لماذا وإلى أين ؟

التقريرُ السياسي لـ”البيجيدي” يفضحُ “مُـــعاداته” للأمازيغية

كثير ما انتقد نشطاء الحركة الأمازيغية حزب العدالة والتنمية بخصوص مقاربة هذا الأخير لملف الأمازيغية؛ خاصة في الفترة الذي دبر فيها الشأن العام الوطني من خلال حكومتي بنكيران والعثماني. بل إن العديد من النشطاء الأمازيغ يصنفون حزب “المصباح” من “بين التيارات المعادية للأمازيغية”، نظرا لمواقفه قبل وأثناء وبعد اعتبار الأمازيغية لغة رسمية في المغرب.

صراع نشطاء الحركة الأمازيغية مع حزب العدالة والتنمية حول ملف الأمازيغية، انطلق منذ ترأس بنكيران الحكومة سنة 2011 الذي شهد دسترة الأمازيغية لغة رسمية في المغرب، وبلغ أشده خلال مرحلة ترأس السوسي؛ سعد الدين العثماني للحكومة، فحينها حمل الأمازيغ “البيجيدي” مسؤولية تعطيل خروج القانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية.

مسلسل الصراع بين النشطاء الأمازيغ والحزب “الإسلامي” استمر من خلال إعلان عدد من نشطاء الحركة الأمازيغية ولوج الساحة السياسية والإندماج داخل أحزاب سياسية، من قبيل التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية وأحزاب أخرى باستثناء “المصباح” و”الميزان” بحكم أنهما أحزاب “معادية للأمازيغية” وفق النشطاء الأمازيغ، ودعوا المغاربة إلى مقاطعة “البيجيدي” خلال انتخابات 08 شتنبر 2021.

وحاول العدالة والتنمية إسقاط الحرج عليه في مسألة الأمازيغية، فعمل على تأسيس رابطة مكونة من جمعيات تابعة له باسم “الرابطة المغربية للأمازيغية”، وهو ما رد عليه نشطاء حينها بأن “البيجيدي يسعى لخلق مجتمع مدني خاص به وتابع له”، مشددين على أن هدف هذا الإطار “تمييع الخطاب الأمازيغي الديمقراطي”.

“البيجيدي” بقي طيلة عشر سنوات من تدبيره للحكومة، في وضع المدافع عن نفسه مؤكدا على أنه ليس ضد الأمازيغية، إلا أن الحزب “الإسلامي” الذي عارض ترسيم الأمازيغية لم يقم بأي خطوات سياسية تبرهن على مصداقية الشعارات التي يرفعها، إلى أن سقط بشكل مُـــدوٍّ خلال الإستحقاقات الإنتخابية السابقة.

وعند عودته إلى صف المعارضة بعد عشر سنوات من ترأس الحكومة، حاول “البيجيدي” استخدام ملف الأمازيغية ضد الحكومة الحالية، حيث طالبها بعد ثلاثة أشهر من تنصيبها باعتماد رأس السنة الأمازيغية يوم عطلة رسمية مؤدى عنه، وهو المطلب ذاته الذي طالبت به المجموعة النيابية للعدالة والتنمية قبل بضعية أيام.

مطلب اعتماد رأس السنة الأمازيغية يوم عطلة رسمية مؤدى عنه الذي ترفعه المجموعة النيابية للعدالة والتنمية ضد الحكومة الحالية، عارضته لمدة عشر سنوات، وقاومت كل الأحزاب والجمعيات والمنظمات التي طالبت به طيلة سنوات، خاصة في فترة قيادة سعد الدين العثماني للحكومة.

مسلسل معارضة “البيجيدي” للأمازيغية تؤكده مواقف عدة منذ الخطاب الملكي التاريخي بأجدير يوم 17 أكتوبر 2001، ويحاول الحزب في كل مرة تبرير مواقفه. إلا أننا اليوم نقف على موقف جديد يؤكد ليس فقط معارضة العدالة والتنمية للأمازيغية بل “معاداتها” كما يقول نشطاء أمازيغ.

