لماذا وإلى أين ؟

الأندلوسي: تبُّـــون لمّح إلى إمكانية عودة العلاقات المغربية الجـزائرية (حوار)

عاد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون للتحريض ضد الوحدة الترابية للمملكة المغربية، في خرجة إعلامية على قناة الجزيرة القطرية، معتبرا أن “الحكومة الاسبانية في عهد فرانكو منحت الصحراء المغربية للجزائر سنة 1964، لكن الرئيس السابق بن بلة رفض العرض”، منتقدا في السياق ذاته قرار اسبانيا القاضي بالإعتراف بمخطط الحكم الذاتي المغربي في الصحراء.

وفي الحوار الذي أجراه رئيس الجمهورية الجزائرية بالتزامن مع تعديل حكومي شهدته حكومة الجارة الشرقية للمغرب، أكد أن العلاقات مع هذا الأخير وصلت “نقطة اللاعودة”، مشيرا إلى أن ”الجزائر تتأسف لوصول العلاقات لهذا المنحى مع الجار الغربي”.

تصريحات تبون يمكن أن نستشف منها مجموعة من المؤشرات التي يمكن من خلالها استشرف مستقبل العلاقات المغربية الجزائرية في ظل توسع الهوة بين البلدين سياسيا. ولأجل ذلك تستضيف الصحيفة الرقمية “آشكاين” في فقرة حوار ضيف السبت لهذا الأسبوع نبيل الأندلسي؛ الباحث المتخصص في الشؤون الدولية و رئيس المركز المغربي للأبحاث والدراسات الإستراتيجية ورئيس لجنة الشؤون التشريعية والقانونية وحقوق الإنسان بالبرلمان العربي سابقا.

في ما يلي نص الحوار:

بداية، كيف يمكن قراءة الخرجة الإعلامية للرئيس الجزائري في سياقها الجيوسياسي؟

الخرجة الإعلامية للرئيس الجزائري يمكن قراءتها من خلال الرسائل التي أراد توجيهها وإرسالها للداخل والخارج على حد سواء، ورغم أن المساحة الزمنية للبرنامج إستغرقها الحديث عن الشؤون الخارجية، فإن رسائلَ مكثفة وُجِّهت للداخل الجزائري من خلال استحضار خطاب المظلومية و الإستهداف الخارجي والتهديدات الأمنية، وهي محاولة لتعبئة الشعب الجزائري للالتفاف حول سياسات النظام الحاكم وكسب دعمه وتأييده، وتهريب النقاش من الأزمة الداخلية التي يتخبط فيها الشعب الجزائري إلى الأزمة الخارجية، التي تبقى العلاقة مع المغرب أحد أبرز عناوينها الكبرى، والتي وصفها الرئيس الجزائري بأنها وصلت “تقريبا إلى نقطة اللا رجوع”.

من خلال المقابلة، يتضح غياب خيط ناظم ومنطقي للقرارات المتخذة على المستوى الخارجي بالنسبة للنظام الجزائري، فعلى سبيل المثال، عندما تطرق الرئيس تبون إلى العلاقة مع فرنسا، و رغم أنه وصفها بالمتذبذبة، فإنه أشار إلى قُرب انفراج الأزمة التي نشبت بين البلدين بعدما قامت المخابرات الفرنسية، سرا بتهريب الناشطة أميرة بوراوي، المطلوبة لدى القضاء الجزائري، من الجزائر إلى فرنسا، وهو ما اعتبرته الجزائر، حينها، عملا استفزازيا ضدها، وسحبت سفيرها من باريس، الرئيس كشف عن قرب انفراج الأزمة رغم عدم صدور أي اعتذار من الجانب الفرنسي، ولم تتغير أي من المعطيات والدوافع التي أدت لقرار سحب السفير، وهو ما يعطي انطباعا على أن قرارات الخارجية الجزائرية متسمة بنوع من الإندفاع والتخبط، وقد يكون هذا أحد أسباب تغيير وزير الخارجية، الذي فشل في أكثر من ملف على مستوى العلاقات الخارجية للدولة الجزائرية.

ذكرت تغيير وزير الخارجية، فهل للخرجة الأخيرة لتبون علاقة بالتعديل الحكومي بالجزائر؟

الخرجة الإعلامية للرئيس الجزائري، وإن لم تتناول التعديل الوزاري بشكل مباشر، فلا يمكن نفي تلك العلاقة. فالتعديل شمل 11 حقيبة وزارية، ومنها وزارة الخارجية، وهذه الأخيرة كانت بمثابة المحور الذي هيمن على المساحة الزمنية للمقابلة، إن لم تكن كل المقابلة تقريبا.

طيب، بناء على ما سبق، كيف يمكن استشراف مستقبل العلاقات المغربية الجزائرية في ظل توسع الهوة بين البلدين سياسيا؟

العلاقات المغربية الجزائرية وصلت إلى الباب المسدود، وبات العداء المعلن شعار النظام الجزائري تُجاه المغرب، رغم استمرار الملك محمد السادس في سياسة اليد الممدودة والتوجه للمستقبل. لذا من الصعب الحديث عن إمكانية عودة هذه العلاقات في الأفق المنظور، لكن حتمية الجوار والمصالح الإستراتيجية المشتركة بين البلدين ستفرض تغيير الموقف وتجاوز الخلافات العميقة بين البلدين. وحتى الرئيس الجزائري عندما وصف هذه العلاقات بأنها وصلت إلى “نقطة اللارجوع”، أسبق هذا الوصف بمصطلح “تقريبا”، “وصلنا تقريبا إلى نقطة اللارجوع” يقول تبون، وهو ما يعني أن إمكانية عودة العلاقات واردة، رغم الصعوبات القائمة، حتى عند أشد المتشائمين. فالجزائر والمغرب بلدان جاران وشعبان شقيقان، ومصالحهما المشتركة أعمق من الصراع المفتعل بسبب مشكل مفتعل.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

2 1 صوت
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

2 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
احمد
المعلق(ة)
26 مارس 2023 21:30

هل اصبح تبون لغزا يلزم فك شفرته في كل خرجة اعلامية، والبحت في خطبه عن نوياه الطيبة في ما بين السطور.؟انه العبث.

Ali
المعلق(ة)
26 مارس 2023 01:26

الافضل للمغرب ان لا يعتمد بتاتا على دولة كالجزائر في مشاريعه التنموية والتجارية والاقتصادية عموما.. دولة العسكر لا فائدة ترجى منها حاليا والاتكاء عبيها اقتصاديا او حتى سياسيا سقوط في المحظور ونكسة ما بعدها نخسة

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x