لماذا وإلى أين ؟

بوانــــو: وجدنا العجب العُجاب في تعيين الحُـكومة للأقــارب والقـريبات بالمناصب العُليا

عبد الله بوانو*

بينما كنا ننتظر إعلان الحكومة، في أعقاب اجتماع مجلسها ليوم الخميس 13 أبريل، عن تراجعها عن فضيحة نسف المجلس الوطني للصحافة، واستبداله بلجنة لتسيير قطاع الصحافة و النشر، في تحدّ غــير مسبوق لمبادئ الدستور، و للقيم الديمقراطية، وضربٍ سافر لقانون المجلس، ولمعايير التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة، أبت هذه الحكومة المهيمنة إلا أن تمعن في احتقار المغاربة، والكشف من جديد على أن أحزابها إنما تتقاسم مقاعدها لأهداف صغيرة و تافهة لا تليق بسمعة المغرب ومكانة مؤسساته ومنها مؤسسة الحـــكومة.

في الحقيقة أشعر، وأنا في المعارضة، بالحرج وبالخجل مما تبصم عليه هذه الحكومة التي قذف بها سياق سياسي معين إلى المغرب من زمن غابر، اعتقدنا أننا تجاوزناه، مستنسخة تجارب حكومية بائدة عصفت باستقرار دول في محيطنا، ولا أعرف إن كان من يقودون هذه الحكومة يطلعون على التاريخ للإستفادة من تجاربه، و يأخذوا العبرة منه، أم لا، و واحدة من هذه العبر أن صم الآذان عن نبض الشعب وآلام طبقاته الهشة، مؤذن بالخراب، وأن خدمة فئات قليلة والتمكين لها، يوشك أن ينسف السلم الاجتماعي، وأن اعتبار المناصب السياسية والإدارية في الدولة مجرد غنيمة، يوصل إلى المهالك في السياسة.

هذه نصيحة، و ليست ممارسة مشروعة للمعارضة، أرجو إذا هناك حكماء في الأحزاب المشكلة لهذه الحكومة أن يتقبلوها بصدر رحب وبأفق وطني يتعالى عن ما يمكن أن توفره المرحلة من فرص تعيين ذوي القربى السياسية، وذوي الولاء الحزبي، في المناصب العليا ومواقع المسؤولية، و يهمسوا في آذان وزرائهم بأن يكفوا عن منطق “الهمزة” لأن الوضع الإجتماعي في البلاد لا يحتمل مزيدا من الأخطاء، و مزيدا من فرض منطق الغلبة والهيمنة.

وفي هذا السياق، كيف سيتلقى المغاربة قرار المجلس الحكومي ليوم 13 أبريل 2023، بتعيين كاتب عام وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، لم يرد اسمه في لائحة المترشحين لشغل هذا المنصب، التي نُشرت قبل أسابيع وضمت خمسة أسماء لا يوجد من بينهم اسم السيد يونس السحيمي المعين في هذا المنصب، والخطير هو أن السيد السحيمي سبق أن تناولت منابر صحافية أخبارا تفيد بأنه مدعوم وموصى باسمه من طرف الأمين العام لحزب الإستقلال أحد أطراف “الترويكا” التي تسير الحكومة وتسير بالبلاد إلى المجهول، لأنه عضو بهذا الحزب دون أن يتم نفي هذا الخبر و لا توضيحه.

ودعوني أؤكد على أني لست ضد أن تتولى أطر الأحزاب السياسية مهام في الإدارة العمومية، بمختلف الدرجات والمناصب، بل على العكس، أرى أن واحدة من مهام وأدوار الأحزاب السياسية أن تكوّن وتستقطب كفاءات تمد بها الإدارة لخدمة المؤسسات، لكن هذا الإمداد يجب أن يكون وفق القانون و وفق معايير الإستحقاق والكفاءة، و ألا يتحول الانتماء والولاء الحزبي المعيار الوحيد في تولي المسؤوليات، لأن في هذا خطر ما بعده خطر على الدولة.

والغريب أن هذا التعيين يُفترض أن السيد وزير التربية الوطنية هو من اقترحه و زكاه، ونعلم جميعا أن السيد الوزير هو نفسه رئيس اللجنة التي أشرفت على النموذج التنموي الجديد، والذي جاء في فقرة “الجهاز الإداري” من تقريره العام أن “الجهـاز الإداري رافعـة جوهريـة أخـرى للشـروع فـي التغييـر و قيادتـه. ومـن شـأن هـذا الجهـاز أن يكـون محـركا أساسـيا لتنفيـذ جـزء مهـم مـن أوراش التنميـة بتعـاون مـع الفاعليـن الآخريـن، والـذي تعتبـر قدرتــه علــى الاضطــاع بهــذه الأوراش، ســواء علــى المســتوى المركــزي أو الترابــي، شــرطا لنجــاح النمــوذج التنمـوي الجديـد. قصـد الرفـع مـن فعاليتـه، يجـب أن يظـل الجهـاز الإداري بعيـدا عـن منطـق الإنتمـاء الحزبـي” (الصفحة 137).

