لماذا وإلى أين ؟

قضايا منسية.. اختلاس مليارين من دعم دقيق الفقراء المغاربة (الحلقة 15)

هي قضايا ظلت ملفاتها رهينة الرفوف لسنوات عديدة، حتى صارت من ”المنسيات”.

بعضها فتح فيها تحقيق ولم يخلص إلى النهاية رغم طول السنين، وأخرى تعالت أصوات مٌطالبة بفتح تحقيق بشأنها، إلا أن ذلك لم يتم إلى أن طالها النسيان ولم يعد أحد يذكرها أو يتذكرها.

”قضايا منسية”، سلسلة تنشر على شكل حلقات طيلة شهر رمضان، تنفث الغبار عن ملفات ثقيلة، سياسية، اجتماعية، حوادث خلفت ضحايا بالجملة، وقف أمرها بعضها حد”فُتح فيها تحقيق”.

الحلقة الخامسة عشر.. اختلاس مليارين من دقيق المغاربة

يعد واحدا من أطول ملفات الفساد رواجا داخل محاكم المملكة، يعود تاريخه إلى سنة 1997، حين تقدمت وزارة الفلاحة بشكاية ضد مسؤولين بالجمعية المهنية لأرباب المطاحن.

واتخذت القضية، التي ستعرف فيما بعد بملف ”اختلاسات مطاحن المغرب”، حجما أكبر من المتوقع، حين خلصت التحقيقات إلى أن المتابعين بددوا أموالا عمومية قدرت بحوالي ملياري سنتيم، في إطار دعم الدولة لهذه الجمعية في إطار صندوق المقاصة كل سنة.

وتبين، وفق شكاية وزير الفلاحة حينها، حسن أبو أيوب، أن ذلك الدعم لا يذهب لصالح الدقيق الممتاز، الموجه للمغاربة المعوزين،  وهو ما أثبتته محاضر المجلس الإداري للجمعية في يناير 1994، التي جاء فيها أن المكتب الوطني للحبوب والقطاني يعتبر أن متوسط المردود الوطني يبلغ 78 في المائة حسب تصريحات مهنيي المطاحن، في حين يجب أن يكون هذا المتوسط في حدود 74 في المائة، أي بفارق 4 نقط، وهي الحصة التي تحصل عليها المطاحن وتعادل 640 مليون درهم.

وتوبع في الملف، الذي عمر في غرف المحاكم قرابة 25 سنة، رئيسين سابقين للجمعية المغربية لأرباب المطاحن، وأمين مالها.

ويحاكم المتهمين الثلاثة، طيلة سبع سنوات، غيابيا، بعد أن تمكنوا من الفرار إلى خارج الوطن، إلى أن صدر في حقهم الحكم الغيابي بالسجن 15 سنة نافذا لكل واحد منهم سنة 2004، من طرف محكمة العدل الخاصة بالرباط سابقا والتي كانت مكلفة بجرائم الأموال والاختلاس.

سنة قبل ذلك، عاد المتهم الرئيسي، أي رئيس ”مطاحن المغرب” السابق إلى أرض الوطن، بعد حصوله على ضمانات بمتابعته في حالة سراح، وهو الذي فر باتجاه العاصمة الإسبانية مدريد في عام 2000، قبل يومين من صدور مذكرة توقيف في حقه، في حين توارى المتهمين الآخرين إلى يومنا هذا عن الأنظار.

فتح الملف بشكل غريب من جديد خلال سنة 2008، بعد أربع سنوات من إصدار الأحكام الجنائية الابتدائية في حق المتهمين فيه، حيت أعلنت الغرفة الجنائية الابتدائية باستئنافية البيضاء حينها، أنها ستشرع في النظر في ملف المتهم الرئيسي الغالي السبتي، في إطار متابعته ضمن ملف “اختلاسات مطاحن المغرب”، ليحال، من جديد، على غرفة الجنايات الاستئنافية.

وقضت ذات المحكمة سنة 2018، بتخفيف العقوبة السابقة من 15 سنة إلى 3 سنوات فقط، مع إرجاع أقل من 500 مليون سنتيم من أصل مليارين للدولة ومؤسساتها، وهو ذات الحكم الذي أيدته محكمة النقض، ليسدل الستار على واحد من أقدم ملفات تبذير المال العام بالمغرب، بهذا الشكل

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

1 تعليق
Inline Feedbacks
View all comments
مريمرين
المعلق(ة)
9 أبريل 2023 13:06

واش هاد شي معقول ؟!! جوج دلمليار رجاع منها السارق 500مليون !! السارق هو الرابح.
أهكذا تستباح أموال المواطنين ؟؟؟

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x