2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

هددت جبهة البوليساريو عبر زعيمها الحالي، إبراهيم غالي باللجوء إلى “حرب العصابات” التي كانت تقوم بها ما بين 1986 إلى 1989 كردٍّ منها على استعمال المغرب للدرونات للدفاع عن حدوده.
وجاء تهديد الجبهة الإنفصالية على لسان زعيم الجبهة؛ إبراهيم غالي؛ الذي خرج ليتحدث ولأول مرة عن هذه الدرونات، تزامنا مع مؤتمر ”البوليساريو؛ الذي يعقد خلال الأسبوع الجاري؛ بمخميات تندوف شرق الجزائر، وهو ما يجعلنا نتساءل عمّا إن كان تصريح غالي خيارا واقعيا أم أنه مجرد جعجعة بلا طحين؟.
قرار العودة إلى حمل السلاح ليس بيد البوليساريو
وفي هذا السياق، يرى الخبير في العلاقات الدولية، أحمد نور الدين، أنه “يجب التنبيه إلى أن قرار العودة إلى حمل السلاح ليس بيد الجبهة الانفصالية، بل هو قرار بيد أسيادها جنرالات النفط والغاز الجزائريين، فهم من يتحكم في ميلشيات “البوليساريو”,
وأضاف نور الدين، في تصريحه لـ”آشكاين”، أن “النظام العسكري الجزائري يحرك “عَرائِس” الجبهة الانفصالية لتنفيذ اجندته العدوانية تجاه المملكة، ومن أجل إسكات المعارضة الداخلية وإلهاء الشعب الجزائري عن مطالبه الاجتماعية والسياسية، والهروب من مواجهة إفلاس الدولة الجزائرية وانهيارها الوشيك، كما يشهد بذلك كل المراقبين الموضوعيين وآخرهم السفير الفرنسي لدى الجزائر في المقال الذي نشرته “لوفيغارو” منذ بضعة أيام.”.
انقلب السحر على الساحر
وأردف المتحدث أنه “بالنظر من هذه الزاوية، يمكن القول إن الجبهة دخلت منذ مدة في شن أعمال عدائية ضد المغرب، وقد أدى العمى الاستراتيجي لدى جنرالات الجزائر إلى ارتكاب أخطاء سمحت للمملكة أن تقلب السحر على الساحر وتحول مفرقعات الجزائر والانفصاليين إلى انتصارات ساحقة، وهو ما حدث في الكركرات، حين تحول قطع الطريق بين المغرب وموريتانيا إلى فرصة لتطهير الحدود المغربية الموريتانية بشكل نهائي، وهو ما قضى على التكتيكات البليدة للقيادة الجزائرية التي كانت ترمي إلى محاصرة المغرب من الجنوب وعرقلة علاقاته الاستراتيجية مع إفريقيا جنوب الصحراء، من خلال عرقلة قوافل التجارة المغربية نحو موريتانيا وأفريقيا الغربية”.

“وبنفس الغباء”، يسترسل الخبير في العلاقات الدولية نفسه “تحاول اليوم الجزائر بأداتها الجبهة الانفصالية استفزاز المغرب عبر أعمال عدائية شرق الجدار الأمني ولكنها تبقى مجرد زوبعة في فنجان، بسبب وجود الجدار الأمني ومنظومته الدفاعية الإلكترونية، وبسبب التفوق الفضائي والجوي عبر الأقمار الاصطناعية والدرونات من الجيل الجديد بالإضافة إلى التفوق الاستخباراتي الذي أصبح واضحا للعيان”.
استفزازات متكررة
وشدد على أن “هذه الاستفزازات ستمنح المغرب، كما وقع في حادثة الكركرات، فرصة لبسط نفوذه على كل الشريط العازل، الذي يعتبر جزءً لا يتجزأ من التراب الوطني المغربي، وقد سبق للمغرب أن نبه الأمم المتحدة، إلى أنه أمام عجز المينورسو عن فرض وقف الأعمال العدائية، بل وعجزها حتى عن تأمين وصول الماء والوقود إلى اطقم الأمم المتحدة شرق الجدار، فإن المغرب لن يقف مكتوف الأيدي، وسينشر قواته المسلحة الملكية على الحدود الرسمية مع الجزائر، وبالتالي قطع الطريق عن وصول فلول وعصابات مليشيات “البوليساريو” بشكل نهائي نحو هذه المنطقة”.
