لماذا وإلى أين ؟

عيناني: قيس سعيد أجج حملة العنصرية ضد المهاجرين بالمغرب (حوار)

وسيم الفائق/ صحفي متدرب 

شن نشطاء مغاربة، حملة على وسائل التواصل الاجتماعي، ضد المهاجرين القادمين من جنوب الصحراء. وأثارت مجموعة فيسبوكية تحت اسم “مغاربة ضد توطين أفارقة جنوب الصحراء” جدلا واسعا، بعدما انظم إلى المجموعة أزيد من 19 ألف شخص في وقت قصير؛ مطالبين بترحيلهم إلى أوطانهم وعدم توطينهم كي لا “ينتشرون داخل النسيج المجتمعي”، مما من شأنه “طمس الهوية المغربية”، حسب تعبيرهم.

كما طالبوا بعدم زواج المغربيات من المهاجرين “السود” في المغرب، حتى لا يتم “تزنيج المغاربة”، وكي لا ينقرض “النسل المغربي” خلال السنوات القادمة، داعين المغاربة إلى عدم التعامل والاختلاط معهم، إذ يعتبرون أن هناك مخططا يسعى إلى “طرد العرب والأمازيغ من غير أصحاب البشرة السوداء من دول شمال إفريقيا”.

في ذات السياق، حاورت جريدة “آشكاين”، خلال فقرة ”ضيف السبت” لهذا الأسبوع، خديجة عيناني، نائبة رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، من أجل الوقوف على تفاصيل الحملة، والأسباب التي ساهمت في ظهورها بهذا الشكل غير المسبوق.

وفي ما يلي نص الحوار:

1- بداية كيف تنظرون إلى هاته الحملة التي تدعو إلى ترحيل المهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء، وترفض زواج المغربيات منهم، بدعوى الحفاظ على “الهوية المغربية”؟

أعتقد أن هاته الحملة محدودة، ليست حملة مجتمعية يتبناها المجتمع ككل، ولا يمكننا إلا أن نصفها بالعنصرية، إنها موازية لحملة على المستوى العالمي ضد المهاجرين في أوروبا وأمريكا، للأسف أصبحنا نجد مواقف اليمين المتطرف في أوروبا المعارضة للمهاجرين حاضرة حتى في البلدان المصدرة لهم، كما يلاحظ أنها موجهة بالأساس إلى أصحاب البشرة السوداء، رغم أنهم يشكلون أقلية داخل المغرب مقارنة مع المهاجرين من جنسيات أخرى (سوريين، يمنيين، عراقيين، فلسطينيين…)، بل إن هناك مهاجرون غير نظاميين من أوروبا وأمريكا، لكن لا يسلط الضوء عليهم، بالتالي يظهر جليا أنها تحمل بعدا عنصريا، من خلال التمييز بناء على لون البشرة، وهذا الأمر يمكن أن نستشفه أيضا من تعامل السلطات مع هاته الفئة من اللاجئين، فقبل أن يكون هذا التحول الرافض لهم داخل فئات المجتمع، كانت السلطات تميز بين المهاجرين، ودائما ما كان المهاجرون من بلدان جنوب الصحراء هم الأكثر هشاشة بحكم واقع التمييز الذي يعيشونه، بالتالي وجب على السلطات المعنية أن تقوم بدورها، كما ينص على ذلك الدستور المغربي المناهض للكراهية والتمييز، وأن تضع حدا لمثل هاته الحملات التي تُجيش جو الكراهية، وتتعارض مع قيم التعايش .

2- خلال السنوات الأخيرة كان المهاجرون من دول أفريقيا جنوب الصحراء بعطف المغاربة. ما الذي تغير ليدفع هذه الشريحة إلى ترويج خطاب رافض لهم؟

