لماذا وإلى أين ؟

الدروس الخصوصية أو “السوايع”، إهدار لمجانية التعليم وضرب لمبدأ تكافؤ الفرص

عبد الله إكي

*الدروس الخصوصية “السوايع”، هي الجهد الذي يبذله المدرس خارج نطاق الوسط المدرسي العمومي او الخاص.،ويستفيد منه التلميذ بصورة فردية او جماعية ،بحيث يتقاضى المدرس أجرا يدفع له مقابل هذا الجهد.

موضوع الدروس الخصوصية لازال يثير جدلا ونقاشا بين الأسر ورجال التعليم.فهناك مدرسون يعطون دروسا خصوصية تحت الطلب وبإلحاح شديد من اولياء امور التلاميذ، في حين هناك صنف اخر من المدرسين يضعون فروضا محروسة صعبة وتكون درجات التلاميذ دون المتوسط ليظهروا لهم بأنهم غير قادرين على فهم المادة الدراسية وعليهم ان يلتحقوا بالدروس الخصوصية او بالدروس الليلية.وتتم هذه الدروس الخصوصية داخل بيوت التلاميذ او في المقاهي اوفي منازل مكتراة.واصبحت تنتشر في اغلب الأحياء الراقية منها والشعبية.
وبذلك غدت الدروس الخصوصية مرضا مزمنا يثقل كاهل وميزانية اولياء الامور ويوقع بعضهم في ازمة مادية كبيرة. وفي المقابل فتحت الدروس الخصوصية لبعض المدرسين شهية تكوين ارصدة مالية سمينة، بل والاشتغال في قطاع التجارة والعقار والاستقالة من مهنة التعليم في المدارس. لقد اصبحت الدروس الخصوصية قدرا محتوما يلاحق الاسر في جميع المراحل الدراسية.

لقد كانت الدروس الخصوصية محصورة بالمراحل الختامية لكنها الان تفشت في جميع مراحل اسلاك التعليم من التعليم الإبتدائي الى الثانوي .وبلغت ذروتها في العقود الاخيرة..بحيث اصبحنا نرى اعلانات وهواتف المدرسين الراغببن في اعطاء الدروس الخصوصية بالمتاجر ومحلات الببع والشراء وعلى جدران بعض المؤسسات التعليمية.وفي مواقع التواصل الإجتماعي.

إن أسباب انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية متداخلة: المدرس/التلميذ/المجتمع/ الاسرة / المنهاج الدراسي والسياسة التعليمية……الخ.

هناك بعض اولياء امور التلاميذ يرجعون انتشار هذه الظاهرة الى ضعف اداء بعض المدرسين في الفصل الدراسي وعدم تمكنهم من مادة تخصصهم وضعف قدرتهم على القيام بعملية التدريس.

كما ان بعض التلاميذ يزاولون الدروس الخصوصية من اجل التباهي والافتخار امام الاصدقاء والزملاء.وبخصوص المجتمع فهو يحث التلاميذ للحصول على شهادات بدرجات مرتفعة تمكن من ولوج المدارس العليا.

وتساهم السياسة التعليمية بدورها في انتشار الدروس الخصوصية بحيث تركز هذه السياسة على التوسع الكمي في التعلم دون التوسع النوعي في الامكانات، كما لازال التقويم الختامي ينصب على الحفظ .

فالدروس الخصوصية تساهم في اهدار مجانية التعليم بمختلف مراحله ، ومع ان التكلفة الباهظة لهذه الدروس تقضي على مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية على اساس القدرات والمواهب واستبداله بمبدأ القدرة المالية على تحمل نفقات الدروس الخصوصية .كما تختزل الدروس الخصوصية العملية التعليمية في اعتماد نماذج الامتحانات السابقة وعناصر الاجابة وبذلك تغيب مهمة التعليم في تنمية قدرات التفكير بدءا من الفهم الى التركيب..

كما تمثل الدروس الخصوصية نوعا من التهاون واللامبالاة في أداء الواجب المهني لدى البعض. داخل المدرسة من اجل استغلال الاسر الحريصة على تعليم بناتها وأبنائها،كما ساهمت هذه الدروس كذلك في تنمية الطبقية للمواد الدراسية، فهناك بعض التلاميذ يركزون على المواد العلمية للحصول على نقط عالية تؤهلهم للالتحاق بالمعاهد العليا داخل الوطن أو خارجه.

وفي خضم الربح الذي يجنيه بعض المدرسين من الدروس الخصوصية، دخلت بعض المدارس الخاصة لتأخذ بدورها حصة من هذه الاستفادة المادية من خلال اعطاء دروس ليلية داخل فصول دراسية مكتظة بالتلاميذ من مؤسسات تعليمية مختلفة.فهذه المدارس بدورها فضاءات لتحقيق تراكم مالي على حساب جيوب الاسر ذات الدخل محدود.

ان مافيا ونزيف الدروس الخصوصية والليلية بات يؤرق الجميع وبصفة خاصة اولياء امور التلميذات والتلاميذ، لذا وجب التصدي لها من لدن الوزارة الوصيةبكل حزم ،وتفعيل جميع المدكرات الوزارية الصادرة في الأمر. وبموازاة مع ذلك لابد من رفع جودة مخرجات التعليم والارتقاء بمهارات وقدرات منسوبي التعليم ،اضافة الى تنظيم دروس الدعم والتقوية داخل المدارس وعقاب المدرسين الذين يجبرون التلاميذ على تعاطي الدروس الخصوصية وتطوير طرق التدريس باستخدام التكنولوجيات اسلوبا للتعليم والتعلم مع تخفيض عدد التلاميذ داخل الفصول الدراسية.