ولفت الانتباه إلى أن “المنطقة العازلة تم إحداثها بقرار مغربي سيادي خالص بداية الثمانينيات من القرن العشرين، وذلك لملاحقة فلول الانفصاليين بعد تنفيذ هجماتهم الجبانة آنذاك، وحتى تتمكن القوات المسلحة الملكية من ضربهم فوق التراب المغربي قبل دخولهم إلى التراب الجزائري، لأن المغرب تفادى بكل الطرق الدخول في حرب شاملة ومباشرة مع جارة السوء الشرقية”، مبرزا أن “الملكيات تنظر بمنظار القرون وليس السنوات للعلاقات مع الجيران، وحكمة الملوك تزن بميزان الذهب قبل الإقدام على قرار الحرب التي إن حدثت فستخلف وراءها خرابا ودمارا”.
ومضى أحمد نور الدين بقوله، إنه “إن اضطر المغرب للحرب، فيجب أولا أن تكون “آخر الدواء الكي”، كما يقول المثل، ثانيا، إذا كان ولا بد من هذا الخيار، فيجب أن نستعد له من خلال تحديث قواتنا المسلحة الملكية، وبناء تحالفات إقليمية ودولية، وضمان عدة شروط داخلية وخارجية، وهو ما قام به المغرب في العشرية الاخيرة”.
وثالثا، يورد محدث “آشكاين” فإن “الحرب إذا تم اتخاذ قرارها، فيجب أن نختار متى وأين وكيف نخوضها، ولا يجب أن يجرنا العدو إلى مكان وتاريخ خوضها، وقد حاولت الجزائر مرارا جرنا إليها في السنوات الأخيرة، من خلال تناسل حوادث الاعتداء في الصحراء كحادثة الشاحنتين الجزائريتين اللتين اخترقتا الحدود في المنطقة العازلة، أو اعتداءات أخرى على طول الحدود خارج منطقة الصحراء، ومنها اقتحام واحة العرجا شمال مدينة فكيك سنة 2021 وطرد المزارعين المغاربة منها، وغيرها من العمليات الاستفزازية”.
وأشار إلى أن “آخر هذه الاستفزازات مقتل بعض الرعاة بإقليم فكيك أيضا، بالإضافة إلى اتهامات مضحكة بإشعال النيران في غابات تيزيوزو، بالإضافة أيضا إلى المناورات العسكرية المتكررة بالذخيرة الحية على التماس مباشرة مع المغرب، دون أن ننسى التصريحات الخطيرة للرئيس الجزائري المعين تبون، تصريحات لمجلة فرنسية قال فيها أن الجزائر كانت في غشت 2021 أمام خيار الحرب مع المغرب أو قطع العلاقات، وهذا اعتراف صريح يؤكد الحشود العسكرية الجزائرية على الحدود مع المغرب ويؤكد ما أوردته مراكز دراسات ومراصد دولية امريكية واوربية”.
المغرب حسم الحل العسكري لصالحه منذ 1987
واعتبر المحلل السياسي نفسه أن “هذه هي الزاوية الموسعة التي نقرأ فيها تصريحات “كراكيز” قيادة الجبهة الانفصالية، أما ميدانيا في الصحراء، فقد حسم المغرب الحلّ العسكري لصالحه منذ 1987 تاريخ الانتهاء من بناء الجدار الأمني السادس، وهذا ما سرّع من تآكل الجبهة الانفصالية من الداخل، من خلال انتفاضة 1988، والتي ستكون سبباً في عودة حوالي ثلث ساكنة مخيمات تندوف إلى وطنهم مُعززين مكرمين ومنهم أعضاء مؤسسون للجبهة مثل السيد عمر الحضرمي وإبراهيم حكيم، وقيادات عسكرية مثل الحبيب أيوب رحمه الله وعشرات من القياديين في مختلف هياكل الجبهة”.
وأضاف أن ” مسلسل الانهيار الداخلي للجبهة قد تسارع من خلال ظهور تيارات جديدة مثل “تيار صحراويون من أجل السلام” و”تيار خط الشهيد” و”تيار 5 مارس” والعديد من المجموعات المنشقة أو التي أعلنت اعتزالها للجبهة في المخيمات والشتات”.
وخلص إلى أنه “أمام صمود الشعب المغربي طيلة نصف قرن، وأمام الدعم العربي والإفريقي والدولي للمغرب، وبعد الاعتراف الأمريكي والمراجعة التاريخية للموقف الإسباني والتغيرات الجيوسياسية والانهيار الداخلي للمشروع الانفصالي، لم يبق أمام ابن بطوش ومن معه من بقايا الحرس القديم إلا التلويح بالعودة إلى السلاح، وهم يعلمون يقينا أن التاريخ لا يعود إلى الوراء فقد “فاتهم الغرس في مارس” كما يقول المثل الشعبي، وهم يعلمون أن النظام العسكري الجزائري على شفا حفرة من النار، فهو إذن خيار انتحاري لا أقل ولا أكثر”.