ففي التقرير السياسي الموجه إلى الدورة العادية للمجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية المنظم يومي 14 و15 يناير الجاري، تطرق الحزب إلى كل القضايا التي يراها مناسبة، باستثناء الأمازيغية، فبرغم أن مؤتمر حزب “المصباح” يتزامن مع احتفالات المغاربة بحلول رأس السنة الأمازيغية، إلا أنه “بلع لسانه” كأنها غير ذات قيمة.

التقرير السياسي للبيجيدي تحدث عن ذكرى 11 يناير 1944 ذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، لكنه صمت عن ذكرى 12 و13 يناير التي تتزامن مع حلول رأس السنة الأمازيغية. بل إن هذه السنة شهدت احتفالات داخل مقرات عدد من الأحزاب السياسية بهذه المناسبة، من قبيل حزب التقدم والإشتراكية وحزب التجمع الوطني للأحرار.

حزب “المصباح” خصص فقرة كاملة للغة العربية في تقريره السياسي، منبها إلى “خطورة تهميش اللغة العربية والإجهاز على عدد الساعات المخصصة لها في التعليم لصالح لغة أجنبية، ضدا على الدستور الذي يبوئ اللغة العربية المكانة اللائقة بها كلغة رسمية للدولة”، دون أن يطالب بنفس الشيء بالنسبة للأمازيغية.

وفي الشق المتعلق بالسياسة الحكومية في مجال الثقافة، تحدث تقرير حزب العدالة والتنمية على كل شيء، إلا الثقافة الأمازيغية التي أصبحت تعيش وضعا مقلقا وفق العديد من الهيئات المدنية المشتغلة في قطاع الثقافة.

“البيجيدي” أكد من خلال التقرير السياسي الموجه إلى مجلسه الوطني، ما كان يعيبه عليه الكثير من الفاعلين، وهو الإهتمام بقضايا المشارقة أكثر من قضايا المغاربة، حيث خصص فقرة طويلة للحديث عن القضية الفلسطينية ومسألة التطبيع التي وقع عليه سعد الدين العثماني، دون أن يقوم بنفس الأمر مع مسالة الأمازيغية التي تعتبر هوية وطنية.

يتأكد من خلال استقراء المعطيات أعلاه، أن حزب العدالة والتنمية ليس رافضا للأمازيغية ولمنحها المكانة التي تستحقها في السياسة الحكومية المغربية كما يدعيه البعض، بل إن مواقف “البيجيدي” تؤكد وتبين بشكل واضح أنه “يعادي” الأمازيغية بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

3 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
خالد أبو حامد الزنتي
المعلق(ة)
الرد على  ابو زيد
20 يناير 2023 01:33

البواجدة لاتهمهم لا الأمازيغية ولا العربية ولا القضايا الوطنية ككل..كل مايهمهم هم المناصب والإمتيازات باش إديروا تعدد الزوجات..والتمتع في ما يرضي الله.

محمد
المعلق(ة)
17 يناير 2023 08:22

البواجدة ليسوا اعداء الامازيغية فقط بل كل ما يخالف توجهاتهم ولكن الحمد لله قافلة الامازيغية تسير في الاتجاه الصحيح

ابو زيد
المعلق(ة)
16 يناير 2023 21:26

ان تحويل البوصلة اتجاه اخطاء و هفوات البواجدة ينم عن نية مبيتة لصرف الانظار عن القضايا الاهم التي تشغل او بالاحرى تحرق بال الشعب المغربي…
كما ان هناك نوع من الانجرار عن قصد او دونه لخلق تفرقة فشل فيه المستعمر لكن ابناء هذا الوطن يقومون اليوم باشعال فتيلها!!
انا كمواطن لا استشعر من مخالطة الناس ان الهاجس هو ما تحاولون تمريره على أنه مصيري!!
بينما هناك قضايا اهم عصية على الذكر رغم كثرة الابواق!!

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

3
0
أضف تعليقكx
()
x