لماذا وإلى أين ؟

موازين 2018..فساد مالي وعزوف جماهيري

انتهى مهرجان موازين في نسخته السابعة عشرة، غير أن تداعياته لم تنته بعد، خاصة وأنه عاش على وقع حملة مقاطعة غير مسبوقة أدت إلى عزوف جماهيري منقطع النظير، الشيء الذي أدى إلى إحباط وسط إدارة هذا المهرجان المنظم من طرف جمعية مغرب الثقافات.

زلزال المقاطعة

وفي سياق الحديث عن قضية المقاطعة، لابد من التذكير بأن مسؤولي موازين عاشوا أسوأ أيامهم، على مدى أزيد من أسبوع، حيث صُدموا بالإقبال الجماهيري الضئيل جدا، بخلاف ما تم تسجيله في نسخ ماضية لذات المهرجان، الذي لم تشفع له الأسماء الفنية الوازنة التي أحيت سهراته.

وكما لاحظ الجميع فإن المقاطعة، زلزلت إدارة مهرجان موازين، بعد أن أجمعت شريحة واسعة من المغاربة على أن الطريقة التي يتم بها تسيير هذا الحدث الفني تفتقد للشفافية خاصة من الناحية المادية، إذ يسود تكتم كبير حول الملايير التي يتم إنفاقها خلال مدة زمنية قصيرة دون أهداف ملموسة قد تنعكس مثلا على الاقتصاد الوطني، أو من شأنها على الأقل الرفع من الذوق والإشعاع الثقافي والفني لدى المغاربة.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن الوعي المجتمعي لدى المغاربة، أدى في آخر المطاف، إلى التأكيد على أنه لا حل لايقاف هذا “النزيف” سوى مقاطعته، مادامت إدارة المهرجان تراهن فقط على الحضور الجماهيري الذي هو رأس مالها من أجل التسويق لـ”نجاح” المهرجان، وفعلا، فقد نجحت المقاطعة، وفقا لما تابعته العديد من وسائل الإعلام، وبحسب ما تم تداوله من فيديوهات وصور تُظهر أن فضاءات المتفرجين شبه خالية في أغلب السهرات، إلا من رجال الأمن الذين أبلوا البلاء الحسن، حيث لم تُسجل انفلاتاتا أمنية جانبية أو أحداث سرقة أو شغب، وهذا طبعا، أمر يُحسب للجهات الأمنية الوصية وليس لجمعية مغرب الثقافات.

بلاغ “مشكوك فيه”

إن من يطلع على البلاغ النهائي الذي أصدرته إدارة موازين، قد يًصاب بصدمة، خاصة وأنها أشارت إلى أن الإقبال الجماهيري خلال نسخة 2018 وصل إلى ما يعادل 2.6 مليون متفرج، وهي أرقام شكك الكثيرون في مصداقيتها لأن الواقع يقول العكس تماما، إذ أكدت مصادر مطلعة لـ”آشكاين” في وقت سابق على أن بعض السهرات لم تستقطب سوى 80 إلى 100 شخص، وهنا يُطرح السؤال العريض، “لِمن يغني هؤلاء؟ هل للحواجز الحديدية المقابِلة للمنصات أم لرجال الأمن؟ ولماذا تُصرف تلك الملايير من أجل عشرات أو حتى مئات الأشخاص؟

وإذا كانت منصة السويسي، قد حققت الاستثناء باستقطابها لعدد متوسط عموما من المتفرجين بسبب الوجوه الفنية العالمية التي أحيت سهرات على خشبتها، فإن باقي المنصات سجلت شبه عزوف يومي، ليطرح سؤال ثانٍ مرة أخرى، “ما الحاجة إلى كل تلك المنصات مادامت واحدة فقط تفي بالغرض؟”. وخلاصة القول، فإن حملة المقاطعة قد كانت “نجم موازين” بدون منازع هذه السنة.

فضيحة موازين وأصالة

وعلاوة على كل ذلك، فقد عاشت إدارة موازين أحلك لحظاتها، بعد أن خرجت الفنانة السورية أصالة نصري، بتصريحات مثيرة وغير مسبوقة، أكدت من خلالها “أنها تعرضت للابتزاز المالي من طرف أحد مسؤولي المهرجان مقابل تمكينها من الصعود على منصة موازين للقاء جمهورها المغربي”، وهو ما فجر فضيحة مدوية في وجه “مغرب الثقافات”، التي لجمت فمها عن الحديث حول الموضوع، ولم تكلف نفسها عناء الدفاع “عن نزاهتها وشرفها”، والإتيان بما يُبطل أقاويل أصالة نصري.

تصريحات أصالة نصري هاته، كانت بمثابة الشجرة التي تُخفي الغابة، إذ كشفت للعالم بأن هناك شيء ما ليس على ما يرام وبأن مسألة التدبير المالي للمهرجان لا يسير على نحو موفق، فإذا كانت هذه الإدارة قد أعفت مسؤولا بارزا بسبب قضية تصريحات أصالة، فهذا لا يُعد كافيا بالمرة، لأنه وجب عليها الكشف وبكل شفافية عن الملايير التي تُنفقها وكذا تمكين المواطن من الوصول للمعلومات، حول المبالغ المالية الكبيرة المبالغ فيها التي تُمنح للفنانين من أجل الغناء، وحول الشركات المجهولة الهوية التي تتعامل معها الإدارة بشكل حصري والتي تحتكر كل الصفقات وتستنزف ملايير المهرجان بدون حسيب أو رقيب، كما وجب التحقيق بشكل مدقق في ميزانية جمعية “مغرب الثقافات” من طرف المجلس الأعلى للحسابات وكشف نتائج هذا التحقيق حتى يطمئن قلب المواطن المغربي.

موازين غير مُنزه

وفي هذا الصدد، وجب الرجوع إلى البلاغ الختامي لادارة موازين، التي أكدت من خلاله على “أنه مهرجان مستقل تماما من الناحية المالية، حيث يعتمد على الإيرادات من مبيعات التذاكر ورعاية الشركات الخاصة، مستبعدا بذلك أي دعم عام”، هذا المعطى بالذات لا يجب أن يمر مرور الكرام، فالإستقلال المادي لا يشفع للجمعية، ولا يُخرجها من دائرة الاتهام، كما لا يجعلها منزهة فوق أي تحقيق تماشيا مع قانون الجمعيات والدستور المغربي، الذي يؤكد في الفقرة الثانية من الفصل الأول على مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.

وإذا لم تتوضح كل هذه الأمور للمغاربة، فمن المؤكد أن المقاطعة ستعود لتقول كلمتها خلال نسخة سنة 2019، لكن بشكل أقوى مما قد يُهدد استمرار مهرجان موازين لسنوات أخرى، لأن الوعي المجتمعي في تطور مستمر ولم يعد يقبل أن يستهان به.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

4 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
علال
المعلق(ة)
12 يوليو 2018 19:39

دبا هذ موازين بشحال و كان؟

Laarabi
المعلق(ة)
11 يوليو 2018 16:09

C’est très clair pour Ahizoune et sa bande de voleurs…il croit que sa stratégie corrompue à Maroc Télécom sera applicable à Mawazine et voilà le résultat…la catastrophe

مغربي
المعلق(ة)
8 يوليو 2018 00:40

اقسم بالله المسؤولين على موازين اكان مشفوش ربح من المهرجان والله لا دروه

حميد شهيد السلام
المعلق(ة)
7 يوليو 2018 05:19

لقد كانت المقاطعة هي نجم مهرجان موازين وكان اها وزنها

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

4
0
أضف تعليقكx
()
x