2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
عاطِــلو رمضــان.. عامِلات الجنس (الحلقة3)

آشكاين/وسيم الفائق
يأتي شهر رمضان مرة كل سنة، مُحَملا برموز مقدسة، بطقوس دينية وعادات شعبية، شهر يستثمره المسلمون للعبادة والتقرب من الله، والإكثار من الطاعات، بينما يستغله آخرون لمضاعفة مداخيلهم من أعمال تجارية، مستفيدين من تهافت الناس على الأسواق، وهوس الاستهلاك المفرط.
وفي هذا الشهر كذلك، يفقد بعض الناس عملهم، وأخرون تغلق أبواب رزقهم المعتادة، فيما تصبح أنشطة أخرين محظورة، وتفرض على العاملين والعاملات بها “العطالة”.
“عاطلو رمضان”، سلسلة رمضانية ارتأت جريدة “آشكاين” أن تسلط من خلالها الضوء على فئة من الأشخاص يضطرون إلى التخلي عن أعمالهم التي يزاولونها طوال السنة خلال شهر رمضان، سلسلة تحاول رصد واقع هذه الفئة خلال رمضان، وذلك من خلال شهادات حية.
بائعات الهوى: بين مطرقة “الفقر” وسندان “البحث عن عمل”
تتمة.. خلال زيارة ميدانية، للحديث مع بعض هؤلاء النساء، حول تفاصيل معيشهم، وكيف يدبرن أيام رمضان بدون عمل، وهل يلجأن لأعمال بديلة، تصادفنا مع إحداهن (لطيفة 28 عاما)، قبلت الحديث معنا. هي كالأخريات تماما، وجهها مشوه لا يخلو من ندبات وجروح عميقة، وجه يتحدث عن واقعها قبل أن تنبس ببنت شفة، تقول إنها في رمضان تغادر المدينة، وتعود إلى القرية حيث تعيش أمها، التي تأكل من مال ابنتها لطيفة، خلال حديثها -الذي كان مضطربا و تتلعثم في كثير من الأحيان خوفا من شيء ما- أكدت لنا حديث “حليمة” السابق، حيث قالت: “أنصت إلي يا صديقي، لا تدع أي أحد يوهمك بكلام فارغ، فنحن أعلم بما يحدث في عالمنا، عالمنا بعيد تماما عما تعيشونه أنتم، لدي صديقاتي اللائي ما زلن في مقتبل العمر، واللائي استطعن في مدة قصيرة أن يحصلن على زبائن أثرياء، يعملن في رمضان، نعم كما تسمع، أقسم لك، وماذا تود منهن أن يفعلن؟ أيسرقن؟ يمتن جوعا؟.. ليس لدينا ما نقوم به ولا ما نبيعه، إلا هذا الجسد نبيعه، ونتاجر به، ونحصل به على ما يسد رمقنا”.
تتابع لطيفة حديثها بألم و حسرة: “أما أولئك اللائي يعملن في رمضان يا أخي، فأنا ضدهم تماما، لكن دعنا نرى الأمور من زاوية مختلفة، الخبز والمال والمبيت والسترة، لن يوفرها لك أحد، ولن يحك لك جلدك إلا ظفرك، دعني الآن من “حرام” و “حشومة”، نعم حرام، لكن هؤلاء إذا بقين دون عمل ودون مال، فحتى الكلاب في الشارع لن تنظر لهم، فما بالك بالبشر”.
هكذا كانت مواقف هؤلاء النساء العاملات في الجنس، منهن من اعترفن بصدق و وجه لا يحمر خجلا، أن هذا العمل يستمر في رمضان، بل يتضاعف لدى بعضهن (المشتغلات في الدعارة الراقية)، و منهن من اعتبرن شهر رمضان “ضرر” بالنسبة لهم على المستوى المادي، رغم أنهم يعيشون أجوائه مثل الجميع، إلا أنهم يفقدن فيه نصف الدخل الشهري، أو أكثر بقليل، ويعانين طيلة شهر من “فقر” ممزوج “باضطرابات نفسية”، اللهم بعض النساء اللواتي يدخرن بعض الدراهم، ويخصصنها لهذا الشهر، بينما تبحث بعض النساء عن بدائل كيفما كانت وبأي ثمن كان، فيما تتقبل أخريات الوضع كما هو، ويستسلمن لحالهن، يقضين الشهر عند أحد أفراد عائلتهن أو يأخذن دينا من أحد معارفهن، أو يقصدن المساجد و يتحولن من “عاهرات” إلى “متسولات”.