لماذا وإلى أين ؟

هل يُـؤشر استدعاء الجـزائر لسفيرها بباريس على أزمةٍ جــديدة بين البلدين؟

أمر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أول أمس الأربعاء باستدعاء سفير بلاده لدى فرنسا “للتشاور”، على خلفية قضية الناشطة و الصحافية أميرة بوراوي التي غادرت تونس إلى فرنسا مساء الإثنين الماضي.

وأعربت الجزائر في “مذكرة رسمية” وجهتها إلى باريس عن “احتجاجها بشدة على ما اعتبرته “عملية الإجلاء السرية وغير القانونية” لبوراوي المطلوبة لدى القضاء الجزائري.

وفي هذا الصدد، أورد المحلل السياسي و الباحث الأكاديمي، محمد شقير أن مسألة استقدام الجزائر لسفيرها بباريس رد فعل مرتبط بعقلية سياسية ملتصقة بالنظام الجزائري، وهو إجراء من أساسيات التعامل مع الدول خاصة مع فرنسا، التي تتعامل معها فرنسا بكثير من الحساسية.

وأوضح شقير في تصريح لـ “آشكاين” أن تسهيل السفارة الفرنسية رجوع الناشطة التي تتوفر على الجنسية الجزائرية و الفرنسية معا، اعتبرته الجزائر استفزازا و تطاولا عليها، الأمر الذي دفعها إلى الرد بشكل عاطفي أكثر مما هو سياسي.

و عمّا إذا كان الأمر قابلا للتحول إلى أزمة دبلوماسية بين البلدين خصوصا بعد التقارب الأخير بينهما، يرى المحلل السياسي أن الواقعة لن تؤثر على التقارب بين الطرفين نظرا لوجود مصالح مشتركة تهم بالأساس احتواء المغرب والضغط عليه.

وبالتالي، يردف شقير، فإن الظرفية والسياق العام لن يسمحا للبلدين  بدخول أزمة دبلوماسية، و سيتم تجاوز الأمر و المواصلة على إنجاح المحور الجزائري الفرنسي مقابل المحور المغربي الإسباني، مؤكدا على أن الجزائر بردها ذاك تبتغي فقط إرسال إشارة لفرنسا مفادها عدم تجاوز بعض الحدود.

ومن جانبه، أورد عبد الفتاح الفاتحي، المحلل السياسي والمتخصص في العلاقات الدولية أن “الدبلوماسية الفرنسية وجهت صفعة مؤلمة للجزائر ولحليفها قيس سعيد رئيس الجمهورية التونسية غداة تدخلها لترحيل الناشطة السياسية أميرة بوراوي، ما يخيب آمال الجزائر التي كانت تعتقد أنها أخضعت فرنسا لإرادتها بعد قيام ماكرون بزيارة رسمية لبلادها، وبعد التوقيع على عدة اتفاقيات من أهمها اتفاقية الطاقة”.

وسجل الفاتحي في تصريح لـ “آشكاين” أن “النخبة الجزائرية الحاكمة تعتقد أنها كسبت معركة على حساب العلاقات المغربية الفرنسية، غير أن ترحيل الناشطة بوراوي جعل الجزائريين يشعرون بالخذلان، وعاجزين عن فهم السلوك الفرنسي الذي أهانهم.”

وأضاف المتحدث “وستكون الصدمة شديدة تجاه ما تعتبره الجزائر انتهاكا فرنسيا لسيادتها الوطنية، وقد كانت بالأمس تعيش جنون العظمة بالورقة النفطية، والتي مكنتها من التوقيع على اتفاقيات قوية مع فرنسا”، مردفا بالقول: “ويرتفع حجم الإهانة التي تستشعرها الدبلوماسية الجزائرية كون السلوك الفرنسي يحصل قيبل أسابيع من زيارة الدولة التي من المنتظر أن يقوم بها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، إلى فرنسا”.

وشدد الفاتحي على أن الأمر يعني “تراجعا فرنسيا عن هذه الزيارة التي كان من الممكن أن تعترض عليها أصوات حقوقية برلمانية نظرا لارتكاب القيادة الجزائرية الحالية لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ومن أبرزها زج نشطاء الحراك والصحفيون في غياهب السجون، والأكيد أن النظام العسكري الجزائري سيضطر للتصرف عكس ما كانت تطبل له أبواقه”.

وكانت السلطات التونسية قد أوقفت الناشطة بوراوي، الجمعة الماضية، عندما كانت تحاول ركوب طائرة متوجهة إلى فرنسا، وأفرج عنها قاض الإثنين قبل أن تحصل على حماية من القنصلية الفرنسية في تونس.

و بعد تدهور مفاجئ في العلاقات في خريف 2021، عملت باريس و الجزائر على تحسين علاقاتهما خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في غشت الماضي للجزائر حيث وقّع مع نظيره عبد المجيد تبون إعلانا مشتركا لدفع التعاون الثنائي.

وفي أكتوبر، توجهت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن برفقة 15 وزيرا إلى الجزائر لترسيخ المصالحة بين البلدين وتوقيع اتفاقيات في مجالات الصناعة والشركات الناشئة والسياحة والثقافة.

وعزت مقالة تحليلية، نشرتها مجلة “ذي إيكونوميست” البريطانية، التقارب السياسي والإقتصادي المفاجئ بين فرنسا والجـزائر إلى أزمة الغاز الطبيعي بالقارة الأوروبية، مؤكدة أن “تداعيات الحرب الأوكرانية-الروسية هي التي دفعت باريس إلى تغيير موقفها من المغرب”.

وأوضحت المقالة أن “العلاقات بين الجزائر و فرنسا كانت متوترة للغاية قبل سنة و نصف بسبب تصريحات الرئيس إيمانويل ماكرون بخصوص الذاكرة الجماعية للجزائريين”، مشيرة إلى “تقليص التأشيرات الفرنسية الممنوحة لمواطني البلد على غرار بلدان المنطقة المغاربية”.

ولفت المصدر إلى أن “الجزائر استدعت بعنف السفير الفرنسي للإحتجاج على تصريحات الرئيس الفرنسي، ومنعت القوات الجوية الفرنسية من المجال الجوي الوطني، لكن بعد ذلك تغير موقف باريس بشكل مفاجئ من جنرالات قصر المرادية”.

 

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
Abdou
المعلق(ة)
10 فبراير 2023 13:51

مسرحية هزيلة من إنتاج فرنسا وابنتها الجزائر، سيعود السفير الجزاذري لما يتوصل بالأوامر من الخارجية الفرنسية

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x