ما هذا إذا؟ أي اسم واي صفة ينطبقان على هذه المفارقة وهذا التناقض … ؟؟

يبدو أن من يسيرون الحكومة يعتقدون بأنهم حلوا بأرض خلاء لا تاريخ لا ولا قواعد، لدرجة أنهم لا يتوانون في تعيين الأقارب والقريبات في المناصب العليا التي يدبرون التعيين فيها بالمجلس الحكومي، وقريبا سننشر في المجموعة النيابية للعدالة والتنمية دراسة في هذا الموضوع، لقد وجدنا العجب العجاب !!

في الأخير أذكر السادة رؤساء “الترويكا” الحكومية، وعموم المغاربة، بفقرة في غاية الأهمية، من خطاب في غاية الأهمية كذلك ألقاه جلالة الملك حفظه الله بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء سنة 2016، جاء فيها “إن المغرب يحتاج لحكومة جادة ومسؤولة. غير أن الحكومة المقبلة، لا ينبغي أن تكون مسألة حسابية، تتعلق بإرضاء رغبات أحزاب سياسية، وتكوين أغلبية عددية، وكأن الأمر يتعلق بتقسيم غنيمة انتخابية.”

وإن كان حديث جلالة الملك في هذه الفقرة عن الحكومة التي كانت المشاورات جارية بشأن تشكيلها بعد الانتخابات التاريخية لـ7 أكتوبر 2016، فإن العبرة من خطب جلالة الملك تتجاوز اللحظة السياسية، بالنظر إلى مكانتها التوجيهية والاستشرافية والاستراتيجية.

وها نحن بعد خمس سنوات نعيش زمن حكومة تتقاسم الغنيمة الانتخابية “على عينك ا بن عدّي”… إذا لم تستحيي فعيّن من شئت !

*رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية

الآراء المذكورة في المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

3 2 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

5 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
علي او عمو
المعلق(ة)
14 أبريل 2023 17:26

هذا هو المغرب كما عرفناه ، منذ ، زمان بعيد ، منذ الحماية الفرنسيّة و بعدها ، كان حزب الاستقلال هو الذي يتولّى ( رئاسة الحكومة ) و هو الذي يملك الأغلبيّة فيها ، يُعيِّن في المناصب العُليا أشخاصه و لا يُبالي ، لا يهمه لا دستور البلاد و لا قوانين البلاد . المهم يصول و يجول في الساحة السياسية كما يشاء و كما يُريد .

عبد ربه
المعلق(ة)
14 أبريل 2023 16:49

لو تحدث شخص اخر غير هذا المنافق ..لحاولت البحث في ما يقوله لتكوين موقف…انا وانه احد المفسدين الذين حولوا مجموعة من القطاعات الى خلايا لاذنابهم ومريديهم من العدالة والتنمية الذين يفتقرون لادنى كفاءة …اما وان هذا المسترزق المتشدق بالدين والذي يستعمله يافطة للاغتناء السريع …فكلامه كله تضليل في تضليل ….هزلت ان يصير مثل هذا العدمي ممثلا للمواطنين

محمد
المعلق(ة)
14 أبريل 2023 16:01

تذكر لما كان حزبكم الندالة و التخلف في الحكم لولايتين

الإدريسي مولاي سعيد
المعلق(ة)
14 أبريل 2023 14:47

سبحان الله في هاذ القوم وانتما طفرتوه فاش كنت في الحكومة ، على كل حال كلكم مسقيين بمغرف واحد

عبدالله
المعلق(ة)
14 أبريل 2023 14:02

انت وجهك قاسح راه كلكم بحال بحال هل نسيت ما فعل اصحابك ايام حكمكم بمن فيهم زعيمكم مع ابنائه هل نسي المغاربة كلكم سواء ولاداعي لان تمثل علينا من وصل يقتسم الكعكة مع اهله واصحابه سير ابحث على شيء اخر تزين به وجه حزبك هذا الى كان عندكم شي وجه.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

5
0
أضف تعليقكx
()
x