لماذا وإلى أين ؟

خلْفيات رفع البرلمان الإسباني دعمَه لجبهة البوليساريو

صادق البرلمان الإسباني بغالبية الكتل البرلمانية، باستثناء الحزب الإشتراكي الذي ينتمي إليه الرئيس بيذرو سانشيز، يوم الثلاثاء المنصرم، على رفع المساعدات الإنسانية التي تمنحها الحكومة الإسبانية لسكان مخيمات تندوف التي تديرها جبهة البوليساريو خلال العام القادم بقيمة 7 ملايين يورو، حيث سيوجه المبلغ لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لشراء الغذاء و الدواء، في المقابل فإن عملية توزيع المساعدات تبقى في يد البوليساريو.

ويأتي هذا القرار المتخذ من طرف أغلبية البرلمان الإسباني، بعد إعلان إسبانيا اعترافها بمغريبة الصحراء عقب أزمة سياسية غير مسبوقة في العلاقات الدبلوماسية المغربية الإسبانية، وهو ما يطرح علامة استفهام حول الرسالة التي يتضمنها رفع القيمة المالية للمساعدات التي تمنحها إسبانيا لجبهة البوليساريو.

تفاعلا مع ذلك، يرى الباحث في القضايا الدولية والإستراتيجية؛ أحمد نور الدين، أن رفع إسبانيا من حجم مساعداتها الغذائية الموجهة لمخيمات تندوف، سببه محاولة الحفاظ على موقعها كأحد الفاعلين الدوليين في ملف الصحراء المغربية بوصفها القوة الإستعمارية السابقة للإقليم، خاصة أنه بعد رسالة رئيس الحكومة الإسبانية إلى جلالة الملك في مارس 2022 والتي أكد فيها دعم اسبانيا للموقف المغربي في الصحراء، كانت الجزائر قد سحبت سفيرها من إسبانيا ودفعت الجبهة الانفصالية إلى الاعلان عن قطع كل الإتصالات مع مدريد، مضيفا أن هذه الخطوة الإسبانية هدفها الالتفاف على هذه القطيعة مع الجزائر والجبهة الإنفصالية، من خلال المساعدات الإنسانية.

أحمد نور الدين ــ باحث في القضايا الدولية والإستراتيجية

ووصف نور الدين في تصريح لـ”آشكاين”، خطوة البرلمان الإسباني بأنها “مناورة أو تكتيك إسباني للدخول من الباب الخلفي، حتى لا تبقى خارج الدول المؤثرة في هذه القضية التي تعتبرها استراتيجية على أكثر من صعيد”، مشيرا إلى أن “ملف الصحراء يعتبر ورقة أساسية في مفاوضات مدريد مع المغرب في باقي الملفات سواء تعلق الأمر بسبتة ومليلية والجزر الإحدى عشرة المحتلة، أو ملفات الهجرة غير النظامية والصيد البحري والتجارة والاستثمارات والأمن ومحاربة الارهاب وترسيم الحدود واستغلال المنطقة الاقتصادية الخاصة، خاصة بعد ظهور حقول الغاز والنفط والمعادن النفيسة على الواجهة الاطلسية، وغيرها من الملفات الحيوية لاسبانيا”.

“العلاقات بين الدول ليس فيها مجال للعواطف أو حسن النية”، يسترسل الباحث في القضايا الدولية والإستراتيجية، مستدركا “الويل لمن غفل لحظة واحدة عن مصالحه الحيوية أو قدمها هدية في لحظة انتشاء بموقف سياسي أو دبلوماسي عابر، وبالتالي فإسبانيا ترغب في فتح صفحة جديدة بعد أزمة الثقة التي خلفتها قضية “ابن بطوش” الذي استقبلته بهوية مزورة وبتواطؤ مع النظام العسكري الجزائري، وفي المقابل ترغب إسبانيا كذلك في إبقاء المغرب تحت الضغط لانتزاع أكبر قدر من التنازلات لصالحها وهذا موقف تتحكم فيه عوامل تاريخية وجيوسياسية بين ضفتي مضيق جبل طارق، ولن تتغير هذه المعطيات بين عشية وضحاها أو زيارة وأخرى”.

ووفق متحدث “آشكاين”، فإن إسبانيا ستغلف قرار برلمانها بكونه استجابة للنداء الذي أطلقه مجلس الامن في القرار الأخير 2654 بالرفع من المساعدات الإنسانية لمخيمات اللاجئين في تندوف بسبب ظهور أعراض سوء التغذية الحادة وفقر الدم لدى الأطفال والأمهات في مخيمات تندوف، مضيفا لكن هذا النداء الاممي مردود عليه لأنه كان على الأمم المتحدة أولا أن تحمل الجزائر مسؤولية تجويع ساكنة المخيمات لأنها هي من يمنع عودتهم إلى موطنهم الأصلي في المغرب، ولأن الجزائر تمنع إشراف المفوضية العليا للاجئين على تلك المخيمات، وهي حالة شاذة في العالم.

وخلص نور الدين، إلى الإشارة إلى أن الجزائر تزود المليشيات الانفصالية بأسلحة ثقيلة تشمل مدرعات وصواريخ قيمتها تزيد بعشرات المرات عن قيمة المساعدات التي تقدمها إسبانيا وكل الدول المانحة للمساعدات مجتمعة، مشددا على أنه كان بالاحرى بإسبانيا والامم المتحدة أن تدين سلوك الجزائر وتفرض عودة اللاجئين إلى أرض الوطن عوض إطالة معاناتهم في المخيمات.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x