لماذا وإلى أين ؟

المجلس الوطني للصحافة: شكلٌ جــديد من أشكال الريع في قطـاع الصـحافة

بقلم: الطيب دكار

بعد أن تم انتقاده عند إنشائه، كهيكل فريد لا مثيل له في البلدان الديمقراطية، أنهى المجلس الوطني للصحافة ولايته الأولى، دون أن تقوم السلطة الوصية، أي وزارة الاتصال، بتجديد هيئاته المسيرة في الآجال القانونية المحددة.

والأخطر من ذلك، تستعد الحكومة لتشكيل لجنة لإدارة مرحلة انتقالية، في انتظار إعادة إحياء هذه المؤسسة، وهو ما يكرس تخلي الحكومة عن أحد اختصاصاتها الأساسية المتمثل في إصدار بطاقات الصحافة السنوية التي ارتفع عددها إلى 3394 في عام 2021 ، وفقًا للأرقام الصادرة عن المجلس، مقابل 2200 فقط قبل إنشائه. دون أن تتساءل الحكومة، و بالأحرى وزارة الاتصال، عن سبب تضاعف هذا العدد مرتين تقريباً خلال الولاية الأولى للمجلس الوطني للصحافة!.
فهل السبب هو “انفجار” عدد الصحفيين أم “انفجار” عدد البطاقات المهنية!.

إذا كنا قد أعربنا منذ البداية عن تحفظاتنا على إنشاء هذا المجلس، فذلك، أولاً ، لأن لا وجود له في البلدان الديمقراطية، في شكله الرسمي الحالي، وثانيا لأن المهنة تنظم نفسها في استقلال تام عن السلطة، سواء كانت سياسية أو اقتصادية .

لقد كانت لواضعي دستور 2011 رؤيةٌ سديدة و بعيدة النظر حيث تفادوا منح هذا المجلس صبغة دستورية و اكتفوا بـ “تشجيع” المهنة على تنظيم نفسها.
وغني عن البيان أن تنظيم المهنة يخص بشكل حصري مهنيي القطاع. فالصحفيون، شأنهم في ذلك شأن الأطباء والمهندسين المعماريين والموثقين وغيرهم، يحرصون على استقلاليتهم بالنسبة للسلطة السياسية و لسلطة المال.
بل إن حرص الصحفيين على هذه الإستقلالية هو في الواقع أكبر من المهن الأخرى و ذلك لكون المهنة معرضة أكثر من أي مهنة أخرى للإغراءات السياسية و لإغراءات المال.

لذلك كان من الأفضل تشجيع الصحفيين على تنظيم أنفسهم في مجلس للأخلاقيات يضطلع بمهمة التحكيم في النزاعات بين هيئات الصحفيين والناشرين من جهة، وبين هذه الهيئات و المواطنين من جهة أخرى، من خلال خبراء في قانون الإتصال وقانون الصحافة و محامين متخصصين في هذه المجالات وأكاديميين متخصصين و جمعيات الدفاع عن الصورة و حق المواطنين في الحصول على المعلومة.

فكما هو الحال بالنسبة لجميع الهيئات المهنية الأخرى، لا يحتاج الصحفيون و الناشرون إلى معونة قاضٍ أو ممثلين عن مجلس حقوق الإنسان أو مجلس الثقافة الأمازيغية، للجلوس إلى جانبهم ضمن هيكل تمثيلي لأخلاقيات المهنة .

إن استقلالية المهنة ستكون، والحال هذه، موضع تساؤل! .
بالإضافة إلى كل هذه الملاحظات التي نوردها من أجل ضمان مصداقية الصحفيين المغاربة على المستويين الوطني والدولي، نعتقد أن مثل هذا المجلس ليست له أي مهمة تذكر و أن إنشاءه لا يعدو أن يكون شكلاً جديدًا من أشكال الريع ، ليس إلا…

● صحافي وكاتب

الآراء المذكورة في المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
احمد
المعلق(ة)
12 أبريل 2023 21:47

ماذا بعد تدهور اشكال الرقابة على الحكومة من معارضة وجمعيات الترافع ضد تبديد المال العام، واذا اضيفت الى ذالك تدجين الصحافة فرحمة الله على ما تبقى من الديمقراطية.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x