغيرهم، لا يعرفون شيئا عن الأدغال الإفريقية، وعن طريقة اللعب في القارة السمراء، التي لها نكهتها الخاصة ومميزاتها الفريدة من نوعها والمختلفة تماما عن الأجواء الأوروبية والمغربية والشمال-إفريقية عموما..، خاصة ونحن على مشارف انطلاق إقصائيات كأس إفريقيا التي ستقام بالكاميرون سنة 2019.

التحول أو العامل الرابع، هو أنه  في خضم المواجهات المونديالية للمنتخب المغربي، بدأ تتسلل عبر الصحافة أنباء تتحدث عن امكانية انتقال الناخب الوطني هيرفي رونار لتدريب بعض المنتخبات الأخرى، وأبرزها “ثعالب الصحراء” (الجزائر) هذه الأنباء وإن صحت فمن المؤكد أنها ستكون بمثابة هدم لبنيان مرصوص استغرق وقتا طويلا لتشييده وجعله في القمة ومثار إعجاب من طرف العديد من الخبراء والمحللين الرياضيين، فمغادرة رونار لكتيبة أسود الأطلس من شأنها أن تقلب الكرة المغربية رأسا على عقب، كيف لا وهو الذي يعرف أقطار إفريقيا شبرا شبرا، وأعينه ترصد المواهب المغربية في مختلف الدول الأوروبية.

نحن لا نرمي رونار بالورود، و‘إنما نعطي لكل ذي حق حقه، لأن هذا المدرب الفرنسي ثَبَت أخيرا على تشكيلة وتوليفة قل نظيرها منذ عقدين من الزمان، وهو العالم بطريقة سد الفراغات في المنتخب إذا اعتزلت إحدى ركائزه، لكن لا يجب أن نغفل أن رونار ارتكب أخطاء قاتلة في طريقة تسييره للبعض المباريات في كأس العالم بروسيا، حيث أجمع العديد من المراقبين على أنه فشل في بعض من خططه وتغييراته، لكن هذا لا يمكنع من القول إن الهدف الأول المتمثل في التأهل إلى المونديال قد تحقق، والتأهل إلى الدور الموالي من نهائيات كأس افريقيا في السنة الماضي قد تحقق، ولم يتبق الآن سوى أن يضع نصب أعينه نيل لقب كأس أمم افريقيا وهو اللقب الذي عانقه المغرب مرة وحيدة فقط قبل 42 سنة.

فهل ستفطن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم إلى كل هذه العوامل والتحولات؟ أم أن المغاربة سيُصدمون لنهاية هذا الجيل الرائع من أسود الأطلس؟

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x