2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
العالمُ السُفلي.. قصة مهرب الحشيش”إدواردو بولزون”

“العالم السفلي”؛ سلسلة قصصية مشوقة، تفتح من خلالها “آشكاين” لقرائها الكرام نافذة لاستكشاف عالم تجارة المخدرات بين شمال المغرب وإسبانيا.
من خلال هذه النافذة، تنقل الجريدة الإلكترونية “آشكاين” لمتتبعيها أحداث مشوقة من عالم التهريب الدولي للمخدرات بعضها ينبش تفاصيل ملفات معروف للعامة وبعضها خفي لا يعرفه إلا المقربون من العالم السفلي لتجارة المخدرات، إضافة إلى قصص أشخاص واكبوا وعملوا مع أكبر البارونات بمناطق الشمال والمغرب وأيضا إسبانيا.
قصة اليوم تفتح نافذة على حياة إدواردو بولزون المتهم بتهريب سبعة أطنان من الحشيش في شاحنة عبر المغرب في في اتجاه السينغال. ليهرب إلى قرطبة بعد حجز الشاحنة بالمغرب، واعتقل وهو الآن يكافح من أجل عدم تسليمه للسلطات المغربية من أجل محاكمته.
إليكم القصة :
إدواردو بولزون ، 62 عاما، متهم في المغرب رفقة سبعة آخرين بحيازة ونقل وتصدير وبيع المخدرات وانتهاك قانون الجمارك المحلي، الذي قد تصل عقوبته إلى 10 سنوات سجنا. حيث يُشتبه في أن المعني كان مسؤولا عن تحميل أكثر من 7 آلاف كيلوغرام من الحشيش في شاحنة تم ضبطها على الحدود المغربية قبل حوالي ست سنوات.
ويتم النظر في القضية من طرف قاضي المحكمة الفيدرالية في قرطبة، لتحديد ما إذا كان من المناسب إرسال بولزون – الذي يحمل جنسية مزدوجة ، أرجنتينية وإيطالية – إلى المغرب ليحاكم هناك ، أو إذا كان سيتم ترحيله في الأرجنتين.
الهروب إلى الأرجنتين
في 3 نوفمبر 2017، اعترضت أجهزة الأمن المغربية شاحنة تحمل لوحة ترقيم مغربية على الحدود الجنوبية للكركارات، وجاءت الشاحنة من أكادير وكانت وجهتها النهائية هي السنغال، بحسب مصادر استشارتها “آشكاين” حول الملف.
وخلال عملية فحص الشاحنة تم اكتشاف حوالي 7425 كيلوغراما من الحشيش، مخبأة في شحنة من جوز الهند. وبعد التحقيق مع السائق، اعترف أنه تم التعاقد معه لنقل البضائع إلى السنغال.
كما كشفت التحقيقات أن بولزون هو من حمل الشاحنة بالمخدرات و من الممكن أن يكون جزءًا من منظمة أكبر تنشط في التهريب الدولي للمخدرات. لهذا السبب، أصدر القضاء المغربي مذكرة توقيف دولية في حق الرجل وأصدر الإنتربول نشرة حمراء من أجل اعتقاله.
ومباشرة بعدما اكتشف بولزون أن الشحنة تم حجزها، شرع في تدبير أموره للفرار، ورفم أمر التوقيف من الأنتروبل، تمكن من الهروب نحو الأرجنتين.
وظل المعني هاربا لأشهر، قبل أن يقيض عليه في 9 يناير من سنة 2018 في مطار أمبروسيو تارافيلا في قرطبة، عندما نزل من الطائرة التي نقلته من مدريد. ومن اللافت للنظر أنه على الرغم من حقيقة أن الإنتربول كان يبحث عنه في جميع أنحاء العالم ، فقد استطاع أن يستقل الرحلة في مطار باراخاس ولم يكتشفه الإنتربول إلا في قرطبة.
