2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

هي قضايا ظلت ملفاتها رهينة الرفوف لسنوات عديدة، حتى صارت من ”المنسيات”.
بعضها فتح فيها تحقيق ولم يخلص إلى النهاية رغم طول السنين، وأخرى تعالت أصوات مٌطالبة بفتح تحقيق بشأنها، إلا أن ذلك لم يتم إلى أن طالها النسيان ولم يعد أحد يذكرها أو يتذكرها.
”قضايا منسية”، سلسلة تنشر على شكل حلقات طيلة شهر رمضان، تنفث الغبار عن ملفات ثقيلة، سياسية، اجتماعية، حوادث خلفت ضحايا بالجملة، وقف أمرها عند بعضها حد ”فُتح فيها تحقيق”.
الحلقة التاسعة: زيت ”الميركان” الذي تسبب في موت وشلل آلاف المغاربة
قبل 64 سنة من الآن، استفاق المغاربة على أفجع كارثة غذائية في تاريخ بلدهم، حين كان 20 ألف منهم، ضحايا زيوت مسمومة، مات عديدهم، فيما أقعدت البعض الآخر على كراسي متحركة، بينهم أطفال صاروا شيوخا الآن، ولا يزالون في مطاردة لحقهم في التعويض و في محاولة الكشف عن الحقيقة.
تعود تفاصيل الحكاية، حين تم خلط زيت المائدة ”غزال” بمواد كيماوية سامة و خطيرة جدا، وتم بيعها بأرخص الأثمان في مدن عديدة كالدار البيضاء و مكناس وسيدي سليمان و سيدي قاسم…، لتقع الكارثة الكبرى.
وحسب المعطيات المتوفرة عن الحادث، فإن الزيوت التي ذهبت إلى بطون المغاربة، وخلفت ما خلفت من قتلى و معطوبين، تم خلطها بمواد كيميائية تستعمل في صيانة محركات الطائرات التابعة للقوات الأمريكية، إبان أوج الحرب العالمية الثانية سنة 1942، بالقاعدة العسكرية الجوية بمدينة القنيطرة، ليترك الأمريكان تلك المواد ويخلطها ”الغشاشون” الساعون وراء الربح بزيوت الطهي، وتوجيهها للمغاربة قصد استهلاكها، لذلك أضحت تلك الفاجعة تنعت بـ ”زيت طيارات الميركان”.
وضجت المسشتفيات وقتها بآلاف المصابين بحالات التسمم الخطيرة، جراء تناولهم لتلك الزيوت المسمومة. بعضهم قضى نحبه في حينه والبعض الآخر مات بعد سنوات حاملا معه إلى قبره عاهات مستديمة، فيما العشرات من المتبقين، لا يزالون يُطالبون بالكشف عن ”الجهة المجهولة” التي كانت وراء الفاجعة، داعين إلى الإنصاف.
نظموا وقفات احتجاجية، طيلة السنوات الأخيرة أمام أمام مقر وزارة الإقتصاد والمالية بالرباط، للمطالبة بالتسوية المالية لملفهم جراء تضررهم من استهلاك تلك الزيوت المسمومة، التي تسببت لهم في عاهات جسدية حولت حياتهم إلى جحيم، كان آخر تلك الوقفات خلال بداية 2021.
لا شك في ان المسؤولين عن مثل هذه الفواجع هم تماسيح كبير وضخمة لا يمكن ترويضها ولا الاقتراب منها …واليوم التاريخ يتكرر مع ورثتهم …يتلاعبون اليوم بقوتنا كيفما شاؤوا ..