لماذا وإلى أين ؟

جدري يرصدُ تحول 8 مارس من يوم للإحتفاء بالمرأة إلى “عيد تجاري” (حوار)

تحول الثامن من مارس من كل سنة، إلى “عيد تجاري” تكثر فيه مظاهر بيع الورود والعطور والشكولاطة، للاحتفال بالمرأة، في حين أن الثامن من مارس هو اليوم العالمي لحقوق النساء سنته الأمم المتحدة للتذكير بأن النضال من أجل حقوقهن لايزال طويلا.

هناك فئة من المغاربة تنسى أو تتناسى أن المناسبة محطة حقوقية ونضالية وليست احتفالية أو موسما تجاريا اقتصاديا وفقط، ولو اجتمع الاثنان معا فآنذاك يبقى الأمر “مستحبا”، لكن شريطة أن لا تبقى العديد من النساء يعانين بأشكال وبدرجات مختلفة من التحرش الجنسي والاغتصاب، والتمييز في الأجرة، والعنف الأسري، وتزويج القاصرات، والإقصاء بشكل أو بآخر من الممارسة السياسية، وإلى غيرها من الممارسات التعسفية في حقها.

وفي هذا الصدد، يرى المحلل الاقتصادي، محمد جدري، في حوار ضمن فقرة “ضيف السبت” أن حقوق المرأة لا تزال رهينة بالتزامات الحكومة التي تتوجب ترجمتها على أرض الواقع من خلال عدد من الإجراءات، مسلطا الضوء على اليوم العالمي للمرأة من الناحية الاقتصادية وكيف تحولت المناسبة إلى مجرد محطة تجارية واقتصادية للعديد من القطاعات، بعيدا عن إجراءات تمكين النساء اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا.

نص الحوار:

أستاذ جدري أنتم كمحلل اقتصادي، كيف تقيمون اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف 8 مارس من كل سنة؟

أعتقد أن اليوم العالمي للمرأة و الذي يصادف الثامن من مارس من كل سنة، يبقى مناسبة مهمة للتذكير بأهمية حقوق المرأة و مدى أهميتها في تربية التنشئة و كذلك، مساهمتها في التنمية…. لكن، هذا لا يمنع أنه يجب علينا أن نستحضر مكانة المرأة على طول أيام السنة من خلال تعاملنا اليومي، مع البنت الطفلة، التلميذة، الطالبة، العاملة، الأم….. لأنه في اعتقادي، لا يمكن أبدا أن نحقق التنمية المرغوبة بدون مشاركة حقيقية للنساء في مختلف مناحي الحياة….

هذه المناسبة أصبحت بمثابة محطة تجارية واقتصادية للعديد من القطاعات نظرا لأن اليوم أخذ أبعاد الاحتفال وتقديم الهدايا للنساء، فإلى أي مدى تساهم هذه المناسبة في حركة الاقتصاد، خاصة وأنه يتم تسجيل ارتفاع كبير وملحوظ في أسعار الهدايا والورود والشكولاطة مع تكثيف الإقبال عليها؟

صحيح، أن هذه المناسبة أصبحت كذلك عيدا تجاريا، تنتعش فيه مجموعة من القطاعات كبيع الورود، الشوكولاتة، العطور و الهدايا….. تبقى هذه العادات الاستهلاكية، أمرا مستحبا لأنه يساهم في الرفع من رقم معاملات مجموعة من المحلات التجارية التي لا تنتعش إلا من خلال مناسبات مماثلة…. لكن، بالمقابل، يجب على أجهزة المراقبة و المنافسة أن تلعب دورها لكي لا يكون هناك استغلال مفرط لمثل هذه المناسبات من خلال الرفع غير المبرر لأسعار مجموعة من السلع و الخدمات….

في غياب تام، إن صح القول، عن التركيز في حقوقها والنهوض بمكانتها في المجتمع أو حتى مناصفتها مع الرجل في عدد من الحقوق والمكتسبات من بينها عدم تساويها معه حتى في أجرة العمل، ما المعمول، من وجهة نظركم، من أجل تمكين المرأة في حد ذاتها اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا؟

أعتقد أن حكومة السيد عزيز أخنوش لديها التزام واضح من خلال الرفع من مشاركة النساء من 20 إلى 30% مع نهاية هذه الولاية الحكومية، هذا الالتزام لا يمكن أن يتم على أرض الواقع إلا من خلال تحسين و تجويد ولوج المرأة للتعليم، لسوق الشغل و كذلك لعالم المقاولات…. و بالتالي، فإن الحكومة ينتظرها عمل كبير في كل ماىيتعلق بالمنظومة التعليمية، مدونة الشغل، تسهيل الولوج للتمويلات البنكية، التحسيس بأهمية روح المقاولة و غيرها من الأمور المتعلقة بإدماج المرأة في المجتمع، لأنه لم يعد مقبولا في مغرب 2023 أن نرى نساء يساهمن بقدر قليل في تنمية البلاد …

ككلمة أخيرة، أستاذ جدري، أول نقطة ترون أنه من الضروري تسليط الضوء عليها في سياق هذه المناسبة

البرامج الحكومية الحالية كبرنامج “أوراش” أو “فرصة” أو عند الحديث عن الحوار الاجتماعي ومدونة الشغل أو التقاعد مثلا، ألاحظ أنه لا يتم الأخذ بعين الاعتبار مكانة وحضور المرأة ضمن هذه الإجراءات الحكومية بما يليق بمكانة المرأة وفي ظل السياقات الحالية. فمثلا في برامج “أوراش” و “فرصة” يجب إعطاء النساء على الأقل نسبة 30 في المائة، أي 3000 أو 4000 مشروع يجب تخصيصها فقط لهن، للأسف الإجراءات الحكومية تسطر بعض الأهداف وتنسى تمثيلية العنصر النسوي الذي أصبح يفرض نفسه بقوة.

فعطلة الأبوة التي أقرتها الحكومة للآباء الموظفين، كان يستوجب بالموازاة معها، الرفع من عطلة الأمومة بالنظر إلى أن 96 يوما غير كافية لترك أمر ابنها وهو لا يزال في حاجة إليها، لتعود للعمل، وبالتالي فإن مثل هذه الأمور مهم أخذها بعين الاعتبار خصوصا وأن هناك العديد من النساء يعملن في بيوتهن وفي مقرات العمل، وهو ما يسمى في الاقتصاد بـ “اليوم المزدوج” لهؤلاء النسوة.

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x