لماذا وإلى أين ؟

بوطيبة: الحُــكومة تتعاملُ بطريقــةٍ رأسمالية صِـرْفة و عليها منحُ مساعداتٍ مالية للأُسـر لتجاوُز أزمة الأسـعار

لا تزال الوعود التي قطعتها الحكومة على نفسها لتجاوز “أزمة الأسعار” التي يعيشها المغرب ويكتوي بلهيبها جيب المواطن المغربي، (لا تزال) لم تبرح مكانها، بل صارت تغذي فتيل “الإحتقان الإجتماعي” الذي تجلى من خلال دعوات للإحتجاج على الغلاء بمختلف مدن المغرب.

الخرجات المتوالية للحكومة، و أعضاء بأغلبيتها، والتي كانت في معظمها متناقضة، تجعل مُتابعَ الشأن السياسي يطرح علامات استفهام عمّا إن كانت الحكومة عاجزة عن توفير حلول آنية و ظرفية لتجاوز هذه الأزمة، و هو ما يحتم علينا التساؤل عن الخيارات الراهنة المتاحة أمام الحكومة لنزع فتيل الاحتقان”.

وفي هذا الصدد، أوضح الخبير الإقتصادي أستاذ الإقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط، علي بوطيبة، أن “مشكل الحكومة هو أن نشأتها ليبرالية في الأصل مكونة من رجال الأعمال، ومن حقهم لأن كل واحد يدافع عن نفسه، و إذا رجعنا إلى قانون المالية سنجد أن الضرائب ارتفعت والكل تضرر منها كبارا و صغارا”.

الخبير الاقتصادي أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط، علي بوطيبة

وشدد بوطيبة في تصريحه لـ”آشكاين”، على أنه “عندما نصل إلى هذه الأزمة نجد أن الحكومة بفكرها التدبيري تريد أن تخرج من الأزمة دون أن تخسر المال، أي أنها تريد أن تخرج ميزانية الدولة قوية في عز الأزمة، و هذا الأمر إذا نجحت فيه حكومة المغرب فستدرس في أدبيات الإقتصاد، لأنه لا يمكن في عز الأزمة أن تخرج منها الدولة دون ديون”.

موردا أنه “عادة في حالات الأزمة تتدخل الدولة لتساعد من أجل الموازنة لكي تعطي الإنطلاقة للاقتصاد، لأن ما يميز الوقت الذي نحن فيه هو وجود ركود و تضخم، وهذان لا يمكن أن يجتمعا في الإقتصاد، إذ عندما يكون تضخم يكون الطلب مرتفعا، وعندما يكون الركود يكون الطلب منخفضا، ولكن الآن نلاحظ العكس، الطلب منخفض و التضخم، كما أن آليات السوق لم تتمكن من الحفاظ على التوازن، لذلك، فيبقى حل واحد هو أن تتدخل الدولة”.

وأشار إلى أن “الدولة تدخلت في المغرب مؤخرا في حالة كورونا، من خلال مشروع صاحب الجلالة الذي تم من خلاله تقديم الدعم المالي مباشرة للأسر، لذلك لم نحس بأزمة كورونا، لأن الدولة أحدثت صندوق التضامن، والآن جاء وقته، و لكن على الحكومة أن تشتغل و ليس أن تنتظر صاحب الجلالة، لأن هذه الحكومة تدعي أنها حكومة كفاءات ويجب أن تبدع الحلول قبل أن نقترحها نحن”.

وأردف أن “من الحلول المقترحة أن يكون الدعم مباشرا للأسر و ليس للشركات، لأن الأسر هي المتضررة، ولا بد من حصر و ضبط سلاسل التوزيع في جميع المنتجات، لأن ما يقع عبارة عن فوضى، لأنك تجد سبعة إلى ثمانية وسطاء، ولا يجب أن تعاقب الدولة التجار الصغار، مثلا بائع خضر يبيع البطاطس بـ12 درهما لا يجب معاقبته لأنه في الأصل اشتراها بـ11 درهما، بالتالي يجب أن يعاقب التجار الكبار”.

وأكد على أن “الدولة رغم إعلانها في وقت سابق أنها منعت التصدير إلا أنها لم تمنعه فعليا، لأن ما يقع في الكركارات يؤكد عدم منعه، ويمكن أن يكون هذا المنع قد شمل فقط الموانئ بينما لم يشمل الطرق البرية”.

وأضاف أنه “على الدولة أن تشجع التجارة الإلكترونية لأنها تقضي على الوسطاء نهائيا، وهذا الأمر قد ارتفع بشكل كبير في كورونا، من خلال ما سمي القفة الإلكترونية مثلا، و أصبح التوزيع مباشرة من المنتج إلى الموزع”.

و تابع “أنه لا بد للدولة أن تخفض من الضرائب المفروضة على المواطنين، لأنه يجب أن نستوعب أنه إذا لم تكن هناك طبقة متوسطة فلن يكون هناك استهلاك، وإذا لم يكن هناك استهلاك فلن يكن هناك تطور، والحال عكس ذلك إذ أن الدولة و كأنها بهذه الإجراءات تقضي على الطبقة المتوسطة، فأصبح المقاول الذاتي مجبرا على أداء الضريبة مثلا”.

ويرى بوطيبة أن “هذا فكر رأسمالي محض يشجع أصحاب الشركات الكبرى، وهذا أمر طبيعي في الحكومة الحالية، لأن رئيسها ومن معه كلهم أصحاب مصانع أو مستخدمين لدى أصحاب المصانع”.

وخلص المتحدث إلى أن “الحكومة الحالية يلزمها القليل من الجانب الإجتماعي، بحيث عليها أن تجلب نقابات أو أحزاب و مسؤولين لديهم نبرة اجتماعية، أي أن تكون للمسؤولين خلفية يسارية سواء المسؤولين النقابيين أو غيرهم لأنه عندما نلاحظ طريقة تعامل الحكومة نلاحظ انها رأسمالية صرفة، وهذا لا يمكنه أن يعطينا حلولا”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
احمد
المعلق(ة)
9 أبريل 2023 03:01

سياسة الصدقات والريع التي نهجها حزب العدالة والتنمية من قبلكم لا نقبلها لان فيها احتقار للمواطن وتهدف الى تجييش المحتاجبن للانتخبات، عقنا بكم، نريد
دعم اجتماعي معقلن عصري وشفاف كما في الدول التي تحترم مواطنيها.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x