2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

قال الناشط الحقوقي أحمد عصيد، إن “ما عبر عنه بعض المتطرفين السلفيين في موضوع شهادة المرأة؛ حيث اعتبروا أن القانون الذي أقرته الدولة ووافق عليه المجلس العلمي الأعلى هو ‘قانون جاهلي’ معتبرين أن الدولة بذلك تحارب الدين، هي دعوة صريحة إلى الفتنة”.
واعتبر عصيد في تعليق على تصريح لحسن الكتاني، في الموضوع، أن التصريحات المشار إليها،” تذكرنا بتصريح أحد الدعاة خلال الحجر الصحي بأن المغرب صار بمثابة “دار حرب” لأنه أغلق المساجد لحماية المواطنين”، مشيرا إلى أن “هذا النوع من المواقف التي يطبعها الغلو وانعدام الروح الوطنية والبعد عن الواقع واحتقار كرامة الإنسان، يعكس نظرة سطحية إلى الدين نفسه حيث يركز على قشور النص وينسى غاياته السامية”.
الكتاني وفي تعليق على ذات القانون كان قد اعتبر أنه ” بمثابة قوانين الجاهلية”، مبرز في تدوينات على صفحته الفيسبوكية، أن “ما يحدث الآن من تغول القوانين الجاهلية على الشريعة الإسلامية هو من الثمار الفجة لتعطيل شرع الله تعالى وعلمنة الحياة”.
وشدد المتحدث على أن “القادم أدهى وأمر إن بقينا صامتين نتنازع فيما بيننا والقوم يربطون الليل بالنهار ليغيروا لك ملتك كلها”، وأن “الطامة الكبرى والمصيبة العظمى والداهية الدهياء أن كثيرا من علماء ومفكري (الحركة الإسلامية) وافقوا وأيدوا قرار جعل المرأة شاهدة عدل و ردوا على من أنكر ذلك، وبالمناسبة فلم ينكر ذلك علانية إلا ثلاثة أو اثنان”.
عصيد الذي كان يتحدث لـ”آشكاين”، يرى أن “ما نصت عليه الآية القرآنية التي تجعل شهادة المرأة في الأموال هي نصف شهادة الرجل فسرها الفقهاء بالإجماع بأن المقصود بها أن المرأة في تلك المرحلة من التاريخ لم يكن لها اشتغال بالأموال ولا معرفة بمشاكل البيوع والشراء التي كان يتولاها الرجال، ولهذا اعتبروا أن الحكمة من الآية هي أن المرأة لا خبرة لها في هذا المجال أي الأموال والتجارة مما يستوجب أن تكون معها امرأة أخرى لتذكرها إن نسيت، معتبرين أن نسيان المرأة سببه عدم تعودها على الاشتغال في أمور التجارة والمال والأسواق التي كانت حكرا على الرجال”.
“وما يقوله متطرفو السلفية فيه تحايل ظاهر واستخفاف بعقول الناس”، يقول المتحدث نفسه، ويضيف ” لأنهم يصورون الأمر على أنه قرار إلهي ليس له سياق ولا شروط ولا ظروف بل هو قرار أبدي، بينما قرار الدولة اليوم – والذي جاء متأخرا جدا – إنما ينبع من الواقع الذي يؤكد على أن المرأة اليوم تشتغل في مجال الأموال والبنوك والتجارة والتوثيق مثل الرجل تماما، ولم يعد يمكن إسقاط الواقع القديم عليها، لأن التبرير الذي قدمه المفسرون للآية القرآنية لم يعد قائما مطلقا ولا علاقة له بالواقع اليومي المعيش الذي يعرفه جميع المغاربة”.
ويقول عصيد “فإذا أراد المتطرفون والغلاة أن يطبقوا الآية القرآنية حرفيا بحذافيرها فعليهم طرد المرأة من مجال الأموال والعقار والملكية، وعليهم عزل جميع النساء اللواتي يشتغلن موثقات notaires وكذا موظفات البنوك ووزارة المالية والضرائب ويعيدوهن إلى البيوت، وعندئذ يمكن للدولة أن تعود إلى سابق عهدها من اعتبار شهادة المرأة نصف شهادة الرجل”.
ويتابع “فموقف المتطرفين السلفيين منافٍ للعقل والمنطق والواقع، كما أنه احتقار للمرأة التي أثبتت كفاءتها في كل المجالات”. معتبرا أن “المعضلة مع هؤلاء أنهم يعتقدون بأن نصوص الدين فوق التاريخ وفوق الواقع وفوق الكرامة الإنسانية، وهذا غير صحيح لأن التاريخ هو الذي يشرح لنا الظروف التي جاءت بالنصوص، والتي إذا تغيرت وانقلبت لم يبق هناك مبرر لتطبيق النصوص بل لابد من الاجتهاد في إطار المقاصد الفضلى للدين، فمن يستطيع اليوم أن يعيد النصوص المتعلقة بالعبودية وملك اليمين والتي هي صريحة وواضحة ؟ لا أحد طبعا لأن الظروف تغيرت والعبودية كنظام انتهت وصارت من الماضي الأسود للبشرية”.
ويشدد المتحدث نفسه على أن “ما فعلته الحكومة المغربية ليس كفرا بالدين ولا جاهلية كما يقول هؤلاء الجهال، بل هو فقط إقرار للمساواة بحكم الوضعية الجديدة للمرأة في المجتمع وطبقا لما ينص عليه الفصل 19 من الدستور المغربي”، ولعل هذا النقاش، بحسبه ” يكشف عن معضلة السلفية والإسلام السياسي عموما وأزمة الفكر الفقهي الذي ما زال يرزح تحت ثقل القرون الماضية التي طبعها التقليد والاجترار، بسبب قواعد فقهية جنت على الإسلام والمسلمين وجعلت النص أسبق من الواقع ومن الإنسان ومن المصلحة”.
ومن هذه القواعد، يقول عصيد “لا اجتهاد مع وجود نص، وكذلك قاعدة: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، والتي كانت نتائجها كارثية، وهي تخلف المجتمعات الإسلامية لقرون طويلة”، حسب تعبيره.
كلاهما وجهان لعملة واحدة و هي التطرف تارة يمينا و أخرى يسارا و بالتالي فقولهما مردود عليهما ….ليتجادلا في معركة ديكة هدفهما انتصار واحد على الآخر و الغايات علمها عند الله