لماذا وإلى أين ؟

عاطــلو رمضان… عُـمّال الحــانات (الحلقة الخامسة)

آشكاين/وسيم الفائق

يأتي شهر رمضان مرة كل سنة، مُحَملا برموز مقدسة، بطقوس دينية وعادات شعبية، شهر يستثمره المسلمون للعبادة والتقرب من الله، والإكثار من الطاعات، بينما يستغله آخرون لمضاعفة مداخيلهم من أعمال تجارية، مستفيدين من تهافت الناس على الأسواق، وهوس الاستهلاك المفرط.

وفي هذا الشهر كذلك، يفقد بعض الناس عملهم، وأخرون تغلق أبواب رزقهم المعتادة، فيما تصبح أنشطة أخرين محظورة، وتفرض على العاملين والعاملات بها “العطالة”.

“عاطلو رمضان”، سلسلة رمضانية ارتأت جريدة “آشكاين” أن تسلط من خلالها الضوء على فئة من الأشخاص يضطرون إلى التخلي عن أعمالهم التي يزاولونها طوال السنة خلال شهر رمضان، سلسلة تحاول رصد واقع هذه الفئة خلال رمضان، وذلك من خلال شهادات حية.

رمضان فرصة “عمال الحانات” للتعبد إلى الله

آخر يوم له في الحانة، لم يبق لرمضان سوى أربعة أيام، ينظر للكراسي الفارغة بحسرة، يقضم أظافره يده اليمنى، ويدخن سيجارة باليسرى، يفكر في القادم من الأيام، في أمه التي نصحته قبل سنوات أن يجد له عملا آخر، لم تتقبل أبدا فكرة أن ابنها يكسب ماله ويعولها، بتقديم الخمر للسكارى والعمل في “الحرام”.

الحسين أب لثلاثة أطفال، إذا أضفنا أمه التي تسكن معه منذ أن توفي والده، يصير العدد أربعة أطفال، يقول في حديثة لـ”آشكاين”، إنه يحمل عبء أسرته مما يناله من “الخمارة” وما تجود به عليه جيوب “المخمورين”، هو أيضا، لا يتقن أي حرفة، ولم يتعلم أي حرف، اللهم بعض السور القرآنية القصيرة التي علقت في ذهنه، مما حفظه على لسان “الفقيه” أيام كان طالبا في “المسيد”.

أما عن رمضان، يقول الحسين (اسم مستعار)، “هذا شهر رحمة ومغفرة، أنا شخصيا أعتبره بمثابة عطلة، هو “شهر الله”، لا أعمل فيه، ولا أقوم بشيء آخر سوى التعبد إلى لله “، يقول إنه رغم “تضرره” من الناحية المادية، إلا أنه دائما يجد حلا دون حتى أن يفكر، يردد دائما “الرزاق هو الله ماعند العبد مايعطيك”.

“حقا في رمضان، نحن الذين اخترنا أن نعمل في مثل هكذا أعمال ، نُلقى إلى الشارع، نُطرد بشكل جماعي، من عاملات التنظيف في “البار” وصولا إلى عبد ربه الضعيف هذا، أي نعم تدور بنا الدوائر، ولا نملك لأمرنا شيئا، لكننا نسايره يوما بيوم، ولأننا “غا ولاد باب الله” فتكفينا القليل من الدراهم، ونقنع بأي شيء، يمكن أن نعيش يوما كاملا بثلاثين درهما، نحن لسنا من أولئك الذين لا تهنأ لهم عيشة، ولا يهدأ لهم بال إذا لم يخسروا خمسمائة درهم في اليوم أو أكثر”.

هذا الأمر أكده لنا “البارمان” عزيز (اسم مستعار)، يقول ضمن شهادته لجريدة “آشكاين”، وهو الذي قضى نصف عمره ساقٍ يرتحل من حانة لأخرى، ونادل من مقهى إلى مطعم، وقد تجده “جرسون” يقدم الأطعمة في الأعراس والحفلات، (يقول) “نعم هناك من يستغل شهر رمضان للتعبد، بل هناك من يشتغل معنا في “البار” لكنه لا يفرط في أداء فريضة الصلاة بشكل مستمر، نعم يعمل في “الحرام” لكنه يحافظ على دينه”.

يضيف: “أما في رمضان فلا يمكن أن أجزم أن الجميع يجلس دون عمل، الأمر يتعلق بالعقليات، هناك الكسول وهناك الذي لا يقبل أن يبقى عالة على أسرته وعلى المجتمع، أنا مثلا أبحث عن عمل في نفس المجال الذي أشغله، أبحث عن مقهى أعمل فيه كنادل أو عن بعض منظمي حفلات أعياد الميلاد، أو أشتغل في أي عمل، المهم أن أجلب المال ولو كان هذا المال “في فم سبع”.

أنا أيضا أبحث عن أعمال ترقيعية نعم، لكن “اللهم العمش ولا العمى”، وأصر أن أقضي عملي خلال رمضان في الصباح، كي أتفرغ مساء للعبادة، ولحضور صلاة التراويح مع الجماعة، فرمضان يأتي مرة واحدة، وعلى الواحد منا أن يستغله”.

يتبع…

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x