أعتقد أيضا أن هاته الحملات، ولو أنها لم تكن تصل إلى هذه الدرجة من التطرف عبر المطالبة بترحيلهم، تأتي في سياق يتسم بمحاربة هؤلاء المهاجرين من طرف السلطات، خاصة ما وقع مؤخرا في منطقة أولاد زيان بمدينة الدار البيضاء، بالتالي رفض هؤلاء (أصحاب الحملة) لمهاجري جنوب الصحراء هو انعكاس لسياسة الدولة في مجال الهجرة، المرتبطة بسياسة الاتحاد الأوروبي والتي يحاول المغرب توظيفها لتدعيم مواقفه داخل هذا الاتحاد، أظن أن هذا “العنف الرمزي” الموجه ضد هؤلاء المهاجرين سببه عدم نشر ثقافة حقوق الإنسان وقيم التعايش والانفتاح على الآخر المختلف، أما ترويج هذا الخطاب في هذا الوقت بالضبط، فأظن أن هناك نية للسلطات لشن حملة كبرى على هؤلاء المهاجرين ويتم التهيؤ لها عبر إطلاق مثل هاته الحملات، من خلال مجموعة من الشائعات، والتحريض، ونشر ثقافة الكراهية، لكي تخلق جوا يساعدها على التدخل بشكل “عنيف” تجاه المهاجرين من جنوب الصحراء. أيضا هناك تصور ذهني جماعي لدى المغاربة منذ القديم يربط أصحاب البشرة السوداء بالعبيد، وحتى على المستوى الثقافي نجد خطابات عنصرية حينما نتحدث عن هذه الفئة، من قبيل “عزي” أو “عبد”. نحن كحقوقيون وحقوقيات لا يمكننا إلا أن نرفض أي شكل من أشكال العنصرية تجاه أي كان، ونطالب الدولة التدخل لحماية حقوق هؤلاء المهاجرين، كما نذكر أن لها التزامات دولية مطالبة أن تجيب عليها من خلال ممارسات وقوانين، وقد طالبنا بقانون يجرم التمييز والعنصرية في الوقت الذي كان فيه مجموعة من المواطنين المغاربة يضعون لافتات مكتوب عليها “ممنوع الكراء للأفارقة” في مفارقة عجيبة، وكأننا لسنا أفارقة أو أننا من جنس آخر، في حين لا يتم التعامل بمثل هذه الطريقة مع المهاجرين من دول أوروبية.

كما أؤكد أننا سنتصدى لهذه الحملة “العنصرية”، من خلال القيام بحملة مضادة من طرف مجموعة من النشطاء والناشطات الحقوقيين في المجتمع المغربي؛ الذين سيعبرون عن رفضهم المطلق لهذه الممارسات المعادية للأفارقة من جنوب الصحراء، وسنعلن عليها قريبا للرأي العام، كما سنعبر عن مواقفنا بشكل قوي وواضح تجاه هذه الحملة.

الشيء الذي أود أن أضيفه في هذا السياق، هو أننا نعاني من ازدواجية في الخطاب، إذ نقول على المستوى الرسمي إن هويتنا المغربية تحمل جزءا من الهوية الافريقية، وأن ولنا علاقة جيدة مع أشقائنا في إفريقيا، لكن في المقابل نجد ممارسات معاكسة تماما لهذا الخطاب والتي تشجع المغاربة على “العنصرية” تجاه مهاجري جنوب إفريقيا.

3- ‎الحملة تزامنت مع خطاب للرئيس التونسي اتجاه المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء، وصف بالعنصري، فما علاقة هذا بما يقع في المغرب؟

لا أدري هل للأمر علاقة بما يقع في تونس، لأنه في نفس السياق قام الرئيس التونسي “قيس سعيد”، والذي نعتبره “ديكتاتور” الشعب التونسي الذي استفرد بالقرار السياسي داخل البلد، بشن حملة معارضة للمهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، ويربطها بالدين واللغة والانتماء بمنطقة معينة، وهو الامر الذي يتنافى مع الاتفاقيات الدولية التي تدعو لحماية حقوق الإنسان بغض النظر عن اللون، أو الجنس، أو الانتماء الوطني أو الاجتماعي، وهذا الخطاب الذي تبناه الرئيس التونسي لا يختلف عن خطاب اليمين المتطرف في أوروبا. أعتقد أن هاته التصريحات “العنصرية”، التي أدلى بها قيس سعيد، شجعت بشكل أو بآخر هذه الحملة التي أطلقها بعض المغاربة.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

2 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
متتبع
المعلق(ة)
26 فبراير 2023 16:03

هته الحملة ليست بعنصرية و لا تستهدف جميع المهاجرين الأفارقة ، بل بعض الأفراد الذين صدرت منهم سلوكات مخلة بأخلاقياتنا كمغاربة

حسن
المعلق(ة)
26 فبراير 2023 12:38

انتبهوا لما تنشرون و لا تنجروا وراء أعداء المغرب و المغاربى فمجموعة مغاربة ضد توطين أفارقة جنوب الصحراء هي مجموعة موطنها بالجزائر و تغير اسمها حسب المناسبات غرضها خلق الفتنة في المغرب و جر الشباب ضعاف العقول. تبينوا قبل النشر و السبق الصحفي

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x