2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

آشكاين/وسيم الفائق
يأتي شهر رمضان مرة كل سنة، مُحَملا برموز مقدسة، بطقوس دينية وعادات شعبية، شهر يستثمره المسلمون للعبادة والتقرب من الله، والإكثار من الطاعات، بينما يستغله آخرون لمضاعفة مداخيلهم من أعمال تجارية، مستفيدين من تهافت الناس على الأسواق، وهوس الاستهلاك المفرط. وفي هذا الشهر كذلك، يفقد بعض الناس عملهم، وأخرون تغلق أبواب رزقهم المعتادة، فيما تصبح أنشطة أخرين محظورة، وتفرض على العاملين والعاملات بها “العطالة”. “عاطلو رمضان”، سلسلة رمضانية ارتأت جريدة “آشكاين” أن تسلط من خلالها الضوء على فئة من الأشخاص يضطرون إلى التخلي عن أعمالهم التي يزاولونها طوال السنة خلال شهر رمضان، سلسلة تحاول رصد واقع هذه الفئة خلال رمضان، وذلك من خلال شهادات حية.
البار مؤسسة خيرية لدعم عمال الحانات
بقدر ما تزدهر أعمال معينة في رمضان -التي غالبا ما تكون لها علاقة بما يحشره الناس في بطونهم من مأكولات ومشروبات- بقدر ما تنقرض أعمال أخرى، أبرزها “العمل في البار”، كما رأينا في الحلقات السابقة.
خلال رحلة البحث عن شهادات، على لسان أشخاص يعملون في “الحانات”، أو تربطهم علاقة مهنية بمجال “المشروبات الكحولية”، استقر بنا الحال في مقهى بالقرب من “البار” الذي يشتغل فيه لعربي (اسم مستعار)، رجل يبدو من ملامحه أن عمره قفز فوق الأربعين، تحت وجهه آثار جرح قديم، عاش حياته متنقلا بين القرية، حيث قضى طفولته، والمدن الكبيرة، إلى أن وجد نفسه ذات يوم يعمل في البار، ومنذ ذلك الحين وهو يسقي الناس خمرا، غير آبه بما يقول عنه الناس في قريته.
يحكي أنه خلال شهر رمضان ينقص راتبه الشهري من 50 إلى 60 في المائة، يردف “هذا إن وجدت عملا بديلا، أما من لا يجد عملا، فكان الله في عونه”.
يضيف كلامه بصوت خافت، يلوك كلماته دون أن يبيِّنها، ويضرب لها ألف حساب قبل أن ينطق بها “هناك بعض الزبائن ممن أنعم عليهم الله باليُسر والمال، يدركون جيدا أننا لا نشتغل خلال شهر رمضان، فيُغضق عليك أحدهم بشيء من المال، هذا أمر وقع معي في أكثر من مرة، خصوصا خلال المناسبات الدينية، وبالأخص في شهر رمضان وعيد الأضحى”.
ليست الحانة مجرد مكان يفقد فيه الناس وعيهم من فرط الشراب، إنما يتحول، حسب شهادة لعربي، إلى “مؤسسة خيرية”، وهو ما يزكيه قول لعربي، بتقديم إعانات مادية من طرف مجموعة من الزبائن. “عادة ما يعطونك إياها وهم في كامل وعيهم”، يضيف المتحدث ذاته.
يسترسل في حديثه، وهو يفرق نظراته على زوايا المكان، ويلتفت يمينا وشمالا، كما لو أنه يفشي سرا عظيما: “حنا مول الشكارة (يقصد صاحب الحانة) مكيعطينا تا ريال… أما مُرتادو الحانة فلا يكون دعمهم دائما “نقدا”، هناك بعض الناس، جزاهم الله خيرا، يتوسطون لك في العثور على عمل مؤقت، أو يدعوك أحدهم للعمل عنده أو عند أحد أصدقائه (إن كنت تتقن عملا آخرا)، كل حسب رزقه، وكل منا ترسله الحياة حيث شاء له قدره أن يكون”.