لماذا وإلى أين ؟

الشِّبلان

الشاعر نبيل منصر

إلى عائشة

 

الشِّبلانِ حَلاَّ فجأة بمنزلي.
لَمْ أعرفْ كيف، ولكنْ بِمُجَرَّد أنْ فتحتُ عينيَّ
وَجدْتُ يَدَ سُهيل الضَّاحكة،
تَفتحُ لهما شُبَّاك الصُّندوق الخشبيِّ
فَيهرَعان باتِّجاهي
يَتشمَّمان يَدي وفمي
ويَلمَعُ في عَينيهما زَهوٌ طفولي صغير،
يُليِّنُ القلبَ ويُطيِّرَ عِطرَ جِنانِه
في الأرجاء.
لا أعرفُ ماذا أفعلُ ولا كيف،
أنا الذي كنتُ أراقبُ يَدَ زَوجَتي
وَهي تُطعِمُ الفأرَ الهامْستر
تُخرجُه لِيتشمَّس قليلاً على راحةِ يَدِها الصغيرة
لِتُداعِبَه بِشُعاعٍ وبَسمةٍ من عينيها،
وهي تنظر إليَّ عاتبَة
بُرودةَ أصابِعي والنَّزْرَ مِن عاطفتي تجاهَ هذا الكائن،
الذي يُصابُ بِدَورِه بالمَنْخوليا،
ويَهرَعُ طيلةَ ساعاتٍ بأكملِها
لِيتزحْلَقَ على دَوَّامَتِه السيَّارة المعلَّقة بالسَّقف
وعندما يَيأسُ مِن حَركاتِه التي لا تُفضي
إلى جُحْرٍ أو تلٍّ ـ
حَركاتِه المجانية التي تَبْعثُ الأرقَ في كُلِّ خَليَّة مِن جَسدي،
يَنهمِكُ على الأسلاك عَضّاً
يُسمَعُ صَريرَه في كُلِّ أرجاءَ البيت
يَسْتمِرُّ الأمْرُ لحظةً طويلة
وكأنَّ الجيرانَ قَدْ شَغَّلوا في وَقْتٍ مُتأخِّر
مِن ليالي البرد
آلةَ حَفْرٍ لِتعليقِ إطار لَوْحَةٍ شَعْبِية
أوْ إصلاح رَشَّاش الحمَّام.
تأخذُني عَيني في جَولةٍ شائكة بِصَحراء النَّوم،
وإذ أفتَحُ عَينيَّ تلبيةً لِنداء سِرِّي ومجهول
جاءَني في وقتٍ بين الأوقات،
أجدُ هذين الشّبلين
يَهرعان باتِّجاهي
ويدُسَّان وثبَهُما المُتوحِّشَ الخفيفَ
في فِراشي وقلبي.

* شاعر مغربي

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x