لماذا وإلى أين ؟

 عاطِــلو رمضان…”ترمضينة من نوع آخر” (الحلقة الثامنة):

آشكاين/وسيم الفائق

يأتي شهر رمضان مرة كل سنة، مُحَملا برموز مقدسة، بطقوس دينية وعادات شعبية، شهر يستثمره المسلمون للعبادة والتقرب من الله، والإكثار من الطاعات، بينما يستغله آخرون لمضاعفة مداخيلهم من أعمال تجارية، مستفيدين من تهافت الناس على الأسواق، وهوس الاستهلاك المفرط. وفي هذا الشهر كذلك، يفقد بعض الناس عملهم، وأخرون تغلق أبواب رزقهم المعتادة، فيما تصبح أنشطة أخرين محظورة، وتفرض على العاملين والعاملات بها “العطالة”. “عاطلو رمضان”، سلسلة رمضانية ارتأت جريدة “آشكاين” أن تسلط من خلالها الضوء على فئة من الأشخاص يضطرون إلى التخلي عن أعمالهم التي يزاولونها طوال السنة خلال شهر رمضان، سلسلة تحاول رصد واقع هذه الفئة خلال رمضان، وذلك من خلال شهادات حية.

ترمضينة العطالة

الشخصية التي يصفها المغاربة بـ”المرمضنة” لا تكون في مجتمعنا دائما شخصية “جائعة/صائمة” أو “مقطوعة (مقلع عن مسببات الإدمان)”. العاطل عن العمل هو الآخر أحد الشخصيات “المرمضنة” خلال شهر رمضان، على أهبة استعداد لتبادل السب والشتم، وحتى القتل إن اقتضى الأمر ذلك، ليس تحت ذريعة الصيام، أو بسبب الإمساك عن تعاطي بعض مسببات الإدمان، بل إن مصدر “عدوانية سلوكه” ينبع من شعوره بالنقص، وكونه إنسانا “مُعطلا”.

الإنسان الذي يفقد عمله خلال شهر رمضان، يضيف إلى لائحة المُبررات لعدوانية سلوكه خلال “شهر الصبر”، مبرر “الشوماج”، ويصير فقدانه لعمله حجة جاهزة لتصريف كل تمظهرات عنفه بأشكاله المتنوعة المادية منه و الرمزية.

“أما الإنسان الذي تجتمع فيه شروط وُجوبِ “الترمضينة”، كأن يكون الشخص مدمنا ومعطلا في الآن ذاته، فهو يتحول  لـشبيه بــ”قنبلة موقوتة”، يمكن أن يتم تفجيرها بأتفه الأمور؛ بكلمة واحدة فقط، بإشارة، أو حتى بنظرة”. هذا ما حاول أحد المشاركين في هذه السلسة، أن يبلغنا إياه، مؤكدا لنا -وهو نادل في حانة شعبية لا يعمل في رمضان- أنه و أمثاله، الذين أدمنوا مدخولا شهريا يُجَذفون به قارب حياتهم، يشعرون بـ”القطعة” تماما كما يشعر مدمن “الحشيش” أو “المخدرات” بالتوتر والعصبية بسبب إقلاعه عن تعاطيها.

خلال رحلة بحثنا عن شهادات من أناس يفقدون عملهم في رمضان، طرحنا، من بين أسئلتنا، سؤالا حول “شعور المعطل حالما يفقد مصدر رزقه”، عن هذا السؤال يجيب مُراد (اسم مستعار) في حديثه لـ”آشكاين” قائلا: “تشعر بـ”القطعة” (يقصد بها كل الآثار التي ترافق سلوك المدمن من ارتفاع منسوب التورتر والقلق…)، تحس أنك ضعيف، تُستفز مشاعرك، وتفقد أعصابك لأتفه الأسباب، خصوصا عندما تُشحن مشاعرك، ويُحمل صدرك بما لا يطيقه من “حشيان لهضرة”، كأن تسمع زوجتك تقارنك بـ”أسيادك” الذين يعملون وبك أنت المستلقي أمامها، ألا يَضُر هذا بخاطرك يا أخي؟”.

يردف مراد قائلا: “الجيب خاوي، والفلوس ماكايناش راه كاتحس بالخنقة…العمل، كيف ما كانت طبيعته، يُلهيك عن المصائب، ويغنيك عن الناس، ويرفع شأنك في أعين عائلتك وأسرتك، أما حين تفقده، حين تفقد المال يا أخي، فإنك و الكلب الأجرب سيان، لا فرق بينك و بينه”.

يسترسل في حديثه، وقد بلغ من التوتر والارتباك أنه نسي تماما ما كان يود قوله، يتلعثم في حديثه، ويعض شفته السفلى ممتعضا، كلما تذكر موقفا شاذا طرأ معه سابقا، يقول: “قلة مايدار تقتل، وأن تبقى طول النهار هكذا مسندا ظهرك إلى حائط “الحومة”، تتأمل الوجوه والمواقف، فهذا أخطر ما في الأمر، لأنه يجعلك أكثر عرضة للنزاعات والاقتتال مع أمثالك ممن يصابون بفيروس “الترمضينة” خلال شهر رمضان”، يضيف “رحم الله من قال إن العمل عبادة، حقا إنه عبادة، ينسيك شؤون العباد، يشغلك بنفسك عن الآخرين، ينهى عن فحشاء الصراعات التافهة، ومنكر الجدالات العقيمة”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x