لماذا وإلى أين ؟

المُطالبة بمنع دخول الدبلوماسيين المغاربة للبرلمان الأوروبي مُـناورة لإثارة البلبلة والفتنة مع شريك أساسي كالمغرب (خبيران)

طالب نحو 30 برلمانيا أوروبيا في مراسلة إلى رئيسة البرلمان الأوروبي، روبرتا ميتسولا، بنهج نفس القرار الذي تم اتخاذه في حق دولة قطر على خلفية ما يعرف بـ “قطر غيت”، على المغرب.

ودعا البرلمانيون الموقعون على المراسلة التي حصلت عليها “آشكاين”، إلى منع كل من يمثل مصالح المغرب من برلمانيين ودبلوماسيين ومن له صلة بالمصالح المغربية من دخول البرلمان الأوروبي، على غرار ما وقع مع قطر، التي اتُهمت بتقديم أموال لمسؤولين في البرلمان الأوروبي بهدف التأثير على القرار الأوروبي.

وقال البرلمانيون إن “هناك دلائل على كون المغرب كان سيتصرف بنفس الطريقة للتدخل في العملية الديمقراطية للبرلمان الأوروبي”، متهمين المملكة بـ “التورط في شبكة تم تنظيمها منذ سنوات للتأثير على القرارات الأوروبية من خلال تقديم رشاوي”، بحسبهم.

الفاتحي: مناورة الغاية منها تكثيف الضغط على المغرب

وفي هذا الصدد، اعتبر المحلل السياسي المتخصص في العلاقات الدولية، عبد الفتاح الفاتحي، أنه “لا يمكن فصل هذه المناورة عن مناورة الدفع بالبرلمان الأوروبي لاستصدار قرار إدانة لانتهاكات تتعلق بحقوق الإنسان وحرية الصحافة بالمغرب”.

وأضاف الفاتحي في تصريح لـ “آشكاين” أن هذا التركيز على المغرب من قبل عدد من النواب الأوروبيين، إنما الغاية منه تكثيف عمليات ابتزاز المغرب؛ عن طريق استصدار قرارات تتعلق بالفساد وحقوق الإنسان والصحافة.

ولتكون هذه القضايا، يردف المتحدث، وقودا لحملات إعلامية سياسية بغيضة تخدم أجندة سياسة، رهاناتها تكثيف الضغط على المغرب من خلال التحكم في شراكاته و تحجيم تمدده السياسي والاقتصادي في إفريقيا.

وعليه، فإن ورقة “المغرب غيت” جاءت لإلقاء مزيد من الزيت على الأزمة التي خلقها قرار البرلمان الأوربي مع المغرب شريك الوضع المتقدم والذي وصفته كل التقييمات بأنه يبقى شريكا استراتيجيا موثوقا في شراكته، بحسب المحلل السياسي.

وتابع “و حيث أن المملكة ظلت تشدد على ضرورة تعزيز دور اللجنة البرلمانية المشتركة، لتجنب تدخل الأطراف ذات النوايا السيئة في الأمور المتعلقة بالعلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي. فإنها لا يمكنها أن تدافع عن مصالحها بطرق مشبوهة.”

وشدد الخبير في العلاقات الدولية على أن “الواقع يبين أن المملكة المغربية كانت تدعو دوما إلى تعاون برلماني شفاف ونزيه، وذلك باستعجال انعقاد اللجنة البرلمانية المشتركة، إلا أن الجانب الأوروبي كان يتلكأ في عقدها. وإن كانت هي اليوم جاهزة لمعاجلة جميع القضايا المتعلقة بالمغرب وشراكته مع الاتحاد الأوروبي”.

وأكد المتحدث أن “مساعي توريط المغرب في قضية الفساد التي تحقق فيها السلطات البلجيكية، لا تخرج عن سياق الإبتزاز لتحويل مؤسسة البرلمان الأوربي لاستصدار مثل هذا القرار الذي سيهد المكتسبات المحققة من شراكة المغرب والاتحاد الأوربي”.