وفي الوقت الذي تم فيه كشف الشاحنة المحملة بالمخدرات، كان بولزون يقيم في ألميريا. ويبدو أنه كان يعمل في نقل فواكه والخضروات ، حيث كان يتقاضى ما بين 1500 و 1800 يورو شهريًا، بحسب ما كشفته التحقيقات معه. لكن في الوقت نفسه، كان على ما يبدو جزءًا من شبكة لتهريب المخدرات.
كان لدى بولزون بالفعل اعتقالان وإدانات سابقتان في أوروبا، لكن لم يكن لديه سجل إجرامي في الأرجنتين كما في روما بإيطاليا، وقد تم القبض عليه في 26 سبتمبر 1997 بإسبانيا، وهناك قضى عقوبة سجنية لحيازة سحنة كبيرة من المخدرات.
وبعد ما يقرب من الست سنوات، في عام 2013، اعتقلته الشرطة الفرنسية في إطار قضية تهريب دولي للقنب الهندي، وحكم عليه في هذه القضية بتهمة نقل المخدرات.
وعند مناقشة الإفراج عن بولزون في قرطبة ، أشار أحد قضاة الغرفة ، إغناسيو فيليز فونيس ، إلى أن المتهم قد عاد إلى الأرجنتين بعد الفعل الإجرامي الذي اتهم بارتكابه في المغرب، “مما يظهر بوضوح موقف مراوغ من الخضوع لسلطات العدل بالبلد”.
وأشار القاضي إلى أنه يمكن افتراض أن عودة بولزون إلى إسبانيا “لم تكن سوى لإحباط سير الإجراءات الجنائية ضده وتقديمه إلى المحاكم المغربية”. لذلك، أشار إلى أنه في حالة الإفراج عنه، يمكن أن يحاول بولسون الهروب، وبهذه الطريقة، “يعرض للخطر” عملية تسليمه للسلطات المغربية. بينما جادل المدعى عليه بأنه يريد العودة للعيش في الأرجنتين لأن أشقائه وثلاثة أطفال وأحفاد وأبناء أخيه موجودون هناك، ومنه طلب ترحيله إلى الأرجنتين.
احتيال على العدالة
بعد محاكمات مراتونية، تم الإفراج عن بولزون سنة 2021 بكفالة بقيمة 250 ألف دولار، حيث يجب أن يستوفي المتهم من قبل المغرب سلسلة من الشروط، بما في ذلك الخضوع للمراقبة والمثول كل 10 أيام أمام المحكمة وعدم مغادرة مدينة قرطبة. كما أمر القاضي بحجب جوازات السفر الأرجنتينية والإيطالية التي بحوزته، وهي وثائق ستبقى في عهدة الأمانة الجنائية للمحكمة، إلى غاية إصدار قرار في نهائي في حقه.
واعترض المدعي العام كاساس نوبليجا، عن القرار القاضي بالإفراج عن المتهم، مشيرا إلى أن بولزون متهم بارتكاب جريمة خطيرة لأن الشبهات تضعه كعضو في منظمة مكرسة لتهريب المخدرات من المغرب إلى السنغال، والتي تضمنت تجميع الخدمات اللوجستية التي حصلوا من أجلها على وثائق تصدير البضائع والوثائق الجمركية بطرق تدليسية، كل هذه هي عوامل مشددة لجريمة خطيرة في حد ذاتها.
ورأى الدعي العام أنه من المحتمل أن المغرب لن يعطي موافقته على محاكمة بولسون في الأرجنتين فضلا عن ترحيله للبلد الذي لا يتوفر على اتفاقية لتسليم المطلوبين مع المغرب. وإذا تم الإفراج عنه، يمكنه الهرب، مما يعرض عملية التسليم للخطر.
كيف تسير القضية ؟
القضية لاتزال مستمرة إلى حدود الساعة في إسبانيا، حيث من المتوقع أن ترسل السلطات المغربية المعلومات الأساسية لبدء عملية جديدة لطلب تسليم المعني. إذ سيأخذ بولزون علمًا بالاتهام والأدلة ضده. وسيكون قادرًا على الإدلاء بشهادته، وسيُحاكم أو لا يُحاكم في نهاية المطاف، في جلسة شفوية، سيصدر القاضي بعدها قراره الأخير حول ترحيله لأي دولة.