العالمُ السُفلي.. “الحبة الحمراء” والتهريب العكسي للمخدرات
“العالم السفلي”؛ سلسلة قصصية مشوقة، تفتح من خلالها “آشكاين” لقرائها الكرام نافذة لاستكشاف عالم تجارة المخدرات بين شمال المغرب وإسبانيا.
من خلال هذه النافذة، تنقل الجريدة الإلكترونية “آشكاين” لمتتبعيها أحداث مشوقة من عالم التهريب الدولي للمخدرات بعضها ينبش تفاصيل ملفات معروف للعامة وبعضها خفي لا يعرفه إلا المقربون من العالم السفلي لتجارة المخدرات، إضافة إلى قصص أشخاص واكبوا وعملوا مع أكبر البارونات بمناطق الشمال والمغرب وأيضا إسبانيا.
“القرقوبي” بات يطلق الآن على أنواع من الأقراص المهلوسة، لكن “القرقوبي” حقيقة أو “البولة الحمرة”، هو خليط مصنوع من الحشيش والأدوية التي يتم شراؤها في إسبانيا بوصفات طبية مزيفة، ويستعملها معظم المتعاطين في الحفلات الصاخبة، “القرقوبي” كان رائجا سنوات قبل ظهور “الإكستازي” وأنواع المخدرات الصلبة الأخرى. في هذه الحلقة من “العالم السفلي” سنتطرق للقصة المجهولة لتهريب المخدرات بالعكس، ليس من المغرب إلى إسبانيا هذه المرة لكن من إسبانيا إلى المغرب.
إليكم القصة :
يقول الشباب من مدينة “كاستييخو” أو الفنيدق إن حافظ، طالب الحقوق الشاب من طنجة، قام بقص جزء من جلد يده اليمنى لأنه كان تحت تأثير القرقوبي. يقولون أنه “كان يحتفل، وتناول ثلاث أو أربع حبات حمراء ممزوجة بالكحول وأصيب بالجنون”. فقام بقطع جلد يديه بشفرة حلاقة حادة.
كما يقال إن مجموعة من الفتيان المُنتمين إلى حركة كانت رائجة قبل سنوات تدعى “التشرميل”، وهي عصابات من الشباب من الأحياء الفقيرة المشهورة بالسرقة تحت التهديد بسيوف وأسلحة بيضاء كبيرة في جميع أنحاء البلاد، قاموا بضرب عاهرة بشكل بشع خلال ليلة خمرية لأن “الحبوب لم تعطهم النشوة بالطريقة التي أرادوها وأصبحوا عدوانيين للغاية”.
وقصص أخرى كثيرة تظهر بشاعة الأفعال التي تتسبب فيها هلوسات متعاطي “الحبة الحمرة”، دون وعيهم بما قاموا به حتى.
في شقة صغيرة في “كاستييخو”، في حي كونديسا، يجلس جلال (اسم مستعار)، ويحكي لنا أن لديه نوع من المختبر المنزلي في شقته حيث يصنع القرقوبي. يضيف أن “وصفته عبارة عن قنبلة، تتكون من ديازيبام الذي يُباع في الصيدليات الإسبانية، طحين، وكمية من الحشيش وقطرات ملون طعام أحمر”.
يستمر جلال وهو يقوم بلف سيجارة حشيش، “هذه الأمثلة العنيفة ليست الأكثر شيوعًا، فغالبية الناس الذين يستهلكون القرقوبي يحسون بالرغبة في الرقص والاحتفال، والبعض الآخر يرتاحون ويحسون بالارتخاء، يعتمد ذلك على الجرعة”.
يسترسل جلال :” كل يوم تعبر سيارات محملة بحبوب منع الحمل وحبوب الإجهاض حدود سبتة، ومقابل تسهيل عملية البيع بين البائع والشاري، يتركون لي دائمًا كمية قليلة من الأقراص كأجر أو مكافأة، والتي أستخدمها كقاعدة لصنع القرقوبي”. مضيفا :”يعش الحبوب أبيعها هنا، بينما يتم إرسال الباقي إلى مدن أخرى حيث يتم استهلاكها أكثر من غيرها من المخدرات”.
باستخدام أنبوب اختبار، يأخذ القياسات الدقيقة التي يصنع بها الخلطة بالمكونات المذكورة، ومن الخليط يصنع عدة حبوب صغيرة في قوالب، والتي يبيعها لاحقًا في الشارع مقابل 20 درهمًا للواحدة، نشوة كبيرة و رخيصة جدًا. كما يرسل كميات أخرى عن طريق مروجين يأتون من العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء، حيث يباع هذا المخدر بسهولة بين صفوف الشباب الراغبين في نشوة عابرة و بين أطفال الشوارع، الحبة الحمراء متوفرة بسهولة في الدار البيضاء مقابل 10 دراهم للحبة.
تعمل عدة عصابات إجرامية، مكونة من إسبان ومغاربة و أمريكيين جنوبيين، على تزوير الوصفات الطبية وشراء البنزوديازيبينات من الصيدليات في جميع أنحاء إسبانيا والتي ينقلونها لاحقًا إلى المغرب. يشترون كل علبة من سعة 60 قرصاً بأربعة يورو، وبمجرد نقلهم إلى المغرب، يبيعون كل لوحة دواء بثلاثة يورو، ويحققون الملايين من الأرباح. في المدن الشمالية مثل الفنيدق و طنجة وتطوان، يتم خلط حبوب البنزوديازيبين، وخاصة كلونازيبام الذي تتوفر عليه أقراص “ريفوتريل”، وهو مزيل قلق قوي مع تأثير مهدئ، مع الحشيش، لصنع كمية من القرقوبي.
وحسب صيادلة استشرناهم، فإن مادة البنزوديازيبينات تعمل بتثبيط نظام النقل العصبي الدماغي، ويؤدي التعليق السريع للدواء إلى حدوث ارتداد، مما يتسبب في فرط نشاط جميع الأنظمة التي تم إضعافها بسبب وجود البنزوديازيبينات والتي لم تعد تواجه مقاومة. فتبدأ جميع آليات الإثارة للجهاز العصبي المركزي تقريبًا في العمل بشكل مفرط ويظل الدماغ في حالة فرط الاستثارة. وهذا يولد تأثيرًا متناقضًا يختلط بمواد أخرى مثل الحشيش، ويمكن أن يسبب القلق والهلوسة والتهيج أو سلوكيات عدوانية.
