لماذا وإلى أين ؟

إصابة كورونا الحادة تُشبه تأثير الشيخوخة على الدماغ!

بالرغم من دخول العالم في مرحلة التعافي من وباء كورونا، الذي شلّ مناحي الحياة بالكرة الأرضية لأكثر من عامين، فإن الكثير من الحقائق والتفسيرات مازالت تتكشف يوماً بعد يوم.

فقد كشفت دراسة أميركية حديثة أن مرض كوفيد-19 الحاد يبدو كأنه يشبه إلى حد ما الشيخوخة في دماغ الإنسان، وفقا لتحليل ما بعد الوفاة لـ54 فردا سليما و مصابا.

ويقول معدو الدراسة إن بحثهم هو الأول الذي يربط كوفيد-19 بالتوقيعات الجزيئية لشيخوخة الدماغ، بحسب مجلة “نيتشر أجينغ” Nature Aging.

ويقول عالم الصحة العامة جوناثان لي من “جامعة هارفارد”: “لقد لاحظنا أن التعبير الجيني في أنسجة دماغ المرضى الذين ماتوا بسبب كوفيد-19 يشبه إلى حد بعيد تعبير الأفراد غير المصابين الذين تبلغ أعمارهم 71 عاما أو أكثر”. والعينة، المكونة من أشخاص في أوائل العشرينيات من العمر حتى منتصف الثمانينيات من العمر، تشمل 21 شخصا أصيبوا بفيروس كوفيد-19 الحاد، وشخصا واحدا بدون أعراض، و22 شخصا لم يصابوا بالفيروس التاجي.

وقارن الباحثون نتائجهم أيضا بنتائج شخص غير مصاب بمرض الزهايمر ومجموعة أخرى من 9 أفراد غير مصابين لديهم تاريخ في العلاج بالمستشفى أو بجهاز التنفس الصناعي.

وباستخدام تقنية تسلسل الحمض النووي الريبي على عينات من قشرة الفص الجبهي، وجد العلماء أن المصابين بفيروس كوفيد-19 الشديد أظهروا أنماط تعبير جيني غنية مرتبطة بالشيخوخة.

وبدت أدمغة الأفراد المصابين أكثر تشابها مع أدمغة الأفراد الأكبر سنا في المجموعة الضابطة، بغض النظر عن أعمارهم الفعلية.

وبعبارات بسيطة، الجينات التي عادة ما يتم تنظيمها في الشيخوخة، مثل تلك المتعلقة بالجهاز المناعي، تم تنظيمها أيضا في حالة كوفيد-19 الشديدة.

وفي الوقت نفسه، تم تقليل تنظيم الجينات الخاضعة للتنظيم في الشيخوخة، مثل تلك المرتبطة بالنشاط المشبكي والإدراك والذاكرة، في حالة كوفيد-19 الشديدة أيضا.

وكتب الباحثون: “لاحظنا أيضا ارتباطات مهمة للاستجابة الخلوية لتلف الحمض النووي، ووظيفة الميتوكوندريا، وتنظيم الاستجابة للإجهاد والإجهاد التأكسدي، والنقل الحويصلي، واستتباب الكالسيوم، ومسارات إشارات/إفراز الأنسولين المرتبطة سابقا بعمليات الشيخوخة وشيخوخة الدماغ. إجمالا، تشير تحليلاتنا إلى أن العديد من المسارات البيولوجية التي تتغير مع الشيخوخة الطبيعية في الدماغ تتغير أيضا في حالة “كوفيد-19″ الشديدة”.

عواقب محتملة على المدى الطويل

ومنذ أن بدأ فيروس كورونا المستجد في إصابة البشر على نطاق عالمي، خشي العلماء من عواقب محتملة على المدى الطويل.

ويعد تلف الدماغ أحد أكثر النتائج إشكالية. وغالبا ما ترتبط الحالات الشديدة من كوفيد-19 بضبابية الدماغ أو فقدان الذاكرة أو السكتة الدماغية أو الهذيان أو الغيبوبة. وفي أكتوبر من عام 2020، كشفت فحوصات الدماغ الأولية لمرضى كوفيد-19 علامات مقلقة على الاضطراب العصبي والضعف.

ووجدت دراسات لاحقة منذ ذلك الحين أن حتى إصابات كورونا الخفيفة يمكن أن تؤثر على الدماغ، على الرغم من أنها لا تزال غير واضحة المدة التي قد تستمر فيها هذه التغييرات أو كيفية مقارنتها بحالة أولئك المصابين بكوفيد-19 الشديد.

وفي كل عام يمر، يكوّن خبراء الصحة فكرة أفضل قليلا عن النتائج الطويلة الأجل التي قد يجلبها هذا الوباء العالمي. وبعد ثلاث سنوات، لا يبدو الأمر جيدا.

وجاءت نتائج الدراسة الحالية في أعقاب بحث آخر، نُشر في وقت سابق من هذا العام، ووجد أن التأثير المعرفي لـ “كوفيد-19” الشديد يعادل حوالي 20 عاما من الشيخوخة.

وأخبرت اختصاصية علم الأمراض العصبية ماريانا بوجياني من جامعة أمستردام المجلة أن النتائج الجديدة تطرح “عددا كبيرا من الأسئلة المهمة، ليس فقط لفهم المرض، ولكن لإعداد المجتمع لما قد تكون عليه عواقب الوباء”.

وأضافت أيضا أن هذه العواقب قد لا تكون واضحة لسنوات عديدة قادمة. وبحلول هذا الوقت، من المحتمل أن يعاني المجتمع العالمي من تكرار عدوى كوفيد-19.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x