باحث تربوي

الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

4 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
Omar
المعلق(ة)
24 ديسمبر 2022 14:18

كلنا مررنا بهذه التجربة كآباء و خبرنا مختلف اصناف الاساتذة من الشرفاء الى الشفارة فلا يحاول احدا اعطاءنا الدروس او تبرير ما هو غير قانوني و غير اخلاقي و لا تربوي بل يدخل في خانة الابتزاز و السرقة الموصوفة…و الوزارة مقصرة في محاربة هذه الظاهرة بل و تساهم في تفشيها بسكوتها …كما انه لا مجال لتبرير هذه الافعال المشينة بعدم صرف المستحقات التي هي حق مكتسب و هناك العديد من وسائل الضغط بعيدا عن التلميذ و عائلته….لا مبرر ابدا …الظاهرة تسبب مشاكل كبيرة للأولياء في اطار حالة من عدم تساوي الفرص بين التلاميذ و تبقى الأسبقية لمن يملك المال و للفقير الحكرة و التأسي ….

مواطن
المعلق(ة)
24 ديسمبر 2022 01:17

وتكلموا شويا على شجع مؤسسات التعليم الخاص، الذين لهم نفود كبير في المغرب ولا حسيب ولا رقيب

أستاذ
المعلق(ة)
23 ديسمبر 2022 20:52

جميل ما ذكرت أيها الباحث هناك الجشعون والانتهازيون في قطاع التعليم ككل القطاعات لكن لا يجب أن ننسى أو نتجاهل أن القطاع يتوفر على فئة كبيرة من الشرفاء لكن أيها البحث لم تُكلف نفسك عناء السؤال الجوهري التالي ماالذي يدفع الأساتذة إلى الدروس الخصوصية؟؟؟!!! في زمن الكل كل الفئات تبحث عن زيادة مدخوله وتسعى إلى ذلك بطرق سليمة أو ملتوية …في ظروف اجتماعية واقتصادية تتعسر مع مرور الزمن بفعل التضخم … دعني أذكرك أن راتب الأساتذة المغربي في السبعينات كان يحتل المرتبة الثالثة في رواتب موظفي القطاع العام بمن فيهم القواد والباشاوات….ليتقهقر إلى المرتبة 27 !!! من اامسؤول عن تفقيره الممنهج؟؟؟!!!ماذا تنتظر من أستاذ يتقاضى أقل من 5000 درهم لسنوات؟؟؟!!!من حق الأستاذ أن يعيش حياة كريمة يكفي أن ترقيته مجمدة منذ 3 سنوات بدون وجه حق

مواطن
المعلق(ة)
23 ديسمبر 2022 14:04

حتى تعطي الوزارة للأساتذة لفلوس اللي كيتسالوها ديك السعات منعو السوايع. من كورونا الحكومة ضاربة الطم على مستحقات الاساتذة ومابغيتوهومش إديرو السوايع؟ باش إفهم الجميع اللي ماشي ولد الضومين. اساتذة كيتسالو للوزارة فلوس الترقيات (بحال الى قلنا فاش كاطلع من ݣراض لݣراض كيزيوك شي بركة صغيرة). لحكومة كانت قالتلهوم فاش بدات كورونا مهم دابا لبلاد كتمر من أزمة صبرو شوية…الاساتذة قالو مافيها باس الوطن ديالنا هانية. ولكن من بعد غوفلو عليهوم وكيديوهوم بهاد الشهر، لاواه حتى لشهر لاخر..لاواه فوج بفوج…وهيا غاديا. دابا واصلا 3 سنوات!!! مساكن عندهوم غير فلوس المهرجنات والكورة والتذاكر لقطر…ولكن لفلوس اللي كيتسالوهوم الاساتذة الازمة على لبلاد! كيفاش مبغيتوش هاد الاستاذ إدير السويع وماعطيتوهش فلوسو اللي كيتسالكوم ومع هاد الزيادة الصااااروخية فالاسعار والمعيشة غلات؟ كيفاش القطاعات الاخرى الي كيتسال شي حاجة كتوصلو دغيا إلا الاساتذة؟ كانقول لهاد المسمى “باحث التربوي” سير الله إعطينا وجهك. كون كنت بلاصتك والله مانكتب بحال هاد المقال وفهاد الفترة. كون غير الاسااذة توصلو بالمستحقات ديالهوم، اييييه كتب معا راسك. ولكن نتى كتشوف الظروف كيدايرا وخارج بهاد المقال البئيس!!! أنا ضد من يبتز التلاميذ من أجل السوايع وكنحيي الاساتذة اللي كيخدمو بضمير وداكشي الي كيخدمو مع التلامذ فالقسم كيخدموه حتى فالسوايع ولكن نهار اعطيوهوم فلوسهوم ديك السعات نتحاسبو معاهوم. اما دابا سحقا لكم! وكبو الما على كرشكوم وخا تخرج الوزارة مليون مذكرة لمنع الساعات الإضافية. والله انتم مستفزين للغاية!

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

4
0
أضف تعليقكx
()
x