لعروسي: البرلمان الأوروبي لا صلاحية له لمنع ولوج ممثلي الدبلوماسية المغربية مقر المؤسسة

ومن جهته، أورد عصام لعروسي أستاذ العلاقات الدولية وخبير في تسوية النزاعات، أن “قرار أو توصية البرلمان الأوروبي الأخيرة المتعلقة بإدانة الملف الحقوقي بالمغرب وأيضا ما يزعم بعض النواب بوجود قضية رشاوى من قبل بعض الدبلوماسيين المغاربة، على غرار ما يسمى قضية “قطر غيت” نستوعب منها عدة نقاط أساسية “.

ومن بين هذه النقاط، يبرز لعروسي، في تصريح لـ “آشكاين”، “أولا من يقف وراء تحريك هذه الملفات في هذا التوقيت بالذات، خاصة أنه ليس هناك احتكاك واضح بين الدول الأعضاء والاتحاد الأوروبي، وهناك شيء أساسي أن هذه المعارك يدور رحاها داخل البرلمان الأوروبي وهو أعلى هيئة تشريعية أوروبية، إذن حتى بلغة القانون الدبلوماسي ولغة العلاقات الدبلوماسية وحتى بلغة المؤسسات والهياكل المتحكمة في قرار الاتحاد الأوروبي، فإن البرلمان الأوروبي ليس بالجهة المختصة لمتابعة مثل هذه القضايا”.

وإلا فإن ما يقع الأن، يشدد لعروسي، هو إثارة البلبلة والفتنة في علاقة مع شريك أساسي كالمغرب، فكيف يمكن تفسير أن الاتحاد الأوروبي يصرح بأن المغرب “شريك أساسي وموثوق فيه مع الاتحاد الأوروبي” وفي نفس الوقت نجد البرلمان الأوروبي يحاول إظهار العكس بادعاء وجود قضايا رشاوى من طرف المغرب.

والنقطة الثانية، يردف أستاذ العلاقات الدولية، وهي موضوع أو فكرة الانتقائية، إذ لماذا البرلمان الأوروبي يثير هذه القضية مع المغرب في حين أن هناك دول أخرى موضوع الحريات العامة بها سجلها أسوء بكثير من المملكة المغربية، خصوصا وأن الأخيرة يبذل قصارى جهده لتحقيق مضمون العدالة الانتقالية وقطع العديد من الأشواط للتوقيع على عدة اتفاقيات دولية في حقوق المرأة والطفل..

وأكد أن كل الاتفاقيات المبرمة من طرف المغرب تعبر عن إرادة حقيقية صوب التقدم، وأكيد هناك أخطاء وبعض التجاوزات، لكن لا أعتقد أن البرلمان الأوروبي هو بريء بشكل أو بآخر، لدرجة أن يقوم السياسة المغربية وينتقدها”.

أما النقطة الثالثة فتتعلق، وفق لعروسي، بالتدخل في شؤون بلد جار وشريك، ما يشكل اختراقا لسيادة دولة كالمغرب، لأن السلطة التشريعية كالبرلمان ليس له الصلاحية لسن عقوبات كمنع ممثلين عن المغرب لولوج المؤسسة، وليست هناك توصيات ملزمة في هذا الباب، وتظل فقط زوبعة إعلامية.

وسجل المتحدث أن العنصر الرابع يتعلق بـ “من يقف حقيقة وراء هذه المواقف، إذ نجد أغلب نواب فرنسا يصطفون ضد المغرب في هذه التوصيات، ونجد أن هناك رغبة في محاباة فرنسا للجزائر، وأن الأمر يجري تزامنا مع زيارة السعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الجزائري بباريس، وهنا وجب ربط الأحداث، والتي يمكن قراءتها في كون أن أوروبا تلهث وراء الغاز الجزائري لتعويض الغاز الروسي بسبب إطالة أمد الحرب الروسية الأوكرانية”.

وخلص لعروسي، إلى أن فرنسا من خلال هذه الحملة وإثارة مثل هذه المواضيع داخل البرلمان الأوروبي تفقد أوراقا جديدة، في ظل كون المغرب مستمرا في سياسته، رغم أن هناك بعض الأخطاء في المسار القضائي أو التسويات القضائية على المستوى الداخلي، فله من آليات المراقبة والجمعيات الأساسية من داخل البلد بإمكانها الوقوف لتصحيح المسارات ولسنا بحاجة لدروس من البرلمان الأوروبي”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x